"التايمز": السعودية ستندم على حرب أسعار نفط طويلة الأمد
الإحساس الذي نتلقاه الآن من روسيا هو أنهم واثقون من أنهم قادرون على التعامل مع الأسعار المنخفضة، ويمكنهم زيادة إنتاجهم وفي الوقت نفسه لا يتعرضون لأذى مالي كبير.
قالت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية أنه مع انهيار المحادثات بين منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا يوم الجمعة الماضي، أصدر وزير الطاقة السعودي حكماً مشؤوماً. نقل عن الأمير عبد العزيز قوله لمن حضروا الاجتماع في فيينا: "اليوم سيكون يوماً مؤسفاً".
لم يكن يمزح. في اليوم التالي، خفضت السعودية الأسعار، ويبدو أنها بدأت حرب أسعار أدت إلى انخفاض سعر خام برنت يوم أمس بنحو خمس سعره إلى 37 دولاراً للبرميل والأسواق العالمية كانت في أسوأ يوم لها منذ الأزمة المالية.
انخفضت أسعار النفط بشكل كبير من أعلى مستوى لها وهو 68 دولاراً للبرميل في بداية العام بعد أن ضرب فيروس كورونا الطلب على الوقود للسفر والتصنيع.
وقال جون ريغبي، المحلل فيUBS ، إن المحادثات في فيينا كان يُفترض أن تكون فرصة لـ"أوبك" زائد مجموعة من كبار المنتجين، والتي تضم روسيا على الرغم من أنها ليست عضواً في أوبك، "لتطوير استجابة للتأثير المنتشر لفيروس "كوفيد -19" على الطلب على النفط". وأضاف ريغبي أنه بدلاً من ذلك حصلنا على الانقسام. يبدو أن الشراكة بين المملكة العربية السعودية (الدولة الرئيسية في أوبك) وروسيا، قد انهارت ولم تترك فقط تخفيضات إضافية ولكن وضعت الاتفاقية الحالية في حالة من الفوضى.
ووصف الآثار المترتبة على النفط بأنه مرير وحذر من أن الأسعار من المرجح أن تنخفض إلى 30 دولاراً أو أقل "قبل أن يرمش أحدهم". وتوقع المحللون في "بنك أوف أميركا" و"غولدمان ساكس" أن تنخفض الأسعار إلى 20 دولاراً.
وتعمل منظمة أوبك، التي تضم 13 عضواً والتي تضخ حوالي ثلث الخام العالمي، على تشكيل الأسعار منذ عقود. وجاء تحالفها مع روسيا في الوقت الذي اتفقوا فيه على فرض قيود على الإنتاج في أواخر عام 2016، وهو العام الذي انخفضت فيه أسعار النفط إلى ما دون 30 دولاراً تقريباً بعد طفرة في الولايات المتحدة غمرت العالم بالنفط.
وقال بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في "بنك الشمال الأوروبي SEB": "عارض منتجو النفط في روسيا بشدة خفض الإنتاج بعد أن رأوا كيف استبدل منتجو النفط الصخري الأميركي بسرعة أي تخفيضات نفذتها أوبك زائد شركائها. لا جدوى من كبح العرض إذا تم استبداله بسرعة بزيت صخري أميركي. في هذه الحالة، يمكن فقط لأسعار النفط المنخفضة أن تتعامل مع إنتاج الزيت الصخري الأميركي".
قالت آن لويز هيتل، المستشارة في شركة "وود ماكينزي"، إن روسيا والسعودية قد عالجتا من قبل قضايا لكن شيئين قد تغيرا. أولاً، أصبح الأمير عبد العزيز وزيراً للطاقة فقط أواخر العام الماضي، ليحل محل خالد الفالح، الذي تفاوض على الصفقة الأصلية في عام 2016 وعمل بجد مع وزير الطاقة الروسي لإبقائها سوية. ثانياً، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة تابعة لشركة روسنفت، وهي شركة النفط الرئيسية في روسيا. وقالت هيتل: "إن الإحساس الذي نتلقاه الآن من روسيا هو أنهم واثقون من أنهم قادرون على التعامل مع الأسعار المنخفضة، ويمكنهم زيادة إنتاجهم وفي الوقت نفسه لا يتعرضون لأذى مالي كبير".
تعتقد حليمة كروفت، من شركةRBC Capital Markets ، أن العقوبات على شركة روسنفت ربما لعبت دوراً حاسماً في تغيير مسار السياسة في موسكو. وقالت إن إيغور سيتشين، رئيس "روسنفت"، بدا أنه أقنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعطاء الأولوية "لإفساد صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة على حساب الحفاظ على العلاقات المالية المربحة مع دول الخليج" وأنه "لا يسعى إلى القضاء على الحصة السوقية لمنتجي الصخر الأميركي، بل على سياسة العقوبات الأميركية العدوانية التي مكنتها وفرة الطاقة الأميركية".
وقالت كروفت إن رد السعودية بخفض أسعار البيع الرسمية كان "إشارة قوية على أن المملكة بدأت حملة شرسة لانتزاع حصتها في السوق بعيداً عن موسكو في محاولة لتغيير حساب التفاضل والتكامل في صنع القرار في الكرملين". وتعتقد كروفت أن الرياض تستعد لزيادة الإنتاج "في محاولة لإعادة موسكو إلى طاولة مفاوضات أوبك".
ليس كل المحللين متأكدين من هدف السعودية. قال محللون في "بنك أوف أميركا" أمس: "لا يزال من المهم معرفة ما إذا كانت هذا التحرك السعري السعودي الجديد يشن ضد روسيا أم ضد الصخر الزيتي الأميركي. إذا قام السعوديون بخفض سعر النفط الرسمي لإعادة روسيا إلى طاولة المفاوضات، فقد تتعافى الأسعار بشكل أسرع قليلاً. ولكن إذا كانت حرب حصتها في السوق تُشن ضد الصخر الأميركي، فمن المحتمل انخفاض أسعار النفط لفترة أطول".
وقالت نيامه ماكبرني من شركة "فيريسك مابل-كروفت الاستشارية العالمية للمخاطر": "ترغب السعودية وروسيا على السواء في مواجهة قدرة صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة. وتأمل السعودية في التصرف بحسم للاستحواذ على حصتها في السوق، وإجبار روسيا على العودة إلى طاولة المفاوضات وإزالة تهديد الصخر الأميركي على المدى الطويل". وحذرت من أن استراتيجية الرياض "تنطوي على مخاطر كبيرة حيث لم يتم عمل الكثير لتعزيز قدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة صدمات أسعار النفط".
وأضافت أنه على النقيض من ذلك، "فإن روسيا في وضع جيد بوجه عام لحرب أسعار النفط" وهي تحتاج إلى أسعار لا تتجاوز 42 دولاراً للبرميل تقريباً مع احتياطي العملات الأجنبية بحوالى 570 مليار دولار.
يمكن لأوبك وروسيا إحياء تحالفهما في اجتماع أوبك المقبل المقرر عقده في حزيران / يونيو المقبل أو عقد اجتماع طارئ في أقرب وقت. وإذا لم تجتمعا، فإن المخاطر التي يأسف لها السعوديون كما تحدث عنها الأمير عبد العزيز يوم الجمعة قد لا تقتصر على منافسيهم. وقال "بنك أوف أميركا" إن "ميزان الحساب الجاري في السعودية لا يزال حساساً للغاية لتقلبات أسعار النفط الخام. فهي بالكاد تستطيع تحمل حرب أسعار طويلة".
ترجمة: الميادين نت