كاتب بريطاني: قوى المقاومة أقوى مما مضى برغم التضليل الإعلامي الغربي والخليجي
تحاول المؤسسات الإعلامية التي تسيطر عليها الرياض وأبو ظبي ونخب الشركات الغربية تضليل مؤيدي محور المقاومة وجعلهم ينقلبون على التنظيمات التي يدعمونها.
كتب الصحافي والكاتب البريطاني روبرت إنلاكيش مقالة في موقع "الميادين" باللغة الإنجليزية فنّد فيها المزاعم الخليجية والغربية حول تراجع قوة "محور المقاومة" في عدد من الدول المنطقة.
وقال الكاتب إنه مع تقدم "محور المقاومة" المناهض للهيمنة الغربية في الشرق الأوسط على جبهات متعددة، تبذل وسائل إعلام الأنظمة الرجعية العربية والغربية محاولة يائسة لتصوير التحالف، بقيادة إيران، على أنه في أضعف أوقاته.
وأضاف: تقود إيران حالياً تحالفاً ناجحاً لقوى المقاومة، بما في ذلك "أنصار الله" في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحركتا حماس والجهاد الإسلامي في غزة، ووحدات الحشد الشعبي في العراق، وغيرها الكثير. وعلى الرغم من أن واشنطن تضع في اعتبارها أن اهتمامها الأساسي بشأن جمهورية إيران الإسلامية هو سعيها المزعوم لامتلاك أسلحة نووية، فإن تحالف إيران الإقليمي هو ما يزعج حقاً صانعي السياسة في الولايات المتحدة بما يتجاوز كل الاعتبارات الأخرى. هذا التحالف الإقليمي الملقب بـ"محور المقاومة" هو ما يجعل إيران هدفاً مستحيلاً لشن الحرب عليها، وقد تمت تجربة كل المحاولات لإضعاف وجودها عبر الحدود وفشلت حتى الآن.
وتابع الكاتب: تأتي المحاولات الأخيرة لإبعاد إيران عن حلفائها على شكل تكتيكات نفسية إعلامية تهدف إلى تأجيج التوترات المحلية في أماكن مثل العراق وسوريا ولبنان. في العراق، ثمة مثال واضح على مثل هذه المحاولات لإثارة الانقسام، هو الرواية التي تروّج لها وسائل الإعلام الغربية والخليجية، والتي تسعى إلى تصوير العراق على أنه يبتعد عن الجماعات المتحالفة مع طهران.
واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، والتي تمنعها من السيطرة على العراق، هي وحدات "الحشد الشعبي" العراقية. فبعد أن أصبحت القوة البرية العراقية لتخليص البلاد من إرهابيي داعش والقاعدة، اكتسبت قوات "الحشد الشعبي" مصداقية كبيرة لجهودهم وبدأوا فيما بعد في تركيز اهتمامهم على طرد الولايات المتحدة من بلادهم، خاصة في أعقاب غارات المّيّرات الأميركية عام 2020 التي قتلت قادة بارزين في الحشد الشعبي مثل أبو مهدي المهندس، جنباً إلى جنب مع الفريق الإيراني الشهيد قاسم سليماني. وقد خلص تصويت في البرلمان العراقي في ذلك العام إلى أن تطلب حكومة بغداد من الولايات المتحدة بالانسحاب من العراق.
وقال الكاتب إنه في حين كان البرلمان العراقي يتمتع سابقاً بحضور كبير لكتلة فتح المتحالفة مع وحدات الحشد الشعبي، والتي تم انتخابها ديمقراطياً من قبل الشعب العراقي، فقد شهد شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي انخفاضاً كبيراً في المقاعد التي فاز بها تحالف "الفتح"، من 48 مقعداً في عام 2018 إلى 16 مقعداً في الانتخابات الأخيرة. وتم استغلال ذلك فوراً من قبل وسائل الإعلام الغربية ووسائل الإعلام المتحالفة معها في الشرق الأوسط. واحتج البعض مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق بأن الانتخابات مزورة، مع ادعاءات على نطاق واسع عن تدخل الإمارات في العملية الديمقراطية.
وأضاف: دعونا نضع جانباً مزاعم الحشد الشعبي - حول تزوير الانتخابات - وننظر فقط إلى ما تظهره النتائج بالفعل. تستخدم الآلة الإعلامية للأنظمة الغربية والعربية الرجعية الانخفاض الكبير في المقاعد لتأكيد مزاعمهم بأن العراقيين يتحولون سياسياً وينقلبون على وحدات الحشد الشعبي. ظاهرياً، يبدو أن 16 مقعداً من أصل 329 عضواً في البرلمان أمر فظيع للغاية، وخاصة عندما فاز التيار الصدري الرائد بـ74 مقعداً. ومع ذلك، بدلاً من الخوض في هذه القضية بشكل أعمق، تتوقف وسائل إعلام الإمبراطورية (الأميركية) عند هذا الحد، لأنه عندما تنظر إلى الأصوات الشعبية، تبدأ روايتها في أن تبدو سخيفة إلى حد ما. نعم، خسرت وحدات الحشد الشعبي عدداً كبيراً من المقاعد، لكن عندما نقارن عدد أصواتها الشعبية بأصوات الحزب الرائد، بقيادة السيد مقتدى الصدر، فإن هذه المزاعم حول الانخفاض الهائل في الدعم لقوات الحشد الشعبي تم فضحها بالكامل. فقد فازت الأحزاب المتحالفة مع وحدات الحشد الشعبي في تحالف "الفتح" بما مجموعه 470 ألف صوت، مما يعني أنها فازت في التصويت الشعبي على الصدريين الذين حصلوا على 450 ألف صوت. إلا أن سبب خسارة المقاعد لم يكن لقلة التأييد، بل هي الأكثر شعبية في البرلمان، بل بسبب التعديلات التي أدخلت على النظام الانتخابي في العراق.
