"غلوبال تايمز": الصين ستحول القاذفة الأميركية "بي 21" إلى طائرة ورقية إذا استهدفت مضيق تايوان

إن برامج مثل القاذفات الاستراتيجية باهظة الثمن، تعتمد على المبالغة المستمرة في "تهديدات" القوة العسكرية للصين، وحتى اختلاق أكاذيب مختلفة حول "التوسع النووي" للصين.

  • الكشف عن القاذفة الجديدة
    الكشف عن القاذفة الجديدة "بي 21" خلال حفل أقيم في كاليفورنيا / وكالة فرانس برس.

قالت افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية إنه تم الكشف عن القاذفة الأميركية الشبح "بـ21"  B-21 Raider  يوم الجمعة الماضي في حدث رفيع المستوى. ونظراً لكونها أول طائرة قاذفة من الجيل الجديد طورتها الولايات المتحدة منذ أكثر من 30 عاماً، فقد قام كبار ضباط الجيش ووسائل الإعلام الأميركية بحملات دعائية عالية المستوى لها. فقد ادعى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن "حتى أنظمة الدفاع الجوي الأكثر تطوراً ستكافح لرصد B-21 في السماء". 

وتباهى الرئيس التنفيذي لشركة "نورثروب غرومان كورب" Northrop Grumman Corp، الشركة المصنعة للطائرة، بأن العالم "لم يشهد قط تكنولوجيا مثل قاذفة  B-21.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى أن وزير القوات الجوية الأميركية فرانك كيندال قد أوضح مراراً أن نشر قاذفات B-21 سيكون "لردع الصين"، فقد ركزت العديد من وسائل الإعلام الأميركية على "التعامل مع تهديد الصين" في تقاريرها، قائلة إن هذه القاذفة ستجبر الصين "على إعادة التفكير في الحروب لعقود مقبلة".

وأضافت الافتتاحية أنه عادة ما يتم الاحتفاظ بالأسلحة التي تعتبر "صولجاناً قاتلاً" للقوى الكبرى في سرية تامة، ولكن تسويق قاذفة B-21 والترويج لها هو بنفس القدر للترويج "لمشاهير الإنترنت". ومع ذلك، على الرغم من هذه الحملة البارزة، لا يزال الوجه الحقيقي لـB-21 غامضاً جداً. يُذكر أن B-21 قد ظهرت علناً لفترة زمنية قصيرة جداً ولا يمكن للعالم الخارجي سوى الحصول على صورها الأمامية، ولم يتم الكشف عن المؤشرات الفنية المحددة. 

ورأت الصحيفة أن هذا الغموض جاء في تناقض حاد مع ظهور قاذفة "بي2" B-2 لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود. إذ يعتبر الترويج للمفهوم عالي المستوى والحذر الفائق في العرض المادي أمراً مثيراً للاهتمام. وهذا يعني، بغض النظر عن المستوى الفني الفعلي لطائرة B-21، فهي تشبه إلى حد كبير "عينة دعائية" يحتاجها المجمع الصناعي العسكري الأميركي لتأمين الميزانيات العسكرية ولتقديم الجيش الأميركي ما يسمى بالردع المتكامل ضد الصين.

من ناحية أخرى، فإن B-21 ليس فقط نتاجاً مربحاً لـ"نظرية التهديد الصيني" التي ابتكرها المجمع الصناعي العسكري الأميركي، ولكنه أيضاً عنصر مهم في استمرار سلسلة المصالح هذه. فخلال السنوات السبع من منح العقد لصناعة الطائرة B-21 إلى الظهور الأول لها، ظهر العديد من "نظريات التهديد الصيني" من قبل أفراد مرتبطين مثل سكرتير القوات الجوية الأميركية في تدفق لا نهاية له. وقالت الافتتاحية إن برامج مثل القاذفات الاستراتيجية باهظة الثمن، تعتمد على المبالغة المستمرة في "تهديدات" القوة العسكرية للصين، وحتى اختلاق أكاذيب مختلفة حول "التوسع النووي" للصين، يمكن أن تكسب المزيد من الميزانية من الكونغرس الأميركي. وهذه القاذفة الاستراتيجية ليست سوى جزء واحد من إصلاح الردع النووي "الثلاثي" الذي تريد الولايات المتحدة تنفيذه الآن. إن النية الحاسمة للترويج لـ B-2 والتأكيد على دورها في "مواجهة الصين" هي كذلك بهدف الحصول على أموال لمشاريع المتابعة. كما أن الدعاية البارزة للطائرة B-21 شكلت أيضاً نية الجيش الأميركي لاغتنام الفرصة لتضخيم التوتر في مضيق تايوان، وبالتالي تسريع نقل الموارد العسكرية إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ والتودد إلى حلفاء الولايات المتحدة. 

