"Responsible Statecraft": هل سيغير الجيل "Z" سياسة أميركا الخارجية تجاه "إسرائيل"؟

ليست فقط الاحتجاجات، ولكن استطلاعات الرأي التي لا تعدّ ولا تحصى تظهر تحوّلاً جذرياً في وجهة نظر الجيل "Z" من الأميركيين نحو الدعم الأميركي غير المشروط لـ "إسرائيل".

  • "Responsible Statecraft": هل سيغيّر الجيل "Z" سياسة أميركا الخارجية تجاه "إسرائيل"؟

موقع "Responsible Statecraft" ينشر مقالاً للكاتب جورجيو كافييرو، يتحدّث فيه عن رأي الأميركيين من الجيل "Z" بالدعم الأميركي غير المشروط لـ "إسرائيل" السلبي، الأمر الذي قد يغيّر سياسة الولايات المتحدة. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

إن امتلاك الأميركيين من جيل "Z" لآراء فريدة في السياسة الخارجية ليس بالأمر الجديد، لكن الاحتجاجات الأخيرة التي قادها الطلاب بشأن الحرب على غزّة، سلّطت الضوء على الاختلافات بين الأجيال في هذا البلد، وقد تنذر بإبعاد سياسي مستقبلي للولايات المتحدة طويل الأمد عن "إسرائيل"؛ عميلتها منذ زمن.

قد تكون بعض المؤشرات مثيرة للقلق بالنسبة للولايات المتحدة، فبصرف النظر عن إظهار الجيل "Z" المزيد من الدعم لوقف إطلاق النار مقارنة بفئاتهم الأكبر سناً، فإن أغلبية من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاماً، برّروا هجوم 7 أكتوبر بمظالم الفلسطينيين، في استطلاع للرأي أجرته جامعة هارفارد في كانون الأول/ديسمبر.

وفي الوقت نفسه، وجد استطلاع للرأي أجرته مجلة "بوليتيكو"،في نيسان/أبريل، أنّ "15% فقط من جيل Z قالوا إنهم أكثر تعاطفاً تجاه الإسرائيليين، مقارنة بـ 40% من جيل طفرة المواليد الذين ولدوا بين عامي 1946 و1964"، وقال إنّ 24% من جيل "Z" رأوا أنّ هذه قضية رئيسية من شأنها أن تؤثر على أصواتهم مقابل 11% للناخبين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً. ويؤيد نحو 20% من جيل "Z" توفير الأسلحة للفلسطينيين مقابل 2% من الناخبين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً.

في الشهر عينه، أفاد استطلاع للرأي أجراه مركز "بيو" للأبحاث أنّ "ثلث البالغين تحت سن 30 عاماً يقولون إنّ تعاطفهم إما كلياً أو معظمه مع الشعب الفلسطيني، بينما يقول 14% إنّ تعاطفهم يكمن كلياً أو معظمه مع الشعب الإسرائيلي".

في تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت مؤسسة "بروكينغز" الفكرية الأميركية، أنّه "حتى قبل 7 أكتوبر، كانت هناك اختلافات واضحة بين الأجيال في مواقف الأميركيين تجاه إسرائيل"، مضيفةً أنّ "41% فقط من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه إسرائيل، مقارنة بـ 69% من الجيل الأكبر سناً لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه إسرائيل".

لم تعد "إسرائيل" قادرة على التحكّم في تدفّق المعلومات والرسائل، وباتت العديد من المواقع الشبكية تتجاوز وسائل الإعلام التقليدية من خلال تقديم المعلومات مباشرة للأشخاص الذين يستخدمون الشبكات الاجتماعية. مثلاً، على تطبيق "تيك توك"، حصل وسم #freepalestine على 31 مليار مشاركة مقارنة بـ 590 مليون مشاركة لـ #standwithisrael.