كما أن حليف وحدات الحشد الشعبي، نوري المالكي، قد حقق نصراً مذهلاً. لذا فإن الرواية التي تقول إن إيران وحلفاءها يخسرون في العراق هي مجرد كذبة.
ثم جاءت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في وقت سابق من هذا الشهر. وعلى الفور، أفادت وسائل الإعلام التابعة للسعودية، ومجموعات إعلامية أخرى تعمل خارج الإمارات العربية المتحدة، بطريقة تجعل الأمر يبدو وكأن وحدات الحشد الشعبي مسؤولة. وعلى الرغم من اتهامها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق في محاولة الاغتيال، باستخدام ثلاث طائرات بدون طيار، إلا أن الكتائب والعصائب نفتا ذلك وأشارتا إلى وجود مؤشرات تشير إلى دور أميركي في الهجوم. والجدير بالذكر أن مقر إقامة رئيس الوزراء يقع في منطقة السفارة الأميركية في بغداد "المنطقة الخضراء"، المحمية بأنظمة الدفاع الجوي "سي – رام" C-RAM ولديها نظام صفارات إنذار فعال نسبياً. ولم تدخل صفارات الإنذار حيز التنفيذ إلا بعد سماع الانفجارات الناتجة عن هجوم الطائرات بدون طيار ولم يتم استخدام أنظمة C-RAM لمواجهة هذا التهديد.
وأشار الكاتب إلى أنه مع محاولة الاغتيال، إلى جانب خسارة مقاعد تحالف الفتح، بدأت سلسلة من القصص تتراوح من "العربية" إلى مجلة "بوليتيكو" وصحيفة "تلغراف" في إنتاج سلسلة عن تراجع نفوذ إيران المزعوم في العراق وسقوط الدعم لقوات الحشد الشعبي. لكن كما ذكرنا أعلاه، فإن المثال الانتخابي باطل تماماً و لا يوجد دليل في مسألة اتهام وحدات الحشد الشعبي بمحاولة اغتيال الكاظم. لذلك لا يوجد دليل على الإطلاق على ادعاءاتهم.
وأضاف: إذا انتقلنا إلى اليمن، فإن حركة أنصار الله تكسب أراضي بسرعة في منطقة مأرب الشمالية الغنية بالموارد. كان تقدم المقاومة اليمنية ضد قوات عبد ربه منصور هادي المدعومة سعودياً ثابتاً، على الرغم من الضربات الجوية المميتة من التحالف السعودي. لكن إذا لجأت إلى الإعلام الغربي والمؤسسات الإعلامية في المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة، فستعتقد أن تنظيم "أنصار الله" لم يكتسب أي أرض على الإطلاق.
وإذا أخذنا مثال حزب الله داخل لبنان، بعد إطلاق النار الجماعي للمتظاهرين العزل من قبل حزب "القوات اللبنانية"، مما أسفر عن استشهاد 7 أبرياء في منتصف تشرين الأول / أكتوبر الماضي، كان من الممكن بسهولة جرّ الجماعة إلى حرب أهلية. كان من الممكن أن يكون الوضع مختلفاً تماماً، لكن حزب الله حافظ على السلام، ورغم الأزمة الاقتصادية الشديدة في لبنان، لم تنزلق المقاومة تحت الضغط إلى الحرب الأهلية. وبدلاً من الرد بشكل غير عقلاني، قدم حزب الله تعاونيات للشعب اللبناني وجلب الوقود له، بينما أوضح لأعدائه أن مقاتليه مستعدون للدفاع عن أنفسهم.
بعد تحرير معظم جنوب لبنان من الجيش الصهيوني في عام 2000، ثم هزيمة جيش الاحتلال في وقت لاحق في عام 2006، نمت قوة حزب الله، ووفقاً لأمينه العام السيد حسن نصر الله، يمتلك الآن هيكلاً عسكرياً يضم أكثر من 100000 شخص مسلحين ومدربين تدريباً كاملاً.
وتابع الكاتب: حاولت السعودية والأنظمة الخليجية أخيراً الضغط على لبنان، عبر قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية، بناء على تعليق أدلى به وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، قبل توليه منصبه. بذلك، استخدمت الأنظمة الخليجية إعلامها لتنسيق حرب التضليل ضد حزب الله، بعد فشل كل المحاولات الأخرى لإضعافه محلياً.
وبثت قناة الحدث السعودية، التابعة لقناة العربية، دعاية شائنة، زاعمة أن الرئيس السوري بشار الأسد طرد قائد الحرس الثوري الإيراني في سوريا، جواد غفاري، بسبب ما زُعم إنه انتهاك السيادة السورية بهدف زرع الانقسام بين أنصار الطرفين. ومع ذلك، تم نقل جواد غفاري بقرار إيراني قبل أسابيع من مزاعم وسائل الإعلام السعودية.
وختم الكاتب قائلاً: تحاول المؤسسسات الإعلامية التي تسيطر عليها الرياض وأبو ظبي ونخب الشركات الغربية تضليل مؤيدي "محور المقاومة" وجعلهم ينقلبون على الأحزاب التي يدعمونها حالياً. هذه مجرد محاولة أخيرة لمهاجمة "محور المقاومة" بعد حملة فاشلة طويلة الأمد لم تؤذِ سوى السكان المدنيين المقيمين في دول المقاومة بينما تحافظ الأحزاب والفصائل المسلحة على سلطتها.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت