"فورين بوليسي": لقاء نتنياهو ومحمد بن سلمان للتحضير لمواجهة إدارة بايدن

مع انتهاء حقبة ترامب، تشعر كل من "إسرائيل" ودول الخليج العربية بالقلق بشأن ما يمكن توقعه من إدارة بايدن وعودتها إلى الخطوط العريضة لسياسة أوباما.

  • بومبيو وصل إلى فلسطين المحتلة أمس وعقد قمة ثلاثية مع نتنياهو ووزير الخارجية البحريني (أ ف ب)
    بومبيو يعقد قمة ثلاثية مع نتنياهو ووزير الخارجية البحريني في فلسطين المحتلة (أ ف ب)

كتب جوناثان فيرزيغر، وهو باحث غير مقيم في المجلس الأطلسي يقيم في القدس المحتلة، مقالة في مجلة "فورين بوليسي" قال فيها إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمدينة نيوم السعودية للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأحد، يثير احتمال انضمام السعودية إلى التحالف الجديد لدول الخليج العربية مع "إسرائيل". 

وأضاف: يبدو كذلك أن اللقاء يُظهر كيف يعتمد الأعداء السابقون على بعضهم البعض لتبديد الرياح السيئة التي تهب بالفعل في اتجاههم من الإدارة المقبلة للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن. فباعتبارهما أكبر المستفيدين من السياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، يسعى نتنياهو ومحمد بن سلمان الآن إلى عزل نفسيهما عن المؤشرات التي ستنبذها إدارة بايدن قريباً باعتبارهما لاعبين مارقين.

لذلك ألغى نتنياهو اجتماعاً لمجلس الوزراء يوم الأحد، ووفقاً لروايات عدة، تسلل إلى طائرة خاصة لرجال الأعمال في رحلة مدتها ساعة واحدة عبر البحر الأحمر إلى الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية. ففي مدينة نيوم الصحراوية، وهي لا تزال تحت الإنشاء كمدينة للابتكار التكنولوجي بقيمة 500 مليار دولار، أمضى الزعيم الإسرائيلي ما يصل إلى خمس ساعات مع ولي العهد السعودي، وانضم إليه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومدير جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين.

وقال الكاتب إن ما ناقشه الرجال الأربعة تدور حوله تكهنات إذ اعتقد البعض أن الاجتماع كان حول هجوم وشيك على إيران قبل أن يحصل بايدن على فرصة للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، بينما كان آخرون يأملون أن تحذو السعودية حذو الإمارات والبحرين في تطبيع رسمي للعلاقات مع "إسرائيل". 

ففي 20 كانون الثاني / يناير 2021، من المرجح أن تتبع واشنطن سياسة مختلفة في الشرق الأوسط. تحدث بايدن صراحة عن إعادة تقييم العلاقة الأميركية السعودية في ضوء مقتل الصحافي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في اسطنبول عام 2018. فلا تزال معارضة نتنياهو الصريحة للمفاوضات مع إيران، ولا سيما خطابه في عام 2015 أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي، تُذكر باعتباره نكزة وقحة للرئيس السابق باراك أوباما عندما كان بايدن نائباً للرئيس.

قال جوشوا تيتلبوم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، والذي يكتب كتاباً عن تاريخ الجيش السعودي إن الاجتماع في نيوم كان يهدف إلى "حل شيء ما" قبل أن يترك ترامب منصبه ويريد أن "يرسل إشارة إلى إدارة بايدن". وقال إن الرسالة هي أن "هذين الحليفين الرئيسيين في المنطقة يجتمعان". ومع ذلك، يبدو أن الرسالة لم تكن موجهة للجمهور: بعد تسريب أنباء رحلة نتنياهو الأحد إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الاثنين وتأكيدها من قبل المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين، نفى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان رسمياً ذلك.

أما نتنياهو، الذي رفض الاثنين تأكيد أو نفي اللقاء، فقد صنع إطاراً فنياً من خلال إسقاط تلميحات حول لقاءات سرية مع قادة عرب من دون تأكيد حدوثها. ظهرت تقارير عن اجتماعات بين نتنياهو ومحمد بن سلمان على متن يخوت البحر الأحمر، في الأردن المجاور، وفي مدن أوروبية مختلفة. المرة الوحيدة التي التقى فيها نتنياهو علناً ​​بأي حاكم خليجي كانت في عام 2018، عندما زار السلطان قابوس الراحل في في مسقط في سلطنة عمان، الذي توفي في كانون الثاني / يناير الماضي.

وقالت المجلة إن كل هذه التلميحات تخفي علاقات دبلوماسية عميقة ولكن غير رسمية أقامها نتنياهو مع مجموعة واسعة من الدول العربية، حتى عندما تعرض للتشهير العلني بسبب سياسته المتشددة تجاه الفلسطينيين وخططه لضم ما يقرب من 30 في المئة من الضفة الغربية. وجاءت المكافأة في أيلول / سبتمبر، عندما جلس إلى جانب ترامب في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض ووقع "اتفاقيات إبراهيم" مع وزيري خارجية الإمارات والبحرين، مما فتح الطريق نحو العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج، إلى جانب التعاون الموعود في الأعمال والدفاع والاستخبارات والطيران والسياحة والبحوث الطبية والمصالحة بين المسلمين واليهود. وقد توجت الاتفاقات بصفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار أسقطت فيها "إسرائيل" اعتراضاتها طويلة الأمد على بيع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة من طراز F-35 للإمارات.

ورأى الكاتب أن ما ينقص التقارب مع "إسرائيل" هو مشاركة السعودية، أكبر وأغنى عضو في مجلس التعاون الخليجي. فكانت أول رحلة خارجية لترامب كرئيس إلى المملكة العربية السعودية، والتي أعقبها برحلة طيران مباشرة من الرياض إلى تل أبيب. منذ الإعلان عن الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي من المكتب البيضاوي في آب / أغسطس الماضي، قال ترامب ومساعدوه إنهم يتوقعون أن يصعد السعوديون على متن التطبيع أيضاً. حتى هذه النقطة، قال السعوديون إن أي اتفاق رسمي مع "إسرائيل" يجب أن يعتمد على مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي طرحها السعوديون في الأصل، والتي تطالب "إسرائيل" بقبول الدولة الفلسطينية والانسحاب من الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.

وختم الكاتب بالقول إنه مع انتهاء حقبة ترامب، تشعر كل من "إسرائيل" ودول الخليج العربية بالقلق بشأن ما يمكن توقعه من الإدارة الجديدة وتهيئة نفسها للعودة إلى الخطوط العريضة للسياسة المألوفة التي اتبعها أوباما، بما في ذلك نزع فتيل الصراع مع إيران والتعاطف مع الفلسطينيين والتأكيد على حقوق الإنسان. وقالت ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات في أبو ظبي، للمجلة إن من الواضح أن نتنياهو ومحمد بن سلمان يشتركان في بعض المخاوف العميقة قبل رحيل ترامب، وهما يريدان التأكد من أن ما سيفعله بايدن لن يؤثر على مصالحهما المشتركة.

ترجمة بتصرف: الميادين نت

بعد 4 سنوات من ولاية الرئيس دونالد ترامب يخوض الأخير انتخابات جديدة للفوز بولاية ثانية، فيما يخوض الديمقراطيون معركة العودة إلى الرئاسة مستفيدين من أخطاء ترامب والمشاكل التي أغرق فيها أميركا.