في الآونة الأخيرة، تطرّق السيناتور ميت رومني (جمهوري من ولاية يوتا) ووزير الخارجية توني بلينكن، إلى التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على استدامة الخطاب المؤيّد لـ "إسرائيل"، كان هذا هو السبب وراء تصويت الكونغرس على حظر "تيك توك".

لا تعجبهم حقيقة أنّ 50% من الشباب الأميركيين يثقون في الأخبار الواردة من وسائل التواصل الاجتماعي بقدر ما يثقون في وسائل الإعلام القديمة، وأنّ المزيد من الطلاب المحتجين يعتمدون على وسائل الإعلام غير الأميركية، وأحياناً العربية، لمعرفة أخبار الحرب على غزة.

يبدو أنّ الأميركيين الأصغر سناً يتساءلون أكثر عن سبب وجود علاقة غير مشروطة مع "إسرائيل". وقد يكون، الذين نشأوا في ظل حربَي العراق وأفغانستان، أكثر تشكّكاً بشأن احتمال حدوث حروب أخرى على حساب المدنيين. تساور الشكوك الشباب الأميركيين عن حقّ عندما يرون ضباط الجيش المتقاعدين - الأشخاص أنفسهم الذين قادوا إلى إخفاقات العراق وأفغانستان - على شاشة التلفاز وهم يدعمون 175 مليار دولار لأوكرانيا لدورها كوكيل للولايات المتحدة في الحرب بين الناتو وروسيا، وأكثر من 300 مليار دولار لـ "إسرائيل"، وهي الأموال التي قد يعتقد الشباب الأميركي أنّه ينبغي إنفاقها على بناء الأمة.

ونظراً لتوافر المعلومات اليوم، لا يمكن للشباب الأميركيين أن يجهلوا حقيقة أنّ "إسرائيل" أبعد ما تكون عن كونها مستضعفة، فهي تمتلك أسلحة نووية، ولديها أحدث "جيش" في المنطقة، وتحصل على تفويض مطلق من واشنطن عبر ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية كلّ عام.

أضف هذا إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها، إذ يعاني أبناء الجيل "Z" من مستويات عالية من الاكتئاب والقلق. إنهم يشعرون أنّ فرص عملهم محدودة، وأنّ الحلم الأميركي بعيد المنال. هناك المزيد من الأخبار القاتمة: تبلغ ديون أميركا ما يقرب من 35 تريليون دولار، أي أكثر من 100 ألف دولار لكلّ مواطن؛ وتمّ مؤخراً خفض تصنيف سنداتها إلى AA+؛ وارتفعت تكاليف الاقتراض، وتضاعفت تكاليف الفائدة على الديون تقريباً لتصل إلى 659 مليار دولار على مدى عامين. بالإضافة إلى ذلك، يتحمّل الضمان الاجتماعي التزامات غير مموّلة تبلغ نحو 66 تريليون دولار ويقترب من الإفلاس، وربما يستنزف احتياطياته بحلول عام 2033. ثم هناك ديون القروض الطالبية بقيمة 1.75 تريليون دولار. وتبدو الأمور قاتمة بالنسبة للاقتصاد الأميركي ككلّ.

وسيكون من الحكمة أن يعيد كلّ من الجمهوريين والديمقراطيين التفكير في دعمهم غير المشروط لـ "إسرائيل"، خاصةً وأنّ هناك فجوة واضحة بين مُثُل "إسرائيل" المعلنة والحقائق على الأرض، وعليه يشعر العديد من الطلاب "بالواجب الأخلاقي" لدعم الفلسطينيين وقد لا يكون من السهل ردعهم. وجناحهم الأيسر محميّ بينما يتظاهر المزيد من اليهود الأميركيين ويطالبون بوقف إطلاق النار في غزة.

وعندما يبدأ جيل "Z" في الترشّح لمناصب سياسية ويصوّت بقوة أكبر، فقد يشرع في التخلّص من "الارتباط العاطفي" بأمّة أخرى.

نقلته إلى العربية: بتول دياب

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.