واعتبرت "غلوبال تايمز" أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة أرادت دائماً تركيز طاقتها على التعامل مع أهم منافسها الاستراتيجي، إلا أن خطتها لنقل قوتها العسكرية إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد أعيقت بسبب عوامل مختلفة. هذه المرة، استخدم الجيش الأميركي الطائرة B-21 للحديث عن مضيق تايوان مجدداً، قائلاً إنها ستلعب دوراً. إن واشنطن تريد فقط أن تنتهز فرصة تهديد حلفائها لإظهار "قدراتها المتقدمة" لتقييد حلفائها. هناك كذلك تقارير تفيد بأنه من المتوقع نشر الطائرة B-21 في غوام وأستراليا بعد دخولها الخدمة، وتفاخر الرأي العام الأميركي بأنها "القاذفة الاستراتيجية لمواجهة الصين".

وأضافت الصحيفة: لذلك خلقوا أسطورة مفادها أن امتلاك B-21 سيردع الصين. وأعلن أوستن أن "هذه ليست مجرد طائرة أخرى.. إنها شهادة على استراتيجيتنا في الردع". حتى أن منفذاً إعلامياً أميركياً قد هدد أن بإمكان B-21 التحليق متخطية أنظمة الدفاع الجوي الصينية أس-400 وزرع مضيق تايوان بألغام، مما يخلق خطراً كبيراً على سفن القوات التي تقوم بعملية العبور المحفوفة بالمخاطر أساساً.

وذكرت الصحيفة أنه حتى لو لم يكن المرء عسكرياً أو باحثاً، فمن السهل أن نفهم أن ما يسمى بالردع هو دوماً مزيج من القوة العسكرية والتصميم السياسي. خلال الحرب الأهلية الصينية من عام 1945 إلى عام 1949 بين الحزب الشيوعي الصيني وحزب الكومينتانغ، هل أرسلت الولايات المتحدة أسلحة متطورة إلى حزب الكومينتانغ بأعداد صغيرة؟ خلال الحرب الكورية (1950-1953) وكذلك حرب فيتنام (1954-1975)، ما مقدار المعدات الأميركية التي تم تحويلها إلى خردة معدنية في ساحة المعركة أو الاستيلاء عليها كجوائز؟

لا يزال الكثير من الناس يتذكرون أنه عندما ظهرت قاذفة "بي-2"، التي ادعى البنتاغون أنها تمتلك القدرة على "التدمير العالمي"، لأول مرة منذ 34 عاماً، أصبحت الولايات المتحدة أول دولة في جميع أنحاء العالم لديها قاذفة قادرة على التخفي، والتي روج له كثير من الرأي العام الأميركي بأنها "كابوس للخصم". ومع ذلك، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، لم تجعل المعدات العسكرية المتطورة واشنطن "ترتاح بسهولة". بل على العكس من ذلك، فقد مضت أكثر في سعيها إلى الهيمنة. كما تم اعتبار القاذفة B-2 على أنها "كارثة مالية" بسبب تكلفتها العالية. على هذه الخلفية ظهرت قاذفة B-21 وكن طلب المصمم الأول هو ألا تكون التكلفة مرتفعة للغاية. لذلك، بغض النظر عما تباهى به البنتاغون، فإن B-21 هي تبدو كأنها "النسخة المنكمشة" من B-2.

وخلصت الصحيفة إلى أنه إذا كان الغرض من القاذفة بي-21 هو تهديد الصين وترهيبها، فقد يكون مصيرها أن تكون أحلام يقظة. وبغض النظر عن مدى اعتماد البنتاغون على B-21 عندما يحاول التدخل في الشؤون الداخلية (للصين) عبر المضيق تايوان، فإن هذه القاذفة ستصبح فقط طائرة ورقية ستسقط بيسر في مواجهة الجدار الحديدي القوي لجيش التحرير الشعبي والصيني، وإرادة 1.4 مليار صيني. 

وختمت الافتتاحية بالقول إن القاذفة B-21 لن تفشل فقط في إثبات "الردع الأميركي"، ولكنها ستصبح فقط أحدث دليل على "مصدر الفوضى الأميركية".