"المونيتور": الخلاف مع إيران يوثّق العلاقات بين تركيا والإمارات و"إسرائيل"
ليست الهجمات على الأهداف الإماراتية والتركية من قبل القوات المعادية للتطبيع مع "إسرائيل" مجرد مصادفة لأن احتمال إقامة شراكات إقليمية جديدة يزعج إيران.
كتب المحلل التركي فهيم تستكين مقالة في موقع "المونيتور" الأميركي تناول فيها التقارب بين تركيا وكل من دولة الإمارات العربية المتحدة و"إسرائيل" معتبراً أنها تتقاطع مع عداء الدول الثلاث وخلافاتها مع إيران وحلفائها في العراق واليمن. وقال إنه وسط خطوات التقارب المتقاطعة على مثلث تركيا والإمارات و"إسرائيل"، واجهت الأهداف الإماراتية والتركية سلسلة من الهجمات، تم الزعم أو يُعتقد أنها من عمل الجماعات المرتبطة بإيران.
وأشار الكاتب إلى هجمات "أنصار الله" الحوثيين بالصواريخ على الإمارات ثلاث مرات الشهر الماضي، وكان آخرها هجوم وقع في 31 كانون الثاني / يناير عندما زار الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أبو ظبي. ثم تعرضت قاعدة عسكرية تركية في العراق للهجوم في 3 شباط / فبراير الجاري، بعد يوم من زعم جماعة "ألوية الوعد الحق"، وهي جماعة مرتبطة بكتائب حزب الله العراقية، أنها أطلقت أربع طائرات مسيرة استهدفت منشآت حيوية في الإمارات.
وأضاف الكاتب أنه في الوقت الذي تتطلع فيه "إسرائيل" إلى إضافة بُعد أمني لعلاقاتها مع الإمارات والبحرين بعد اتفاقات أبراهام، لا ينبغي أن تكون ردود الفعل الإيرانية عبر حلفائها مفاجأة. ولا ينبغي أن يكون استهداف تركيا مفاجئًا أيضاً، وسط سعيها لتطبيع العلاقات مع دول الخليج و"إسرائيل".
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها القوات التركية في قاعدة بعشيقة بالقرب من الموصل للهجوم، لكن توقيت حادثة 3 شباط / فبراير، حيث تم إطلاق 18 صاروخاً عليها، كان واضحاً. فقد أعلنت جماعة غير معروفة حتى الآن تطلق على نفسها اسم "أحرار سنجار" أنها هاجمت القاعدة التركية لأن الحكومة العراقية فشلت في حماية سنجار، المنطقة اليزيدية حيث تلاحق تركيا حزب العمال الكردستاني وفروعه المحلية.
ولطالما كان لحزب العمال الكردستاني - الذي صنفته أنقرة جماعة إرهابية على مدار حملته المسلحة التي استمرت نحو أربعة عقود في تركيا - قواعد في جبال كردستان العراق على طول الحدود التركية. ومنذ عام 2014، وسع الحزب وجوده إلى سنجار بعد مساعدة الأيزيديين ضد تنظيم "داعش"، بحسب الكاتب.
وقال إنه من المحتمل جداً أن تكون "أحرار سنجار" مرتبطة بوحدات "الحشد الشعبي" العراقية المدعومة من إيران. وفور الهجوم، تعهد حميد الموسوي، النائب عن تحالف "فتح" العراقي بطرد "قوات الاحتلال" كافة من العراق، بما في ذلك القوات الأميركية والتركية.
وتجاهلت أنقرة دعوات متكررة من بغداد لإخلاء قاعدة بعشيقة التي أنشأتها عام 2015 لتدريب ميليشيا سنية تسمى "الحشد الوطني" لتحرير الموصل من تنظيم "داعش". وقبل يوم من الهجوم على القاعدة قصفت تركيا أهدافاً في سنجار ومخمور في العراق وديريك في سوريا. وأدت غارة مخمور إلى مقتل ثمانية أشخاص، بينهم خمسة من أعضاء حزب العمال الكردستاني، وإصابة 17 آخرين. في ديريك، قُتل أربعة مقاتلين من "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد، والتي تعتبرها تركيا فرعاً من حزب العمال الكردستاني. وأشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات 3 شباط / فبراير، بحكومة إقليم كردستان بقيادة نيجيرفان بارزاني لـ"تضامنها المتزايد" مع تركيا ضد حزب العمال الكردستاني.
