"نيويورك تايمز": ترامب بحث ضرب إيران لعرقلة عودة بايدن إلى الاتفاق النووي

نقلت الصحيفة عن مسؤولون أميركيين قولهم إن ترامب ربما لا يزال يبحث عن طرق لضرب الأصول الإيرانية وحلفاء إيران، بما في ذلك الفصائل في العراق. 

  • صورة وزعتها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تظهر مستودعاً مدمراً في مجمع نطنز النووي جنوب العاصمة طهران في 2 تموز/يوليو 2020.
    صورة وزعتها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تظهر مستودعاً مدمراً في مجمع نطنز النووي جنوب العاصمة طهران في 2 تموز/يوليو 2020.

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن مستشاري الرئيس دونالد ترامب قد أثنوه عن المضي في توجيه ضربة لموقع نووي إيراني رئيسي، محذرين من أن الأمر قد يتصاعد إلى صراع أوسع في الأسابيع الأخيرة له في منصبه.

ونقلت الصحيفة عن أربعة مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين قولهم يوم الإثنين إن ترامب سأل كبار المستشارين في اجتماع في المكتب البيضاوي يوم الخميس الماضي عما إذا كانت لديه خيارات لاتخاذ إجراء ضد الموقع النووي الإيراني الرئيسي في الأسابيع المقبلة. وأوضحوا أن الاجتماع قد عقد بعد يوم من إعلان المفتشين الدوليين عن زيادة كبيرة في مخزون إيران من المواد النووية.

وقام عدد من كبار المستشارين بإثناء الرئيس عن المضي قدماً في ضربة عسكرية. والمستشارون هم نائب الرئيس مايك بنس وزير الخارجية مايك بومبي وكريستوفر سي ميللر، القائم بأعمال وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك إيه ميلي. وقد حذر الأخير من أن توجيه ضربة ضد المنشآت الإيرانية يمكن أن يتصاعد بسهولة إلى صراع أوسع نطاقاً في الأسابيع الأخيرة من رئاسة ترامب.

وقالت "نيويورك تايمز" إنه من شبه المؤكد أن أي هجوم - سواء بصاروخ أو هجوم إلكتروني - سيركز على منشآة نطنز، حيث أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الأربعاء الماضي أن مخزون إيران من اليورانيوم أصبح الآن أكبر بمقدار 12 مرة مما هو مسموح به بموجب الاتفاق النووي الذي تخلى عنه ترامب في عام 2018. كما أشارت الوكالة إلى أن إيران لم تسمح لها بالوصول إلى موقع آخر مشتبه به حيث توجد أدلة على نشاط نووي سابق.

قال المسؤولون الأميركيون إن ترامب سأل كبار مساعديه في مجال الأمن القومي عن الخيارات المتاحة وكيفية الرد.

وبعد أن وصف بومبيو والجنرال ميلي المخاطر المحتملة للتصعيد العسكري، غادر المسؤولون الاجتماع معتقدين أن الهجوم الصاروخي داخل إيران لم يعد مطروحاً على الطاولة، وفقاً لمسؤولين في الإدارة على دراية بالاجتماع.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولون أميركيين قولهم إن ترامب ربما لا يزال يبحث عن طرق لضرب الأصول الإيرانية وحلفاء إيران، بما في ذلك الميليشيات في العراق. 

وكانت مجموعة أصغر من مساعدي الأمن القومي قد اجتمعت في وقت متأخر من يوم الأربعاء لمناقشة مسألة إيران، في اليوم السابق للقاء الرئيس ترامب مع كبار مساعديه.

ولم يرد مسؤولو البيت الأبيض على طلبات التعليق من الصحيفة.

وقالت الصحيفة إن هذا الاجتماع كشف كيف أن ترامب لا يزال يواجه مجموعة من التهديدات العالمية في أسابيعه الأخيرة في منصبه. وقد لا تلعب الضربة على إيران دوراً جيداً لدى قاعدته الشعبية، التي تعارض إلى حد كبير الصراع الأميركي الأعمق في الشرق الأوسط، لكنها قد تسمم العلاقات مع طهران بحيث يكون الأمر أكثر صعوبة على الرئيس المنتخب جوزيف بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، كما وعد.

ومنذ أن قام ترامب بإقالة وزير الدفاع مارك إسبر وغيره من كبار مساعدي البنتاغون الأسبوع الماضي، عبرت وزارة الدفاع ومسؤولون آخرون عن الأمن القومي بشكل خاص عن مخاوفهم من أن الرئيس قد يبدأ عمليات، سواء علنية أو سرية، ضد إيران أو خصوم آخرين في نهاية ولايته.

وأشارت الصحيفة إلى أن أحداث الأيام الماضية ليست المرة الأولى التي تظهر فيها سياسة إيران في الأيام الأخيرة لإدارة راحلة. فخلال الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس جورج بوش الإبن في عام 2008، سعى المسؤولون الإسرائيليون، القلقون من أن إدارة باراك أوباما القادمة ستسعى لمنعها من قصف المنشآت النووية الإيرانية، للحصول على قنابل خارقة للتحصينات وقاذفات القنابل ومساعدة استخباراتية من الولايات المتحدة لقيام بهجوم بقيادة إسرائيلية عليها.

وكتب نائب الرئيس بوش، ديك تشيني، لاحقاً في مذكراته أنه كان يؤيد الفكرة، لكن الرئيس بوش لم يؤيد ذلك. لكن النتيجة كانت تعاوناً أوثق مع "إسرائيل" في هجوم إلكتروني ضد منشأة نطنز، والتي قضت على حوالى 1000 جهاز طرد مركزي نووي إيراني.

