"المونيتور": نتنياهو يحاول تخريب علاقات الحكومة الجديدة مع واشنطن
موقع "المونيتور" ينشر مقالاً يتحدث فيه عن العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل"، ويقول إن "بنيامين نتنياهو يحاول تخريب علاقات الحكومة الجديدة مع واشنطن".
الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت ينشر مقالاً في موقع "المونيتور"، يقول فيه إن بنيامين نتنياهو يحاول تخريب علاقات الحكومة الجديدة مع واشنطن. وفيما يلي نص المقال منقول إلى العربية:
رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو يتهم زوراً وزير الخارجية يائير لابيد بالتخلي عن حرية "إسرائيل" في العمل ضد إيران.
في محاولته لتقويض شرعية الحكومة الإسرائيلية الجديدة، لا يتردد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في نسف جهود الحكومة لإقامة علاقة عمل قوية مع إدارة بايدن. لم يكن نتنياهو مسؤولاً بشكل مباشر عن تمزيق نسيج العلاقات بين "إسرائيل" والحزب الديمقراطي خلال عهد ترامب فحسب، بل إنه يحاول الآن دق إسفين بين الحكومة الجديدة والإدارة الديمقراطية من خلال ركوب نفس الحصان الإيراني القديم الذي ركبه كي يثبّت علاقاته الوثيقة مع الجمهوريين.
في الواقع، اتهم نتنياهو وزير الخارجية ورئيس الوزراء المناوب يائير لابيد، الذي أسماه "قائمقام رئيس الوزراء" في همز يستهدف رئيس الوزراء نفتالي بينيت، بالبيع للأميركيين.
في مخاطبته لكتلة الليكود في الكنيست في 21 حزيران/يونيو، أشار نتنياهو إلى المكالمة الهاتفية التي أجريت في 18 حزيران/يونيو بين لابيد ووزير الخارجية (الأميركية) أنطوني بلينكن. وبحسب ما ورد، اتفق الوزيران على تبني سياسة "لا مفاجآت".
وألقى نتنياهو باللوم على لابيد بتقييد يدي "إسرائيل". وزعم نتنياهو أن سياسة "عدم المفاجأة" تعني تقييد العمليات العسكرية الإسرائيلية، وبالتالي التخلي عن أمن إسرائيل.
بالفعل، التزام "إسرائيل" بالمساس بحرية العمل العسكري، العلني أو السري، سيكون خطوة خطيرة غير مسبوقة. بداهةً، لم يحدث شيء من هذا القبيل.
اتهام نتنياهو كذب. كما ذُكر أعلاه، بنى نتنياهو تصريحه الدراماتيكي المزعوم بعد مكالمة لابيد - بلينكن. كان نتنياهو يعتمد على حقيقة أن معظم الإسرائيليين ليسوا على دراية بالمصطلحات الدبلوماسية.
"صفر مفاجآت" هو واحد من أقدم المبادئ الأساسية في العلاقات الإسرائيلية - الأميركية. خلال إدارة أوباما، كانت "إسرائيل" هي التي طالبت بالعودة إلى سياسة "عدم المفاجأة" بعد عدد من خيبات الأمل المريرة للرئيس (بما في ذلك مطالبة الولايات المتحدة بتجميد البناء في المستوطنات).
لا يشمل مبدأ "صفر مفاجآت" النشاط السري من النوع الذي تقوم به "إسرائيل" بشكلٍ شبه روتيني ضد أعدائها المختلفين. وزير الدفاع الأميركي لا ينضم إلى رئيس الوزراء ووزير الأمن الإسرائيليين عندما يشاركان في الاجتماع الأسبوعي السري "للعمليات والأهداف"، ولا حتى عبر Zoom.
لا تطلب "إسرائيل" من الولايات المتحدة الإذن بشن غارة كوماندوس أو عملية للموساد أو أي هجوم يتم تنفيذه تحت الرادار دون بصمة إسرائيلية.
"إسرائيل" تبذل قصارى جهدها لإعطاء الأميركيين إشعاراً مسبقاً عندما يكون هناك خطر تعريضهم لخطر بسبب نشاطٍ مخطط تقوم به، وعندئذ فقط. وبحسب ما ورد، نتنياهو نفسه وافق على إعطاء روسيا أيضاً تحذيراً مسبقاً من هذا النوع بشأن نشاط سلاح الجو الإسرائيلي فوق سوريا والذي قد يعرض النشاط الجوي الروسي هناك لخطر.
في هذا الصدد، لم يطرأ أي تغيير، ولا يتوقع أي تغيير في سياسة حكومة بينيت - لابيد. نتنياهو يدرك ذلك جيداً، لكنه مع ذلك حاول قلب واشنطن والقدس ضد بعضهما البعض بينما كان يسعى لإثبات زعمه بأن الحكومة التي حلت محل حكومته هذا الشهر تشكل خطراً واضحاً على إسرائيل.
