"نيوزويك": من خسر السعودية؟
مجلة "نيوزويك" الإلكترونية تنشر مقالاً تتحدّث فيه عن تغيّر العلاقات بين السعودية والغرب، وتُعدّد أسباب ذلك على مدى سنوات.
نشرت مجلة "نيوزويك" الإلكترونية مقالاً كتبه الرئيس السابق للبعثة الأميركية في السفارة السعودية دايفيد راندل، والسفير والمستشار السابق في القيادة المركزية الأميركية مايكل غوفلير، تحدّثا خلاله عن العلاقة المتغيرة بين المملكة العربية السعودية والغرب.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية (بتصرف):
في شباط/فبراير 1980، سافر مستشار الأمن القومي زبيغنيو بريجنسكي إلى الرياض ليطلب دعماً سعودياً في معارضة الغزو السوفياتي لأفغانستان... وافق الملك خالد بسرعة، وعلى مدى العقد التالي، كان الدعم المقدم من المملكة العربية السعودية يضاهي الدعم الأميركي للمجاهدين الأفغان بالدولار.
في المقابل، وفي عام 2022، طلب العديد من كبار المسؤولين الأميركيين والأوروبيين من السعوديين المساعدة في الحد من ارتفاع أسعار النفط بعد الحرب في أوكرانيا. هذه المرة قال السعوديون لا. ما الذي تغير؟ كما هو الحال مع معظم العمليات التاريخية، العلاقة المتغيرة بين المملكة العربية السعودية والغرب تعود لأسباب عديدة.
أولاً، انتهت الحرب الباردة. السعوديون شعب شديد التدين ويعارض الشيوعية بشدة، وكان الدين يُستخدم كأساس لمحاربة الشيوعية وروسيا – الاتحاد السوفيتي سابقاً... لكن الآن، وكما يعبّر السفير السعودي إلى الولايات المتحدة، فإنّ النظرة إلى روسيا قد تغيرت، فروسيا لم تعد تروّج للإلحاد أو للإطاحة بالملكيات العربية.
ثانياً، الملك سلمان لا يشغل محطة وقود عالمية أو مؤسسة خيرية دولية. الملك الآن يسعى لتحقيق مصالح أمته والمحافظة على عائدات النفط كجزء من توصيفه الوظيفي. بين حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر، انخفضت الأسعار بنحو 30%، وقامت الوكالة الدولية للطاقة بتخفيض الطلب على النفط بسبب تقهقر الاقتصاد. حتى بعد تخفيضات إنتاج "أوبك" ، لا تزال وزارة الطاقة الأميركية تتوقع انخفاض الأسعار العام المقبل... يريد السعوديون تثبيت الأسعار ويمكنهم أن يقرروا أنّ المزيد من تخفيضات الإنتاج ضرورية.
ثالثاً، يُشكك السعوديون الآن في مصداقية الالتزامات الأمنية الغربية، فقد حثوا التحالف متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة على عدم الانسحاب بالكامل من العراق وتوقعوا بدقة صعود "الدولة الإسلامية". لقد أزعجهم الانسحاب الغربي المتسرع من أفغانستان. إنّهم يعتبرون الحكومة الثورية في طهران عدواً عنيداً ويقلقون من أي مبادرة من شأنها أن تضخ الأموال إلى خزائن إيران، مثل الصفقة النووية المقترحة.
أصبحت التهديدات الغربية بقطع مبيعات الأسلحة روتينية، وتردد الولايات المتحدة في تزويد السعوديين بتكنولوجيا الطائرات بدون طيار، وهذا أجبرهم بالفعل على الحصول عليها من إيطاليا والصين.
كل هذا جعل السعوديين يشعرون بعدم التقدير. ويعتقدون أنّهم دعموا الجهود الغربية للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومحاربة الإرهاب. يواصلون تداول النفط بالدولار، مما يقوي العملة الأميركية والنظام المالي الغربي الذي يعتمد عليه. إنهم مستاؤون من السياسيين الذين يدينون تخفيضات الإنتاج دون أن يلاحظوا أبداً الزيادات المتكررة في الإنتاج.
أخيراً، العلاقات الشخصية مهمة. هم مستاؤون من التركيز على سلبياتهم بدلاً من التركيز على الجهود الإيجابية التي يبذلونها. يفهم السعوديون أنّ السياسيين الغربيين خلال الحملة الانتخابية قد يقولون أشياء قد لا تعكس نواياهم الحقيقية. كانت الإشارات إلى هذه الدولة على أنّها "دولة منبوذة" مؤذية ولكنها كانت تقصد الرياض. كما أن هناك حاجة لدى القادة في الغرب إلى جهةٍ يلقون اللوم عليها لارتفاع نسبة التضخم، وهي بالطبع السعودية.
يحتاج القادة الغربيون إلى شخص يلومه على تضخم الطاقة. إنهم غاضبون لأن السعوديين لم يلقوا بهم شريان الحياة، ويتغاضون عن حقيقة أنّ الحرب في أوكرانيا، والإنفاق الحكومي الهائل خلال الوباء، وتراجع إنتاج النفط الأميركي، كلّها عوامل مرتبطة بأسعار البنزين مثل "أوبك".
لقد نسوا أنّنا نبيع الأسلحة للسعوديين ونتبادل المعلومات الاستخبارية معهم ليس لصالحهم، ولكن لأنّ من مصلحتنا القيام بذلك. إنّهم يتجاهلون الحقيقة البسيطة المتمثلة في أنّ المملكة العربية السعودية تظل المنتج الوحيد للنفط القادر على جلب كميات كبيرة من النفط إلى السوق بسرعة من خلال أمر حكومي، وهي قدرة قد تحتاجها أوروبا هذا الشتاء.