"المونيتور": نتنياهو لا يزال ينتظر اتصال بايدن وكأنه معاقب
المحلل الإسرائيلي بن كَسبيت، يقول إن نتنياهو يواصل قضم أظافره، بينما ينتظر بجانب الهاتف مكالمة طال انتظارها من البيت الأبيض. ويرى أن ربيب ترامب المدثّر والمدلل، يجد نفسه مُعاقَبًا ومُرسل إلى الزاوية.
كتب الكاتب والمحلل الإسرائيلي بن كَسبيت في صحيفة "المونيتور" الالكترونية، عن انتظار رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لمكالمة الرئيس الأميركي جو بايدن الهاتفية، ويقول إن بايدن لم يشر إلى "إسرائيل" أو التهديد الإيراني في خطابه الأول للسياسة الخارجية، وهذا ما يقلق بشدة. وجاء في المقال:
بحلول صباح أمس، 5 شباط/ فبراير، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يواصل قضم أظافره بينما ينتظر بجانب الهاتف مكالمة طال انتظارها من البيت الأبيض.
مثلما استغرق نتنياهو وقته في تهنئة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بفوزه الانتخابي على الرئيس دونالد ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر، فإن بايدن الآن يأخذ وقته في العودة إليه. لم يكن هذا ليحدث مع ترامب. كان الاتصال بنتنياهو على رأس قائمة مهامه عندما تولى منصبه في العام 2017. وبعد أربع سنوات، تم إقصاء نتنياهو إلى الهامش. ربيب ترامب المدثّر والمدلل يجد نفسه مُعاقَبًا ويرسل للوقوف في الزاوية.
مصدر دبلوماسي إسرائيلي قال لموقع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، عن تاخر الاتصال إنه "قد لا يكون متعمدًا. الأميركيون لا يركّزون حقا الآن على نتنياهو وشؤونه. لديهم أمور أخرى للتعامل معها. ربما لا يرغب بايدن ببساطة في منح نتنياهو ميزة انتخابية عشية الانتخابات الإسرائيلية. فبعد كل شيء، بايدن يدرك تمامًا مع من يتعامل، ويعرف كيف سيقوم مكتب نتنياهو بتلفيق أول مكالمة هاتفية بينهما".
في الحالتين، التوترات في مكتب نتنياهو عالية جداً، وتنعكس على طول الطريق إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، حيث يحاول السفير الجديد جلعاد إردان حل لغز الصمت الرئاسي. كيف ان بايدن رفع السماعة لدى اتصال الملك الأردني عبد الله في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ولم يتصل بعد بنتنياهو؟ ومع ذلك، على فرض أن المكالمة الهاتفية المنشودة ستتم في الأيام المقبلة، لا أحد لديه أدنى شك، بالرغم من التأخّر غير المعهود، من أن نتنياهو سيستفيد من المكالمة بالكامل، واصفاً للناخبين الإسرائيليين، علاقته الحميمة مع السيناتور ونائب الرئيس سابقًا منذ نحو أربعة عقود.
وراء الكواليس، مخاوف "إسرائيل" تتزايد. أشارت القدس بقلق إلى تخلّف بايدن عن ذكر "إسرائيل" أو التهديد الإيراني في خطابه الأول للسياسة الخارجية، الذي ألقاه أول أمس. وهناك علامات أخرى أيضا. يذكر البعض في القدس، أنه قبل تعيينه في منصب الممثل الخاص لإدارة بايدن لإيران، أعرب روبرت مالي عن انتقادات لاغتيال رئيس البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زاده العام الماضي، والذي نسبته وسائل الإعلام الأجنبية لـ "إسرائيل".
آخرون ينهالون على التصريحات التصالحية الأخيرة تجاه إيران، الصادرة عن واشنطن في الأسابيع الأخيرة، فيما يتعلق برغبة الولايات المتحدة الصريحة، بإعادة التفاوض مع إيران بشأن اتفاقية نووية معدّلة.
مصدر دبلوماسي إسرائيلي كبير آخر قال لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "الأمور ليست بهذه البساطة. هناك اختلافات معقدة بيننا وبين الأميركيين حول تصور التهديد الإيراني". وبحسب المصدر، نتنياهو قبِل في هذه المرحلة، توصيات مساعديه المحترفين بالانتظار بصبر لبدء حوار سري وحميم مع إدارة بايدن، وتجنب الانتقاد العلني للرئيس وفريقه.
مع ذلك، فإن انتخابات 23 آذار / مارس تلوح في الأفق، وإذا حوصر سياسيًا، من المفترض أن يتخلى نتنياهو عن التزامه بإجراء حوار هادئ مع واشنطن، ويشرع في خطابٍ ناري وتهديدي ضد إيران.
لقد خدمت إيران في الماضي، ولا تزال، كواحدة من أقوى البطاقات الانتخابية لنتنياهو، ولن يدع أي حوار محتمل مع بايدن، يُثنيه عن استخدامها مرة أخرى. أحد المقربين من رئيس الوزراء، قال شريطة عدم الكشف عن هويته إنه "في النهاية، سيفعل نتنياهو كل ما يعتقد أنه سيساعد على انتخابه".
المصدر استذكر كيف ذهب نتنياهو من دون علم الرئيس (الأميركي الأسبق) باراك أوباما، ورتّب مع كبار الجمهوريين لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس، في محاولة لإفشال الاتفاق النووي الوشيك مع إيران - قبل أسبوعين فقط من الانتخابات الإسرائيلية في مارس/ آذار العام 2015.
وقال المصدر لـ"المونيتور" إن "الأميركيين قلقون بشكل متزايد الآن من التهديد الصهيوني وليس التهديد الإيراني. هدفهم الأعلى هو تهدئة نتنياهو. ومع ذلك، فإن تأخير مكالمة هاتفية من بايدن، قد لا يكون أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف".
الثقة، أو بالأحرى غيابها، هي العقبة الرئيسة أمام إنشاء قناة اتصالات موثوقة بين البيت الأبيض ومكتب رئيس الوزراء. في الواقع، وبالعودة إلى الوراء لأعوام، فإن نتنياهو وبايدن كانا يتمتعان بعلاقة ودية. من ناحية أخرى، نتنياهو لا يصدّق كلمة واحدة يقولها الأميركيون الآن، خاصة عندما يتعلق الأمر بالديموقراطيين.
علاوة على ذلك، يعتقد نتنياهو أن معظم التعيينات الرئيسية في السياسة الخارجية لبايدن، لا تبشّر بالخير. كثيرون منهم خدموا في إدارة أوباما وشاركوا فيما يعتبره الاتفاق النووي الكارثي مع إيران.
نتنياهو يستعد لأسوأ سيناريو. بايدن، أيضًا، مطّلع بشكل كامل ويدرك ما الذي يتعامل معه، بمجرد أن يبدأ التحدث مع نتنياهو وفريقه. لا يبّشر أي من هذا بالخير فيما يتعلق بآفاق العلاقات بين الجانبين، خاصة أن القوى المعتدلة في الجانب الإسرائيلي - وزير الأمن بيني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي - لن تكون بعد تشكيل حكومة جديدة.
يعتقد المسؤولون في القدس أن إعلان وزير الخارجية أنطوني بلينكين في 31 كانون الثاني/يناير الماضي، عن أن إيران على بُعد أشهر، وربما أسابيع، من حيازة مواد انشطارية، كافية لصنع قنبلة مبالغ فيها ومتعمدة.
وبحسب مصادر دبلوماسية وأمنية إسرائيلية، فإن بلينكن يعلم أن الرقم الذي ذكره غير دقيق ويتعلق فقط بالمواد الانشطارية وليس بقدرة إيران على تصنيع رأس نووي وتثبيته على جهاز توصيل.
ويعتقدون أن إعلان بلينكن كان يهدف إلى تقديم مبرر مقنع، للعودة السريعة إلى المفاوضات مع إيران وربما حتى اتفاق نووي، وكأنه يقول إن الإدارة الجديدة تنقذ العالم وتقضي على برنامج إيران النووي الطموح.
بلطيف العبارة، لقد شعر أتباع نتنياهو بالارتباك من توقعات بلينكن. المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون، قلقون أكثر من الفجوات في التصوّر مع الأميركيين. مصدر أمني إسرائيلي قال لـ"المونيتور"، طالبًا عدم الكشف عن هويته، إن " الأميركيين بشكل عام، يريدون الخروج من الشرق الأوسط بأسرع ما يمكن. إنهم لا ينظرون إلى إيران على عتبة النووي على أنها تهديد أو خطر. لديهم قدرات قوة عالمية وجدول زمني مختلف عن جدولنا الزمني. بالنسبة لنا، إيران كدولة على عتبة النووي، خطيرة للغاية. وإيران ذات قدرة نووية تشكل تهديدًا وجوديًا، بينما يمكن لأميركا التعامل مع كلا الخيارين. لديها قدرات مختلفة، وبُعدها عن إيران أكبر بكثير ومحفزاتها مختلفة تمامًا".
لهذا السبب فإن المسؤولين الإسرائيليين، مقتنعون بأنه كلما تعاملت إسرائيل بشكل أسرع مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن هذه القضية، كلما كان ذلك أفضل.
المصدر الدبلوماسي الإسرائيلي الثاني اعترف بأن "الاستعدادات بدأت وهناك جس نبض. مشكلتنا هي أن الأميركيين بدأوا أيضًا بجس نبض إيران، في نفس الوقت. نحن في الواقع ندخل في سباق ... ولا أحد يعرف كيف سنخرج منه، في ظل الإدارة الحالية. لن يكون الأمر سهلاً، في أي حال".