"نيويورك تايمز": حزب الله ربح المنافسة مع أميركا في التخفيف عن اللبنانيين
"نيويورك تايمز" تقول إن حزب الله وحلفاءه ربحوا في المنافسة في مقابل الولايات المتحدة الأميركية، في التصرف بطريقة أسرع لتخفيف الأعباء عن اللبنانيين التي تتسبب بها أزمة الوقود.
وأضافت الصحيفة أن عملية تسليم الوقود - التي قال مسؤول في حزب الله إنها الدفعة الأولى من أكثر من 13 مليون غالون – سلّطت الضوء على خطورة الأزمة اللبنانية، فضلاً عن فشل الحكومة في معالجتها. فلبنان غير القادر على تأمين المساعدة من أي مكان آخر، قد توجه إلى سوريا التي مزقتها الحرب وإلى إيران التي تعرضت لأضرار اقتصادية.
وتابعت الصحيفة أنه يبدو أن هذه الخطوة تنتهك العقوبات الأميركية المتعلقة بشراء النفط الإيراني، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستضغط على هذه القضية. فـ"حزب الله، الذي تعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية"، يخضع بالفعل لعقوبات أميركية. وعلى الرغم من أن المجموعة جزء من الحكومة اللبنانية، لكن يبدو أنها تعمل بشكل مستقل في ذلك.
ورفضت السفارة الأميركية في بيروت التعليق أمس لطلب مراسلي الصحيفة. لكن عندما أعلن حزب الله الشهر الماضي أن الوقود في طريقه من إيران، قللت السفيرة الأميركية من شأن أي تهديد باتخاذ إجراءات عقابية. وقالت السفيرة الأميركية دوروثي شيا في مقابلة: "لا أعتقد أن أي شخص سوف يستقيل إذا كان شخص ما قادراً على إدخال الوقود إلى المستشفيات التي تحتاج إليه".
وأشارت الصحيفة إلى أن المازوت الإيراني قد وصل إلى لبنان بينما يعاني هذا البلد مما وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. فمنذ خريف عام 2019، فقدت العملة الوطنية 90 في المائة من قيمتها، وتضاعفت أسعار العديد من السلع ثلاثة أضعاف.
وقالت "نيويورك تايمز" إن أزمة الوقود أدت إلى مواجهة من نوع ما بين حزب الله وحلفائه من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، حول من يمكنه التصرف بشكل أسرع لتخفيف آلام الناس، وهي منافسة فاز بها حزب الله، على الأقل في ذلك اليوم.
وأضافت أن التدخل حيث فشلت الدولة كان بمثابة انقلاب سياسي لحزب الله إذ اتهم الولايات المتحدة بالمسؤولية عن أزمة لبنان الاقتصادية، زاعماً أنها فرضت حصاراً على لبنان. في الواقع، تركز عقوبات الولايات المتحدة بشكل كبير على حزب الله وحلفائه، وليس على الدولة اللبنانية، التي يشكل خللها وفسادها أساس الأزمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات الإنسانية للبنان، وقد أعلنت إدارة بايدن عن حزمة مساعدات جديدة بقيمة 100 مليون دولار الشهر الماضي تهدف إلى تقديم المساعدة للغذاء والرعاية الصحية والأمن والمياه والصرف الصحي.
وتابعت "نيويورك تايمز": صوّر حزب الله وصول القافلة يوم الخميس بعبارات بطولية، قائلاً إنها "كسرت الحصار الأميركي"، وهو خط تفكير سيقبله الكثير من اللبنانيين على الأرجح. فبعد إعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، قالت دوروثي شيا، سفيرة الولايات المتحدة، إنها تعمل على وضع ترتيب آخر للمساعدة في حل أزمة الطاقة في لبنان، حيث دعت إلى إرسال الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن ونقله إلى لبنان عبر خط أنابيب يمر عبر سوريا.
وزار وفد رفيع المستوى من لبنان دمشق، هذا الشهر لمناقشة الخطة، لكن تفاصيلها لا تزال غير واضحة، بما في ذلك المدة التي سيستغرقها إصلاح خط الأنابيب، ومن سيدفع ثمنه، وما هي الرسوم التي ستفرضها سوريا على السماح بمرور خط أنابيب الغاز عبر أراضيها. وقد يشكل ذلك تحدياً آخر للولايات المتحدة، التي تفرض عقوبات على أي شخص يتعامل مع الحكومة السورية، تابعت الصحيفة.
ورأت الصحيفة أن معاناة اللبنانيين العميقة جعلت من غير المحتمل أن تعاقب الولايات المتحدة أي شخص بسبب قبوله الوقود الإيراني الخاضع للعقوبات. ونقلت عن الباحث مهند الحاج علي في معهد كارينغي قوله: "لست متأكداً من مدى استعداد الولايات المتحدة للمخاطرة بفرض عقوبات على السكان المحتاجين. هذا من شأنه أن يصوّر الولايات المتحدة على أنها قاسية ومتشددة ، وهذا انتصار لحزب الله".
وتسبب نقص الوقود في انقطاع الكهرباء على نطاق واسع وترك العديد من اللبنانيين ينتظرون في طوابير طويلة لملء سياراتهم.
وسلّط وصول القافلة الإيرانية الضوء على الغياب شبه الكامل للدولة اللبنانية. ولم تشارك الهيئات الحكومية المكلفة بالإشراف على واردات الطاقة في عملية تسليم المازوت. إذ انطلقت الشاحنات من سوريا إلى لبنان عبر قطعة أرض مفتوحة، وليس عبر معبر حدودي رسمي، من دون جمارك أو تفتيش أمني. ولم يتضح ما إذا كان للواردات أي ترخيص قانوني أو ما إذا كان سيتم دفع أي ضرائب عليها، بحسب الصحيفة.
ولم يدلِ رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الذي شكل حكومة جديدة قبل أسبوع وتعهد بالعمل على تهدئة مشاكل البلاد، بأي تصريح علني بشأن شحنة الوقود أمس. وكذلك السلطات المشرفة على الحدود لم تعلق على الأمر.
وقال الياس فرحات، وهو عميد ركن متقاعد في الجيش اللبناني، إن "البلاد تواجه أزمة خطيرة، لذا فإن الحكومة لا تهتم في ما إذا كانت الشاحنات قد دخلت بشكل قانوني أو غير قانوني. نحن في حالة طوارئ".
وقال أحمد ريا، المسؤول الإعلامي في حزب الله، إن الشحنة هي الدفعة الأولى من 13.2 مليون غالون لسفينة إيرانية تم تسليمها لميناء بانياس في سوريا، هذا الأسبوع. أما الباقي فسوف يستغرق أياماً عدة لتفريغه ونقله إلى لبنان.
وقدر موقع TankerTrackers.com، وهو مجموعة تتعقب شحنات النفط العالمية، أن السفينة تحمل أقل من ثمانية ملايين غالون.
كانت كل خطوة تقريباً في رحلة الوقود تمثل تحدياً للولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات على شراء النفط الإيراني والحكومة السورية وحزب الله والشركة المرتبطة بحزب الله، والتي ستوزع الوقود داخل لبنان.
وقالت جيسيكا عبيد، مستشارة سياسة الطاقة والباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط الأميركي، إن شحنة المليون غالون التي أبلغ حزب الله عن جلبها يوم الخميس لم تكن كبيرة بالنسبة لاحتياجات البلاد، لكنها يمكن أن تساعد المؤسسات الفردية. وقالت إن مولد المستشفى، على سبيل المثال، قد يحرق حوالى 26 غالوناً في الساعة.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت