"معاريف": مصاعب الجبهة الداخلية الإسرائيلية في الحرب المقبلة

صحيفة "معاريف" تعتبر أنه "من أجل الانتصار في الحرب المقبلة، إسرائيل بحاجة لجبهة داخلية قوية وتؤدي وظائفها". وتضيف أنه "من دون تغييرٍ أساسي للتنظيم والرؤية العملانية لمنظومة الجبهة الداخلية، سيكون من الصعب جداً ترجمة التفوقات الجلية للجيش الإسرائيلي".

  • "معاريف": على إسرائيل الاستعداد لحالة طوارئ يمكن أن يقع في كل يوم قتالٍ فيها مئات الإصابات المدنية

صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تنشر مقالاً للكاتب طال ليف رام، يتحدث فيه عن تحديات المعركة المقبلة، ويقول إنه في عملية "حارس الأسوار" تلقّت "إسرائيل" مجرد لمحة حول ما يمكن أن يحصل في معركة أوسع مع حزب الله وحماس، إلى جانب تصعيدٍ في المناطق الفلسطينية المحتلة. 

وأدناه نص المقال كاملاً منقولاً إلى العربية: 

أعلن زعيم حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، في هذا الأسبوع، أنه في الحرب المقبلة التي ستندلع ستنضم كل قوات المقاومة الموجودة من حول "إسرائيل". المرة المقبلة ستكون المعركة الكبرى، المعركة على القدس، وفق السنوار.

السنوار خرج من الجولة الأخيرة وبيده جزء قليل مما يشتهيه. حيث أنه فعلياً، العنف والاضطرابات والتوتر داخل "إسرائيل"، وفي القدس الشرقية أيضاً، خمدوا. في يهودا والسامرة (الضفة)، رغم إمكانية تصعيد كبيرة، الأرض لم تشتعل. في "إسرائيل" يقدّرون أداء أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، التي ساعدت في خفض ألسنة اللهب.

ساحة غزة هي مجرد جزء من التهديد الذي يجب على الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الأخرى الاستعداد له في المرة المقبلة: مواجهة متعددة الساحات؛ في الجنوب، في الشمال، وفي يهودا والسامرة (الضفة) – لكن أيضاً مع تحديات أصعب في الداخل الإسرائيلي.

كان من المفترض بالجيش الإسرائيلي في هذا الشهر إجراء المناورة الكبيرة. في صلبها المواجهة مع حزب الله، إلى جانب إطلاق قذائف صاروخية من غزة وتصعيد في يهودا والسامرة (الضفة). العملية الأخيرة قدّمت مثالًا مصغّرًا لأبعاد التهديد الصاروخي على الداخل الإسرائيلي. لكن ما لا يقل أهمية عن ذلك هو أنها وفّرت أيضًا فرصة لفهم أبعاد معركة أكبر – مع حزب الله وحماس، إلى جانب تصعيد في يهودا والسامرة (الضفة) وتطور جيوب فوضى ومشاكل صعبة في السلطة في المدن المختلطة، في المناطق العربية، وعلى امتداد الطرقات والمحاور المركزية في الشمال وفي الجنوب.

عبرة مركزية من الجولة الأخيرة هي أن كل تنظيم الجبهة الداخلية للحرب القادمة بحاجة إلى تغييرٍ من الأساس وإلى ثورة، تحت ثلاث مهامٍ مركزية: إنقاذ وإخلاء، معالجة شؤون السكان، والدفاع من انتفاضة شعبية.

من أجل الانتصار في الحرب المقبلة، "إسرائيل" بحاجة لجبهة داخلية قوية وتؤدي وظائفها. في الجيش الإسرائيلي يزعمون منذ عدة سنوات، وبحق، أن الجبهة الداخلية أصبحت جبهة مركزية يوجّه إليها الأعداء مركز ثقلهم في القتال. لكن استعداد الدولة لهذا التهديد في السنوات الأخيرة هو جزئي جداً فقط. القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي، مثلما تجلّت في العملية الأخيرة، تفوق بنسبة كبيرة أيضاً قدرات حزب الله في الشمال.

"إسرائيل" لها أيضاً تفوق جوي واستخباري جلي على أعدائها في كل القطاعات. لكن من دون تغييرٍ أساسي للتنظيم والرؤية العملانية لمنظومة الجبهة الداخلية، سيكون من الصعب جدًا ترجمة التفوقات الجلية للجيش الإسرائيلي في الهجوم إلى انتصارٍ وحسمٍ واضحين في الحرب المقبلة.

في السيناريو المرجعي الأخطر لحربٍ مع حزب الله وحماس بالتوازي، غالبية الجبهة الداخلية الإسرائيلية ستكون تحت تهديد القذائف الصاروخية. القوة النارية لحزب الله لا تشبه بأي حال قدرة حماس – لا بالكم ولا بالنوع ولا بالدقة أيضًا. عدد القتلى والجرحى في كل يوم قتال من هذا النوع هو مجرد جزءٍ صغير من الصورة الأوسع. على "إسرائيل" الاستعداد لحالة طوارئ يمكن أن يقع في كل يوم قتالٍ فيها مئات الإصابات المدنية بصورة غير مباشرة نتيجة القتال – أضرار لمنازل وبنى تحتية بأحجامٍ لم يسبق لإسرائيل أن اختبرتها أبدًا.

في المؤسسة الأمنية يفهمون جيداً أن النزع الكامل لهذا التهديد هو مسألة أصعب وأكثر تعقيداً بكثير مما في غزة. في الجيش الإسرائيلي يأخذون أيضاً بالحسبان، في الخطط التنفيذية، إمكانية نجاحٍ نقطوي لحزب الله في معركة من هذا النوع.

لكن إلى جانب التقدّم في الجيش الإسرائيلي في القدرات التنفيذية دفاعًا وهجومًا، التحدي في كل ما يتعلق بالجبهة الداخلية يستلزم سُلّم أولويات وطني مختلف كلياً.

الجبهة الداخلية، مع كتائبها للإنقاذ في النظامي والاحتياط والسلطات المحلية، بعيدة عن توفير استجابة للتهديد المتوقع. مهام إنقاذ وإخلاء من مواقع مدمّرة كثيرة والاعتناء بالسكان الذين يمكن أن يتركوا منازلهم بسبب إصابات الصواريخ، "إسرائيل" بحاجة لاستجابة مؤسساتية أهم بكثير.

القليل جداً تم القيام به في هذا المجال في السنوات الأخيرة. ليس الحديث هنا عن تحدٍ خاص للجبهة الداخلية، بل عن جهد وطني يجب استثمار موارد فيه. يجب إقامة وحدات إضافية في الاحتياط تخضع لتأهيلات مناسبة وتعرف كيف توفر استجابة في حالة طوارئ. منظومة موحدة، تجمع في حالة الطوارئ، تحت صلاحية واحدة، قوات كثيرة. الجبهة الداخلية تكون جهة القيادة المركزية، وتحتها قوات الشرطة، حرس الحدود، الإطفاء، والإنقاذ، ومندوبي الوزارات وسلطة الطوارئ الوطنية.

في الوضع الحالي، بنية الطوارئ للجبهة الداخلية الإسرائيلية بعيدة عن توفير استجابة كاملة للتحديات المتوقعة في الحرب المقبلة.