ورأى الكاتب أن العامل المشترك الآخر وراء الهجمات على الأهداف الإماراتية والتركية قد يكون الجهود المستمرة لتشكيل حكومة ائتلافية في العراق. إذ يبدو أن خطة السيد مقتدى الصدر، الفائز في انتخابات تشرين الأول / أكتوبر الماضي، لتشكيل حكومة أغلبية مع كتلتين سنيتين والأكراد، تتداخل مع مصالح كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة.
وقد عارض الصدر أيضاً العمليات العسكرية التركية في العراق، لكن يبدو أنه خيار أكثر منطقية لأنقرة من الكتلة الشيعية المنافسة التي تضم بين قادتها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي. فقد استُقبل الصدر على مستوى عالٍ في أنقرة عام 2009، وعقد اجتماعات مع الرئيس التركي آنذاك ومع أردوغان، الذي كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت. وحدثت عدة اتصالات أخرى مع الصدر في السنوات التالية، ولكن دون نتيجة تذكر. وفي عام 2016، كان أنصار الصدر في طليعة الاحتجاج على قاعدة بعشيقة خارج السفارة التركية في بغداد. وجادل الصدر نفسه ضد استخدام القوى الأجنبية للعراق كمسرح نفوذ وانتقد عمليات تركيا ضد حزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية.
وزعم الكاتب أن "موقف الصدر الأكثر قومية ضد النفوذ الإيراني في العراق مهم لأنقرة، إذ ستكون كل من تركيا ودول الخليج العربية راضية عن حكومة يقودها الصدر وتحد من النفوذ الإيراني في العراق".
في الإمارات، ألقت الهجمات الصاروخية اليمنية وزيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بظلالها على ذوبان الجليد الأخير مع إيران، وبحسب ما ورد حالت دون خطط لزيارة رئاسية إيرانية في أوائل شباط / فبراير. مستشهدين بعلاقات الإمارات مع "إسرائيل"، هدد "الحوثيون" بمزيد من الهجمات، بينما عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت "دعماً استخبارياً وأمنياً" للإمارات في رسالة إلى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
في غضون ذلك، وقع وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس على اتفاقية تعاون أمني مع البحرين خلال زيارته الأولى للمملكة في 3 شباط / فبراير.
وأوضح الكاتب أن إضافة "إسرائيل" للتعاون الاستخباراتي والدفاعي إلى علاقاتها مع دول الخليج العربية أمر مقلق بالتأكيد لطهران. ففي مكالمة هاتفية مع نظيره الإماراتي في 2 شباط / فبراير، قال وزير الخارجية الإيراني إنه لن يستفيد أحد من استمرار الحرب في اليمن وحذر من أن الوجود الإسرائيلي المتزايد يشكل تهديداً لجميع دول المنطقة.
كما أجرت إيران محادثات مع السعودية لإصلاح العلاقات، ولكن بسبب التصعيد في اليمن، فشل الحوار الذي توسط فيه العراق في أن ينضج. ولا تزال الاستعدادات جارية لعقد جولة خامسة من المحادثات.
وسط كل هذه التطورات، أوضح أردوغان أن التنافس في مجال الطاقة في شرق البحر المتوسط هو محرك رئيسي في سعي تركيا للتطبيع مع "إسرائيل". وفي تصريحات للصحافيين في 3 شباط / فبراير، قلّل من شأن قطع إيران المؤقت لإمدادات الغاز عن تركيا، بينما سلّط الضوء على التعاون في مجال الغاز مع "إسرائيل" باعتباره أحد الموضوعات الرئيسية في المحادثات المقبلة مع هرتسوغ في أنقرة. وقال إن تركيا مستعدة "لاستخدام الغاز الإسرائيلي داخل البلاد، علاوة على أن تكون جزءاً من مسعى مشترك لنقل الغاز إلى أوروبا".
وخلص الكاتب التركي إلى أنه في الوقت الذي تتطلع فيه أنقرة إلى جذب "إسرائيل" من خلال شراكة في مجال الطاقة، وجذب الإمارات والسعودية من خلال التعاون الدفاعي، بما في ذلك بيعها طائرات بدون طيار مسلحة، فإن إعادة تنظيم القوى الإقليمية على هذا الشكل لن ترضي طهران. وقال "يبدو أن العراق هو الجبهة الأولى التي يظهر فيها انزعاج إيران من تركيا".
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت