كورونا.. إنهاء الحجر الصحي والتدابير اللازمة
يعتقد علماء انتشار الأمراض المعدية أنّ مثل هذه التدابير التي سنستعرضها تساعد على تجنب موجة جديدة من الوباء الفيروسي، ربما تكون أكثر شراسة مما هي عليه الآن.
متى سيخرج المواطن من حجره الصحي متحدياً الفيروس وانتشاره، ويذهب إلى عمله لتأمين قوته اليومي من جهة، وتنمية اقتصاد بلاده من جهة أخرى؟
كيف لنا أن نعيش دون العيش؟ وما فائدة العيش إن لم نجد ما يتلذذ به؟ إن البحث عن التوازن بين الصحة والاقتصاد ضروري لكل منا وللعالم بأسره.
من أهمّ المشاكل التي تواجه الطاقم الطبي منذ أن انتشر الوباء الكوروني المستجد، كانت، ولا تزال، توفير الأسرّة في المستشفيات والغرف المجهزة للعناية المركزة لاستقبال المرضى الجدد والتمكّن من معالجة الجميع. لم يحصل هذا في بداية الأمر في إيطاليا وبريطانيا، اللتين أجبرتا المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة على العودة إلى بيوتهم ليلاقوا حتفهم المؤكد.
وعندما بدأ عدد المصابين في المستشفيات بالارتفاع، بدأت عمليات الحجر الصحي الصارمة. وما إن أخذ هذا العدد بالتراجع، حتى بدأ الرفع التدريجي للحجر الصحي مع إبقاء الإرشادات الأساسية، وهي:
أ ـ الحدّ من الاحتكاك والتقارب بين الناس، وذلك لاحترام قاعدة التباعد الاجتماعي. ولهذا، رُسمت خطوط التباعد والأسهم على أرضيات المحال في اتجاه واحد.
ب ـ تطبيق القواعد الأساسيّة للنظافة لتجنّب العدوى، كغسل الأيدي وتعقيمها باستمرار، ووضع الكمامات على الأنف والفم، لتحاشي نشر الفيروس من خلال السعال والعطس.
إقرأ أيضاً: ما هي أفضل طرق علاج الكحة على اختلاف أنواعها؟
في بداية العدوى، تم الاتفاق على ارتداء المرضى فقط كمامة، لعدم نقل الفيروس إلى الآخرين، ولكن وفقاً للمعلومات التي نُشرت مؤخراً، يجب على الجميع ارتداؤها، للأسباب التالية:
1) لا ينقل المرضى فقط الجرثومة إلى الآخرين، كما كان مفهوماً سابقاً، بل ينقلها أيضاً حاملو الفيروس من دون ظواهر مرئيّة، وغالباً ما لا يعلمون بإصاباتهم.
2) الكمّامة ليست إلا حاجزاً يمنع انتقال الفيروسات. لذلك، هي تحمي الأصحاء بقدر ما تمنع انتقال الفيروس، فعلى الجميع وضعها مع احترام التوصيات الأخرى.
ج ـ علاوة على هذه التعليمات الأساسية، هناك حملة إضافية بخصوص الفحوصات المخبرية للبحث عن المصابين وحاملي الفيروس، وخصوصاً في المجالات الحساسة، كالعاملين في مجال الصحة ودور العجزة والتعليم والمواصلات.... لعلاجهم المبكر والحد من انتشار الوباء.
أضف إلى ذلك، أنه عند وقوع إصابة جديدة، تهتم السلطات الصحية باستدعاء كل من كان يجاور المصاب، فتُجرى الفحوصات لمن تظهر عليهم عوارض المرض. وإذا تبيَّن أنهم مصابون به، فإنهم يُرسلون إلى المستشفيات لتلقي العلاج أو يتم عزلهم إلى أن يتعافوا، بينما يُحجر الباقون لمدة 14 يوماً. وإن أمكن، يٌجرى لهؤلاء في يومهم الثاني عشر من الحجر فحص للتأكد من سلامتهم.
ويعتقد علماء انتشار الأمراض المعدية أنّ مثل هذه الأفعال تساعد لتجنب موجة جديدة من الوباء الفيروسي، ربما تكون أكثر شراسة مما هي عليه الآن.