لابيد سارع بالرد، نافياً اتهامات نتنياهو. واتهم وزير الأمن بيني غانتس نتنياهو بنشر أكاذيب محرجة. نتنياهو لا يبالي. إنه يروي عن عمد ودون حياء أكاذيب من أجل التشكيك بشرعية خلفائه. وعلى نفس المنوال، تواصل جماعته الإشارة إليه على أنه "رئيس الوزراء" وتتجنب استخدام اسم بينيت كلما أمكن ذلك. يبدو أنه نسي حقيقة أنه هو نفسه دعا إلى معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، والتي كان من شأنها أن تمنع أي عمل عسكري مستقل من جانبها، وناقشها مع الرئيس دونالد ترامب في سبتمبر/أيلول 2019.
نتنياهو كان بحاجة للحديث عن مثل هذه المعاهدة في ذلك الوقت لتعزيز احتمالات إعادة انتخابه. الآن هو بحاجة إليها لتصوير بينيت على أنه دمية لابيد وخطر على "إسرائيل"، وكل الوسائل لها ما يبررها.
في الوقت الحالي، الأمر يسير بشكل جيد. في رد فعل مشروط شحذته 12 سنة من حكمه، بثت قنوات التلفزة الإسرائيلية في أوقات الذروة اتهامات نتنياهو. أعضاء الكنيست في الليكود ما زالوا ينسجمون مع أهوائه. السؤال هو إلى متى يمكن أن تستمر هذه الديباجة. هل سينجح نتنياهو في إسقاط الأسس الهشة للائتلاف الجديد في الأسابيع المقبلة من خلال منع إمرار ميزانية جديدة، ما يؤدي تلقائيًا إلى إسقاط الحكومة؟ في الوقت الحالي، احتمالات مثل هذه النتيجة منخفضة.
نتنياهو يبني استراتيجيته على الحصان الإيراني. ستسمح له العودة الأميركية المتوقعة إلى الاتفاق النووي مع إيران بوضع نفسه كبديل للثنائي "الضعيف والخطير" بينيت - لابيد، الذي وقع الأميركيون على مرأى منه صفقة شديدة الخطورة مع إيران. سيصنف نتنياهو نفسه على أنه الزعيم الذي تسبب بانسحاب الولايات المتحدة من هذه الصفقة السيئة (من خلال تأثيره الحاسم على إدارة ترامب)، وسيصنف بينيت ولابيد على أنهما من سمحا للولايات المتحدة بالعودة إليها.
يتفق نتنياهو وخصومه تماماً على شيء واحد: انتخاب إبراهيم رئيسي كرئيس لإيران سيخدم مصالح "إسرائيل" الاستراتيجية المتمثلة في تصنيف دولة رئيسي على أنها دولة متطرفة تشكل خطراً على شعبها والمنطقة. مسؤول استخبارات إسرائيلي كبير سابق قال لـ "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "رئيسي هو أحمدي نجاد الجديد. مثلما ساعدنا أحمدي نجاد في أن نشرح للعالم مدى خطورة الدولة الشريرة، ومثلما نجح خليفته روحاني في خلق انطباع معاكس، مما أثار استياءنا كثيراً، لذا فإن رئيسي هو دليل حي على فرضية "إسرائيل" بأن إيران نمر بلباس نعجة".
خلال فترة حكم الرئيس حسن روحاني، بُتر عمل "إسرائيل" على إقناع العالم بالتهديد الإيراني، لا سيما بالنظر إلى وجود وزير خارجيته اللطيف محمد جواد ظريف على المسرح العالمي بسلوكه الإنكليزي والغربي الذي لا تشوبه شائبة. وفقًا لتقييم الاستخبارات الإسرائيلية، المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي اختار رئيسي. مصدر أمني إسرائيلي قال لـ "المونيتور" طالباً عدم الكشف عن هويته: "إنهم يُعدّونه لخلافة خامنئي. كانت هذه خطوة عاجلة وليست خياراً افتراضياً وهي تفسر سبب إقصائهم لجميع المرشحين الذين ربما كانوا سيعرّضون هذه النتيجة لخطر.
من المتوقع أن تستفيد "إسرائيل" من انتخاب رجل الدين المتشدد الذي يسميه بينيت "جلاد طهران" لأغراض الدبلوماسية العامة، على الرغم من أن الأوان قد يكون فات نظراً لأن كل من الولايات المتحدة وإيران منسجمتان في عودتهما المتبادلة إلى الاتفاق (النووي).