"فورين بوليسي": كيف أصبحت الجزائر دولة لا يستغنى عنها
نتيجة الطفرة في تصدير الطاقة، تستعرض الجزائر قوتها الاقتصادية والدبلوماسية وتتطلع للانضمام إلى مجموعة البريكس.
كتبت نوسموت غباداموسي مقالة في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تناولت فيها وضع الجزائر وتقدمها في موضوع الطاقة ورغبتها في دخول تحالف "البريكس".
وقالت الكاتبة إن الجزائر، وهي أكبر مصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا، تستفيد من حقبة جديدة في التنافس بين القوى العظمى ومن أزمة الطاقة المستمرة. بعد أن تقدمت الجزائر رسمياً في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 للانضمام إلى مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، وقعت إدارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بعد فترة وجيزة على تمديد مشاريع "مبادرة الحزام والطريق" مع الصين بشأن البنية التحتية والطاقة، واستكشاف الفضاء.
وأضافت الكاتبة أن الجزائر أصبحت الآن مورداً حيوياً للغاز إلى أوروبا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد تجاوزت الأرباح المفاجئة للجزائر من صادرات الطاقة 50 مليار دولار العام الماضي، ارتفاعاً من 34 مليار دولار في عام 2021 و20 مليار دولار فقط في عام 2020. لكنها وجدت نفسها هدفاً لمطلب واشنطن من حلفائها بقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا بغض النظر عن مصالحها السيادية.
وقالت النائبة الأميركية ليزا ماكلين في أيلول / سبتمبر الماضي عند توقيعها رسالة مع 26 مشرعاً آخر وموجهة إلى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكين. كتب المشرعون الأميركيون في رسالتهم: "في عام 2021] وحده، أجرت الجزائر صفقة شراء أسلحة مع روسيا بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 7 مليارات دولار. في هذه الصفقة، وافقت الجزائر على شراء طائرات مقاتلة روسية متقدمة، بما في ذلك "سوخوي 57" تحتاج الولايات المتحدة إلى إرسال رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن دعم فلاديمير بوتين وجهود الحرب البربرية التي يبذلها نظامه لن يتم التسامح معها".
وأشارت الكاتبة إلى أن الجزائر مترددة في تعريض العلاقات الأمنية والتجارية مع بكين وموسكو للخطر، فهي سعت للانضمام إلى مجموعة "البريكس" من أجل رسم سياستها الخارجية بسهولة أكبر مع حماية فرصها الاقتصادية المتزايدة كمصدر للطاقة. كما أعربت المملكة العربية السعودية ومصر، العضوان في جامعة الدول العربية، عن اهتمامهما بالانضمام إلى مجموعة البريكس.
وأضافت أن الصين كانت المصدر الرئيسي للجزائر منذ عام 2013، مما أزاح فرنسا القوة الاستعمارية السابقة، ووقع الطرفان اتفاقية تعاون استراتيجي ثانية مدتها خمس سنوات في وقت سابق في تشرين الثاني / نوفمبر. في غضون ذلك، تزود روسيا الجزائر بحوالى 80 في المائة من الأسلحة، مما يجعل الجزائر ثالث أكبر مستورد للأسلحة من روسيا بعد الهند والصين. وأجرت الجزائر وموسكو تدريبات عسكرية مشتركة قرب الحدود المغربية في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي.
وأشار التقرير إلى أنه ليس مستغرباً أن بكين وموسكو رحبتا بطلب الجزائر الانضمام إلى "البريكس". فقد زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجزائر في أيار / مايو 2022، وخلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية الشهر الماضي، التقى برئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، وتعهد الطرفان بتعزيز العلاقات الثنائية.
وصرح حاكم العاصمة الجزائر محمد عبد النور ربيعي لوكالة الأنباء الروسية الرسمية "سبوتنيك" الشهر الماضي قائلاً إن "الجزائر تود بالتأكيد الانضمام إلى البريكس. السؤال هو هل سيتم قبولنا، لأن هناك التزامات معينة".
وقبل ثلاثة أسابيع فقط، وقعت "سوناتراك"، شركة النفط الجزائرية المملوكة للدولة، وشركة الغاز الألمانية VNG عقداً لبناء أول مصنع هيدروجين أخضر في العاصمة الجزائر، والذي سينتج 50 ميغاواط من الكهرباء من الطاقة الشمسية. وقال تبون للصحافيين إن الجزائر تستعد كذلك لبيع قدرتها الفائضة من الكهرباء إلى أوروبا بينما تعمل على مضاعفة صادراتها من الغاز لتصل إلى 100 مليار متر مكعب سنوياً مقارنة بـ56 مليار متر مكعب سنوياً في عام 2022.
وقالت الكاتبة إن الرئيس الجزائري تبون قد غاب عن قمة القادة الأميركية الأفريقية في واشنطن الشهر الماضي، مفضلاً إرسال رئيس وزرائه أيمن بن عبد الرحمن بدلاً منه "بينما تصوغ إدارته بعناية موقفاً محايداً في الدبلوماسية العالمية لتجنب الانجرار إلى انتقادات واشنطن لروسيا أو القيادة الاستبدادية الجزائرية".
وزعمت الكاتبة في "فورين بوليسي" إن الجيش الجزائري يحتفظ بالسلطة بينما يقوم تبون، الذي انتخب بدعم عسكري في عام 2019، بقمع المعارضة. في الشهر الماضي، اعتقلت السلطات الجزائرية الصحافي البارز إحسان القاضي وأغلقت محطة "راديو إم" على الإنترنت، التي يُنظر إليها على أنها آخر وسيلة إعلامية مستقلة متبقية في البلاد.
ورأت الكاتبة أنه "في ظل غياب الشرعية السياسية المحلية، اختارت حكومة تبون تبني سياسة خارجية أكثر حزماً وإبراز موقفها غير المنحاز مع روسيا والصين والغرب. لكن، بالطبع، كانت آخر إضافة قدمتها مجموعة البريكس للمجموعة هي جنوب إفريقيا في عام 2010، لذلك من المحتمل أن تنتظر الجزائر وقتاً طويلاً للحصول على إجابة". وقال إنه في هذه الأثناء، تشهد البلاد صعوداً بسبب الطلب المتزايد على صادرات النفط والغاز، التي تشكل حوالى 90 في المائة من دخل الجزائر من النقد الأجنبي. لكن عندما تنتهي تلك الطفرة، يمكن للجزائريين مرة أخرى المطالبة بتغيير ديمقراطي، كما فعلوا قبل جائحة "كوفيد-19"، بحسب الكاتبة.