ومنذ ذلك الحين، قام وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون بمراجعة خطط الضربات مرات عدة. ولديها الآن خيارات عسكرية وإلكترونية تقليدية، وبعضها يجمع بين الاثنين، وبعضها ينطوي على عمل مباشر من قبل "إسرائيل".

وخلص التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران لديها الآن مخزون يزيد عن 2442 كيلوغراماً، أو أكثر من 5385 رطلاً، من اليورانيوم منخفض التخصيب. وهذا يكفي لإنتاج سلاحين نوويين، بحسب زعم تحليل لتقرير معهد العلوم والأمن الدولي. لكن الأمر سيتطلب أشهراً عدة من المعالجة الإضافية لتخصيب اليورانيوم لصنع مواد قابلة للقصف، مما يعني أن إيران لن تكون قريبة من القنبلة حتى أواخر الربيع المقبل على أقرب تقدير، بعد فترة طويلة من ترك ترامب منصبه.

وقالت "نيويورك تايمز" إنه في حين أن الكمية مقلقة، فهي أقل بكثير من كمية الوقود التي كانت تمتلكها إيران قبل أن يتوصل الرئيس باراك أوباما إلى اتفاق نووي مع طهران في تموز / يوليو 2015. ففي أواخر ذلك العام، بموجب شروط الاتفاق، شحنت إيران حوالى 97 في المئة من مخزونها من الوقود إلى روسيا أي حوالى 25000 رطل، مما تركها تملك أقل مما تحتاجه لبناء سلاح نووي واحد.

وقد تمسك الإيرانيون بهذه القيود حتى بعد أن ألغى ترامب المشاركة الأميركية في الاتفاق النووي مع إيران في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات. وبدأ الإيرانيون في الخروج ببطء من هذه القيود العام الماضي، معلنين أنه إذا شعر ترامب بحرية انتهاك شروطه، فلن يستمروا في الالتزام به. لكن الإيرانيين بالكاد تسابقوا لإنتاج مواد جديدة: لقد كان تقدمهم بطيئاً وثابتاً، ونفوا السعي لبناء سلاح نووي، على الرغم من أن الأدلة التي سرقتها "إسرائيل" من إيران قبل سنوات عدة أوضحت أن هذه كانت الخطة قبل عام 2003، بحسب الصحيفة.

وجادل ترامب منذ حملته الانتخابية لعام 2016 بأن إيران كانت تخفي بعض أفعالها ولا تفي بالتزاماتها. وقد أعطاه تقرير المفتشين الأسبوع الماضي أول دليل جزئي لدعم هذا الرأي، بحسب "نيويورك تايمز". فقد انتقد التقرير إيران لعدم إجابتها على سلسلة من الأسئلة حول مستودع في طهران حيث عثر المفتشون على جزيئات اليورانيوم، مما أدى إلى الشك في أنه كان في السابق نوعاً من منشآت المعالجة النووية. وقال التقرير إن إجابات إيران "ليست ذات مصداقية من الناحية الفنية".

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد اشتكت من قبل من منع المفتشين من إجراء مراجعة كاملة لبعض المواقع المشتبه فيها.

وقالت الصحيفة إنه ليس الجيش الأميركي فقط هو الذي يبحث في الخيارات ضد إيران. وقال مسؤولون إن بومبيو يراقب عن كثب الأحداث الجارية على الأرض في العراق بحثاً عن أي تلميح للعدوان من إيران أو الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها ضد الدبلوماسيين أو القوات الأميركية المتمركزة هناك.

ووضع بومبيو بالفعل خططاً لإغلاق السفارة الأميركية في بغداد بسبب مخاوف من تهديدات محتملة، على الرغم من أنه بدا في الأيام الأخيرة أنه على استعداد لترك هذا القرار للإدارة المقبلة. وقد تضاءلت الهجمات بقذائف المورتر والصواريخ على السفارة خلال الأسابيع العديدة الماضية، وقد تستغرق مهمة إغلاق أكبر بعثة دبلوماسية أميركية في العالم شهوراً حتى تكتمل. لكن المسؤولين قالوا إن ذلك قد يتغير إذا قُتل أي أميركي قبل يوم تنصيب الرئيس.

وقالت "نيويورك تايمز" إن المسؤولين الأميركيين يشعرون بالقلق بشكل خاص بشأن الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الفريق قاسم سليماني، قائد قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني، والزعيم العراقي لميليشيا مدعومة من إيران، أبو مهدي المهندس، التي ستحل في الثالث من كانون الثاني / يناير، حيث يصر القادة الإيرانيون بانتظام على أنهم لم ينتقموا بعد.

وأضافت أن بومبيو، الذي كان من أشد المؤيدين من بين مستشاري ترامب لإعاقة إيران بينما لا تزال الإدارة قادرة، أوضح أخيراً أن موت أميركي سيكون بمثابة خط أحمر قد يؤدي إلى رد عسكري.  ومن شأن ذلك أن يزيد التوترات بين واشنطن وبغداد. وقال دبلوماسيون إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي سيعارض بشكل شبه مؤكد قتل العراقيين، حتى رجال الميليشيات المدعومين من إيران، على الأراضي العراقية على يد القوات الأميركية التي تواجه بالفعل مطالب بمغادرة البلاد.

ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم 

بعد 4 سنوات من ولاية الرئيس دونالد ترامب يخوض الأخير انتخابات جديدة للفوز بولاية ثانية، فيما يخوض الديمقراطيون معركة العودة إلى الرئاسة مستفيدين من أخطاء ترامب والمشاكل التي أغرق فيها أميركا.