"غلوبال تايمز": دلالات الاجتماع العسكري الصيني الهندي الأخير
أوضحت الافتتاحية أن من الواضح أن واشنطن تميل نحو الهند، وتحاول إثارة النزاعات بين الصين والهند وتصعيدها.
تناولت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الناطقة باللغة الإنجليزية الجولة الـ18 من اجتماع قادة الفيالق في الجيشين الصيني والهندي يوم الأحد الماضي. فوفقاً للتفاهم المشترك المهم بين قادة البلدين، أجرى الجانبان تبادلاً عميقاً لوجهات النظر حول الإسراع بحل القضايا ذات الصلة. وسيعقد اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون قريباً في الهند.
وأضافت الصحيفة أن هناك توقعات على نطاق واسع بأن وزيري دفاع الصين والهند سيلتقيان بهذه المناسبة. لذلك، يعتقد العديد من المحللين أن المفاوضات الأخيرة بين الجيشين بعثت بإشارة إيجابية وستخلق مناخاً جيداً لمزيد من الاتصالات رفيعة المستوى بين البلدين.
منذ اندلاع الاحتكاك الحدودي بين الصين والهند في أوائل أيار / مايو 2020، وهو مستمر منذ نحو ثلاث سنوات. خلال هذه الفترة، عقد الجانبان اجتماعات عدة رفيعة المستوى، و18 جولة محادثات على مستوى قادة الفيالق، والعديد من اجتماعات التشاور والتنسيق الثنائية. في الوقت نفسه، حقق الجيشان فك الاشتباك في أربعة مواقع، بما في ذلك وادي جلوان. على الرغم من أن تحقيق اختراقات عملية صعبة وبطيئة، إلا أن الجانبين توصلا إلى إجماع واسع من خلال مفاوضات ماراثونية، تهدف إلى تعزيز استقرار الوضع الحدودي من خلال الحوار.
وأشارت الافتتاحية إلى أن الصين والهند عقدتا الجولة الثامنة عشرة من اجتماع على مستوى قادة الفيالق، مما يعكس أن البلدين يأملان في الحفاظ على السلام في المناطق الحدودية والاستقرار المحلي على طول خط السيطرة الفعلي.
ورأت الصحيفة أن كلا البلدين غير مهتمين بتصعيد النزاعات أو حتى المواجهات، ويسعيان بدلاً من ذلك إلى وضع قضية الحدود تحت السيطرة. وقالت إن هذه الرغبة المشتركة للجانبين كانت هي السائدة خلال السنوات الثلاث الماضية. فقد شهد الوضع على الحدود بين الصين والهند مزيداً من التراجع هذا العام، وأبدى البلدان كذلك المزيد من حسن النية في القضايا بما في ذلك العلاقات الثنائية، وخلق مناخاً جيداً وظروفاً مؤاتية لمزيد من التقدم في المفاوضات الحدودية.
كما أن حقيقة أن المحادثات بين الجيشين الصيني والهندي استمرت لفترة طويلة من دون حدوث اختراق كبير تشير أيضاً إلى التعقيد الكبير والصعوبة في حل النزاع الحدودي. في الآونة الأخيرة، زعمت بعض وسائل الإعلام الأجنبية أن الصين لا يبدو أنها حريصة على حل المشكلة. يجب أن يقال إن هذه ليست مسألة استعجال، لأن الاستعجال لا يساعد في حل المشكلة.
وأضافت "غلوبال تايمز" أن المفاوضات تتطلب أن يلتقي الجانبان في منتصف الطريق، وإلا فإنه من المستحيل تحقيق نتائج. يجب التأكيد على أن الميول الانتهازية خلال المفاوضات لا تساعد في حل القضية. وقالت إنه قد يكون لدى البعض في الهند مثل هذا الوهم وسوء التقدير: بما أن الصين يتم احتواؤها وقمعها بالكامل من قبل الولايات المتحدة بينما يتم التودد إلى الهند بشدة من قبل الدول الغربية، فإن الهند هي التي تمتلك المزيد من أوراق المساومة، والصين هي التي "تحتاج إلى الهند". بل إنهم يتخيلون "نتيجة المفاوضات" هي أن تتنازل الصين من دون قيد أو شرط. مثل هذه التوقعات غير الواقعية ضغطت أيضاً على حكومة مودي.
وأوضحت الافتتاحية أنه من الواضح أن واشنطن تميل نحو الهند، وتحاول إثارة النزاعات بين الصين والهند وتصعيدها. فلم تقتصر تقارير وسائل الإعلام الأميركية على تورط وكالات الاستخبارات، ولكن السياسيين في الكونغرس الأميركي بدأوا أيضاً في التدخل، "لتأكيد" أحقية موقف الهند بشأن قضية الأراضي المتنازع عليها، واقترحت مراكز الفكر إحضار النزاعات الإقليمية بين الصين والهند في نطاق ما يسمى باستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ.
وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه التصرفات من قبل الولايات المتحدة هي مثل السموم المغلفة بالسكر للهند. في حين أن هذا الدعم المزعوم قد يبدو أنه يعطي الهند بعض "الزخم" على المدى القصير فيما يتعلق بقضية الحدود، فإن واشنطن، التي تجيد استخدام الموازنة الخارجية لإثارة صراعات من أجل الربح، ستقود نيودلهي في الواقع إلى وضع خطير لا يتماشى مع مصالحها الخاصة.
وأضافت أن هذا يستحق يقظة الهند الشديدة. لا ينبغي أن تنخدع ببضع كلمات حلوة من الأميركيين وتثير مطالبهم في المفاوضات مع الصين، الأمر الذي من شأنه تعطيل الوضع العام للعلاقات الصينية الهندية.
ورأت الافتتاحية الصينية أنه ينبغي إعادة العلاقات الصينية الهندية إلى حالة دبلوماسية طبيعية في أسرع وقت ممكن، وهو أمر لا يفيد البلدين فحسب، بل يلبي كذلك التوقعات المنتشرة للمجتمع الدولي.
وقالت إنه لطالما نظرت الهند إلى نفسها على أنها جسر بين بلدان الشمال والجنوب، وفي موضوع مجموعة العشرين لهذا العام، وضعت الهند أيضاً على جدول أعمال القمة قضايا تهم البلدان النامية، مثل الانتعاش الاقتصادي العالمي، والوصول إلى لقاحات كوفيد-19، والأمن الغذائي وتغيّر المناخ. فيما يتعلق بهذه القضايا العالمية، تتبنى الهند والصين مواقف متشابهة، ويمكن أن ينتج عن عمل البلدين كثيفي السكان تأثير "واحد زائد واحد أكبر من اثنين".
وختمت الصحيفة بالقول إن محتوى العلاقة بين الصين والهند واسع وغني، ولا ينبغي تقييده بالاحتكاكات الحدودية. ربما يمكن حل المشاكل الشائكة في العالم الغربي بالحكمة الشرقية. ونتطلع إلى أن تكون الصين والهند مثالاً يحتذى به في هذا الصدد.