إن الفحوصات المخبرية المناسبة تساعد المسؤولين على اتخاذ قرارات أكثر استنارة لإدارة المرضى وتوجيههم بشكل أسرع، وتحديد معدل انتشار الفيروس بين السكان، وتخمين نسبة من لامسوا الفيروس في المجتمع، والحاملين تلقائياً للجسم المضاد، الذي يعني بداية المناعة الجماعية أو مناعة القطيع.
الفحوصات المخبرية المهمة للبحث عن المرض:
1ـ فحص تفاعل البوليميراز التسلسلي - النسخ العكسي في الوقت المناسب هو أكثر الفحوصات جودة ودقة. يُجرى باكراً للمصاب للبحث عن الفيروس في عيّنة تؤخذ من أقصى الأنف. يتطلب هذا الفحص تقنية عالية ومعدات دقيقة ونظافة تامة. تصدر النتائج خلال بضع ساعات. ويمكن أيضاً البحث عن الحمض النووي للفيروس في دم المصاب.
2ـ البحث عن المستضدات البروتينية للفيروس:
هو أقل جودة من فحص تفاعل البوليميراز التسلسلي، إلّا أنه فحص سريع، تصدر نتائجه في غضون 15 دقيقة، وتكلفته رخيصة جداً. يسمح هذا الاختبار باكتشاف المستضدات (البروتينات الفيروسية التي تتسبب في رد فعل مناعي) في عيّنة من البلعوم الأنفي.
مؤخراً، قامت الشركة الطبية الفرنسية الشهيرة "بيوميري" بإنتاج فحص مشابه، بطلب وبدعم من وزارة الدفاع الأميركية - البنتاغون - وقد تم الاتفاق على أنه سيُستعمل في البداية لكشف الفيروس بين أفراد الجيش الأميركي فقط، قبل أن يُطرح في الأسواق الأميركية والأوروبية.
3ـ السيرولوجي والبحث عن الجسم المضاد في مصل المصاب:
وذلك لمعرفة إن كان مصل المريض يحتوي على الجسم المضاد (إيمينوقلوبيلين المبكر ـ أم ـ والأمينوقلوبلين المؤخر ـ ج ـ) للفيروس، فإن كان يحمله، فإنه سيمارس عمله، حتى وإن كان ذلك بين الموبوئين. للأسف، لا توجد دراسات كافية للتأكد من صحة هذه الحماية على المدى البعيد.
4 ـ فحص الأشعة الطبقية لرئتي المصاب:
فحص سريع وذو جودة عالية لتشخيص كوفيد 19، لكنه مكلف ويتطلَّب معدات وتقنية عالية. في حالة الإصابة، تبين الصور مناطق معينة نموذجية لهذا الوباء في رئتي المصاب.
عندما تتوفر هذه الفحوصات التي تكمل بعضها البعض، سيتم تشخيص درجة الإصابة بسهولة، فإن كان المصاب يحمل الجرثومة من دون أعراض، يتم عزله، وإن كانت الأعراض ظاهرة ومؤلمة، يتم إدخاله إلى المستشفى لعلاجه.
وعندما تكثر مثل هذه الحالات، نتيجة فك الحجر أو لأسباب أخرى، على السلطة الصحية أن تكون مجهزة تماماً لإجراء الفحوصات اللازمة لكل المشتبه بإصابتهم، مهما بلغ عددهم. وعلى مستشفيات البلد أن تكون مهيأة لاستقبال كل المصابين. وإن لم نكن نملك بعد اللقاح أو حتى المضاد الحيوي الفعّال، فسنواجه موجة فيروسية جديدة ربما تكون أكثر شراسة مما نعيشه الآن، وسنُجبر على الرجوع إلى الحجر الصحي ثانية.
في هذه الأيام، ينشغل العالم بأسره لإيجاد اللقاح المناسب والمضاد الحيوي الفعال للفيروس. ومهما طال انتظارنا أو قصر، من واجبنا استكمال المسيرة، وفقاً لما تمليه علينا السلطات المعنية.