"غلوبال تايمز": بعد حادثتي المنطاد وأشعة اللايزر، كيف ستتعامل الصين مع الولايات المتحدة؟
رأت الصحيفة الصينية أن تطور هذه الحوادث هو انعكاس حي لعقلية الولايات المتحدة والتي هي نتيجة لإحساس الولايات المتحدة بتراجع في قوتها الذاتية والسياسة.
تناولت افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الناطقة باللغة الإنجليزية مسألة التوتر في العلاقات الأميركية الصينية بعد حادثة المنطاد الصيني الأخيرة.
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة قد بدأت في إثارة الضجيج بشأن أضواء الليزر الخضراء التي تم رصدها فوق هاواي. فقد قام العلماء في المرصد الفلكي الوطني الياباني بالتقاط أشعة الضوء الغامضة على شريط فيديو في 28 كانون الثاني / يناير الماضي. تُظهر لقطات للحادث ضوء ليزر أخضر يشع فوق السماء الملبدة بالغيوم فوق موناكيا في هاواي، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام. وسرعان ما توصلت وسائل الإعلام الأميركية إلى استنتاج مفاده أن الأشعة مثبتة على قمر صناعي صيني، تابعت الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه سواء كان منطاداً أو أضواء ليزر، قال الخبراء إنه مشروع بحث علمي مشترك ولا يشكل تهديداً. ومع ذلك، فإن الجيش الأميركي والسياسيين والإعلاميين الأميركيين يستغلون جهل الجمهور بالمجال المهني للتضليل ونشر المعلومات المضللة.
وأضافت الصحيفة أنه كان من المفترض أن تتعامل الولايات المتحدة مع هذه الأحداث بهدوء. ومع ذلك، لا توجد كلمة "تهدئة" في قاموس الولايات المتحدة. تبين أن الأحداث كانت مهزلة ويتم استغلالها من قبل بعض الأميركيين في حملاتهم "الصليبية" الهستيرية ضد الصين.
ورأت الصحيفة أن تطور هذه الحوادث هو انعكاس حي لعقلية الولايات المتحدة والتي هي نتيجة لإحساس الولايات المتحدة بتراجع في قوتها الذاتية والسياسة. فالهستيريا قائمة على جانبي الانقسام السياسي الأميركي (الحزبين الجمهوري والديمقراطي). كانت الولايات المتحدة ذات يوم هي القوة العسكرية الوحيدة في العالم التي تصرفت بإرادتها، لكنها الآن تواجه صعود الصين وأزمات متعددة على أراضيها، فهي غير واثقة بل حتى قلقة بشأن تنميتها.
وصرح زهانغ تنغجون Zhang Tengjun، نائب مدير قسم دراسات آسيا والمحيط الهادئ في معهد الصين للدراسات الدولية، لصحيفة "غلوبال تايمز" أن حالة التوتر الشديد في الولايات المتحدة في الشؤون المتعلقة بالصين تُعزى إلى الهيجان المشترك لبعض السياسيين الأميركيين ووسائل الإعلام الأميركية على حدٍ سواء.
وأضاف أن "بعض النخب الأميركية لا تستطيع قبول حقيقة التطور السريع للصين، وهم يعتقدون بعناد أن الصين هي المسؤولة عن كل الخلل الوظيفي المحلي للولايات المتحدة. ولا يمكنهم الحصول على نظرة صحيحة لمشكلة الحوكمة الأميركية، ويرفضون الاعتراف بأن التنمية الصينية أفادت أيضاً الولايات المتحدة في العقود القليلة الماضية. إن الافتقار إلى الثقة بالنفس والخوف غير المبرر من الصين جعلهم متطرفين".
وقالت الافتتاحية الصينية إن الصين لا تمتلك عدداً من الأقمار الصناعية في المدار على غرار الولايات المتحدة، كما أن تكنولوجيا الفضاء العامة لديها ليست متقدمة. يعرف الصينيون أنه لا تزال هناك فجوة تكنولوجية بين بلادهم والولايات المتحدة. وإذا شعر الأميركيون بالذعر بسبب تقدم الصين، فذلك لأنهم يأخذون الأمور بصعوبة كبيرة ويجلدون أنفسهم. إن تسييس الأميركيين الموضوعات المتعلقة بالصين، بغض النظر عن طبيعتها، وإلقاء اللوم على الصين بسبب أمراضهم الخاصة، يساوي إطفاء العطش بتجرّع السّم.
وتابعت "غلوبال تايمز": الآن تتصادم نفسيات وعواطف المجتمعات الصينية والأميركية باستمرار، مما زاد بشكل كبير من حدة الاحتكاكات الدقيقة بين البلدين. مثل هذا الاصطدام النفسي والعاطفي غير مسبوق. فقد قال دياو دامينغ، الأستاذ المساعد في جامعة رينمين الصينية في بكين، للصحيفة إن هذا يعكس الحساسية والدقّة والتعقيد في التفاعل بين الصين والولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أن الصين تزداد قوة بالفعل، وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك فجوة بين الصين والولايات المتحدة من حيث التكنولوجيا والقوة العسكرية، فإن آفاق الصين واعدة. لذلك، كل تقدم صيتي يجعل قلب بعض الأميركيين ينبض بسرعة زائدة ويزيد من مخاوفهم بشأن خسارة الهيمنة الأميركية في المستقبل. مهمة الصين هي كيفية التعامل مع الولايات المتحدة الخائفة عندما تصبح قوية، ولكن لن تكون بنفس قوة الولايات المتحدة.
وقالت الافتتاحية إن جنون "الحروب الصليبية الهستيرية" ضد الصين قد أصبحت بصمة خاصة بالولايات المتحدة في عصرنا. يعتقد الباحث تشانغ أن إيقاع بعض النخب ووسائل الإعلام الأميركية يقود العلاقات الصينية الأميركية إلى آفاق غير متوقعة. فقد استمرت إدارة الرئيس جو بايدن في قول "لا لحرب باردة جديدة مع الصين"، وزعمت أنها لا تريد الدخول في صراع مع الصين، لكن من الواضح أن المتشددين المحليين هم من يقودونه. وأضاف أن إدارة بايدن ليست مستعدة لمقاومة الضغط السياسي المحلي وإجراء تعاون عملي مع الصين أو إدارة العلاقات الثنائية بهدوء.
وقال تشانغ إن الصين تحتاج، عند تعاملها مع الولايات المتحدة، إلى الاعتراف بدور السياسة الداخلية للولايات المتحدة في العلاقات الثنائية والسياسات الأميركية تجاه الصين، وذلك لتجنب الوقوع في فخ الخطاب الذي نصبه بعض السياسيين الأميركيين. في غضون ذلك، يتعين على الصين أن تنقل بوضوح للولايات المتحدة موقفها الثابت بشأن التنمية المستقرة للعلاقات الثنائية.