كيف تستخدم الشرطة الشراكات بين القطاعين العام والخاص للتجسس على الأميركيين؟
إضافة إلى الكاميرات، تتم مراقبة كل فرد من خلال التتبع الجغرافي الذي تؤمنه وسائل التكنولوجيا المتصلة بالإنترنت. ومع كل جهاز جديد يطرح في الأسواق، تكتسب الحكومات موطئ قدم آخر في التجسس على المواطنين.
كتب رئيس معهد "رذرفورد" ومؤلف كتاب "الحرب على الشعب الأميركي"، جون دبليو وايتهيد، مقالاً في موقع "counterpunch"، تحدث فيه عن الرقابة التي تمارسها السلطات الأميركية على المواطن الأميركي، وكيف بات هذا الأمر يتم بمشاركة القطاع الخاص الذي يسخّر إمكانياته لتقديم المعلومات والبيانات للسلطات.
وفي ما يلي النص الكامل للمقال منقولاً إلى العربية:
يعيش الشعب الأميركي في "دولة رقابية" تأسست على شراكة بين الحكومة وصنّاع التكنولوجيا، إذ إنَّ كل مواطن يخضع للرقابة من كثب، ويُنظر إليه على أنه تهديد ومعادٍ للسلطة.
في عصر المراقبة المنتشرة في كل مكان، تنعدم الخصوصية تحت سلطة كاميرات المراقبة المثبتة على أعمدة الكهرباء وإشارات المرور والمباني التجارية والسكنية، التي تقارب مليار كاميرا مراقبة في جميع أنحاء العالم. ويستمر هذا الرقم بالنمو بفضل اعتماد الحكومات والمؤسسات الأمنية والعسكرية عليها بإخلاص.
إضافة إلى الكاميرات، تتم مراقبة كلّ فرد من خلال التتبع الجغرافي الذي تؤمنه وسائل التكنولوجيا المتصلة بالإنترنت. ومع كل جهاز جديد يطرح في الأسواق، تكتسب الحكومات موطئ قدم آخر في التجسس على المواطنين.
في الواقع، توسعت قدرات السلطة الرقابية من خلال التقدم التكنولوجي الذي تقدمه مصانع القطاع الخاص، الذي يؤدي دور الشريك الكامل مع المؤسسات الاستخبارية، لكونه يستطيع اللعب على القوانين وتمييعها داخل شبكة عنكبوتية دبقة لا مفر منها. ونظراً إلى أن تكلفة هذه التقنيات أصبحت منخفضة أو مقبولة بالنسبة إلى المستهلك العادي، فإن ذلك يوفر على السلطات مبالغ مالية كانت تتضمنها ميزانياتها في السابق.
على مدى العقود الخمسة الماضية، أحدث التشارك بين القطاعين العام والخاص في الولايات المتحدة سلسلة من الثورات التكنولوجية في وسائل الرقابة، بدأت مع تركيب كاميرات في الأماكن العامة، بلغت حتى العام الماضي 51 مليون كاميرا تغطي كل أراضي البلاد.
وتشير التقارير إلى أنّ كلّ أميركي يتم تصويره بمعدل 238 مرة كل أسبوع، و160 مرة أثناء قيادة السيارة، و40 مرة في العمل، و 24 مرة أثناء التسوق، و14 مرة من خلال مختلف القنوات والأنشطة الأخرى، من دون احتساب تغطية طائرات "الدرون" التي تظل جزءاً سرياً نسبياً من عمليات تجسس الشرطة في الولايات المتحدة.
لقد تمّ إقناع المجتمعات بتحمّل تكاليف المعدات التكنولوجية لغاية مشاركة اللقطات مع وكالات السلطة، التي تشجع المواطنين على التجسّس على بعضهم البعض من خلال الرقابة الجماعية.
وتعد شركة "أمازون" عدوانية بشكل خاص في التعاون مع السلطات في تأمين أعمال المراقبة والوصول ببساطة إلى بيانات خاصة من دون أمر قضائي. وتمضي على منوالها شركة "رينغ" التي تنشر كاميراتها في المدن الكبيرة والأحياء الصغيرة بأسعار شبه مجانية.
في العام الماضي، تمكنت شرطة سان فرانسيسكو من الوصول إلى لقطات من كاميرات الإنترنت الخاصة من داخل المنازل، ولم تعد مضطرة حتى إلى طلب إذن من أصحاب المنازل للوصول إلى كل ما هو خاص بهم.
التحولات الثورية في وسائل التكنولوجيا يمكنها تقديم خدمات بمستوى 360 درجة، وسردية واحدة متماسكة عن حركة أي مواطن أميركي وسلوكه. ولا شكّ في أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص حوّلت الولايات المتحدة إلى دولة بوليسية من الطراز الأول.
كالعادة، فإن هذه التدخلات في حياة الأميركيين الشخصية يتم تبريرها باسم الأمن القومي ومحاربة الجريمة. ومع ذلك، في حين أنَّ الثمن الذي يجب دفعه للحصول على ما يسمى بالحماية الحكومية ليس أقل من حقنا في الخصوصية، فإن ضمان السلامة يظل مشكوكاً فيه في أحسن الأحوال.
خلصت دراسة عن المراقبة بالكاميرات أجراها باحثون إلى أنَّ وجود الكاميرات كان فعالاً إلى حد ما كرادع لجرائم مثل السطو على السيارات وسرقة الممتلكات، لكن لم يكن لها تأثير كبير في جرائم العنف.
من ناحية أخرى، عندما تجمع بين التجريم المفرط والمراقبة الشاملة التي تقوم بها الحكومة الأميركية في ملاحقة الجرائم، يتحول المجتمع إلى مشتبه فيه، ويُفسح المجال حتماً لأمة من المجرمين. في مثل دولة كهذه، يصبح المجتمع برمته مذنباً.
ذكرت وكالات صحافية أميركية أن المسؤوليين الفيدراليين يبحثون أيضاً في كيفية إضافة "بيانات المريض التي يمكن تحديدها"، مثل الصحة العقلية وتعاطي المخدرات والمعلومات الصحية السلوكية من المنازل الشخصية والملاجئ والسجون ومراكز التخلص من السموم والمدارس.
نقله إلى العربية: حسين قطايا