"يني شفق" التركية: مكانة "إسرائيل" العالمية انهارت.. وداعموها سيخجلون من أنفسهم
مقال في صحيفة "يني شفق" التركية يتحدث عن انهيار مكانة "إسرائيل" وسمعتها على الصعيد الدولي، حيث تتصاعد موجة غضب عالمية كبرى تتحول يوماً بعد يوم إلى كراهية تجاه الصهيونية.
تحدثت صحيفة "يني شفق" التركية في مقال تحت عنوان "ستخجلون من أنفسكم"، عن انتشار الكراهية في العالم تجاه الصهيونية، وانهيار مكانة "إسرائيل" وسمعتها على الصعيد الدولي، بعدما أماط قطاع غزة اللثام عم وجهها الحقيقي المتمثل بقطيع من القتلة المجرمين.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
لا أقصد التهديد بهذا العنوان.. فكل صهاينة العالم باتوا هدفاً لموجة غضب عالمية كبرى تتحول يوماً بعد يوم إلى كراهية. أجل أقول إنّ العالم أصبح يشعر بـ"الكراهية" تجاه الصهيونية، إذ يجب أن نطلق تسمية دقيقة على هذا الشعور الذي بات يكتنف العالم اليوم، فـ"إسرائيل" والقوى الداعمة لها هي التي تنشر هذه الكراهية في العالم.
لقد غدا العالم كله اليوم يرى أنّ اليهود الذين ارتكبوا المجازر الوحشية بحق مئات الآلاف من الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، وحتى الأجنة في بطون أمهاتهم، لم يعد بمقدورهم التستر على جرائمهم، ولعب دور الضحية من خلال المحرقة التي تعرض لها أسلافهم في أربعينيات القرن الماضي، حيث أمست صورتهم في أذهان العالم لا تختلف عن صورة النازيين الذين ارتكبوا المحرقة. فموجات الغضب التي تتفاقم وتيرتُها في العالم الغربي ما هي إلاّ دليل على إفلاس أدبيات "المحرقة" التي تستغلها الصهيونية لممارسة الضغوط على المجتمع الدولي.
وإنّ "المكاسب" التي حققتها "إسرائيل" منذ الحرب العالمية الثانية قد انقلبت للمرة الأولى إلى خسائر اجتماعية في غضون 205 أيام فقط، أي منذ بداية هجماتها على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث انهارت مكانة "إسرائيل" وسمعتها على الصعيد الدولي، وأُميط اللثام عن الوجه الحقيقي لـ"تل أبيب" المتمثلة بقطيع من القتلة المجرمين الذين تعاهدوا على قتل الإنسانية كلها مع غزة. وأهم ما في الأمر هو تراجع الهيمنة الصهيونية على المجتمع الأميركي، وتضاؤل أعداد المتعاطفين مع "إسرائيل" في مختلف أنحاء العالم، إذا ما استثنينا أولئك الذين يحملون الأفكار الصهيوينة.
وعلاوة على ذلك، فإنّ أصحاب الضمائر الحية الذين لا يتخلون عن إنسانيتهم من اليهود العقلاء يتابعون موجات الغضب التي تنتشر في العالم ويشاركون فيها.
لسنا متأكدين ما إذا كان مجرى التاريخ سيتغير بتأثير الاحتجاجات المناهضة لـ:إسرائيل" في جامعات الولايات المتحدة التي يتجذر فيها الفكر الصهيوني الذي يشكل الهيمنة الثقافية على مراكز القرار فيها. ولكن من الواضح أنّ هذه الاحتجاجات هي بداية حراك جريء لمناهضة الصهيونية.
والذي أراده كبير القتلة نتنياهو بقوله إنّ "الاحتجاجات التي تشهدها الجامعات الأميركية مرعبة جداً، ويجب إيقافها على الفور" لدفع الإدارة الأميركية نحو قمعها، نتيجته كانت مُعاكسة تماما لرغبته، حيث جرت الرياح جرت بما لا تشتهي سفنه.
فالاحتجاجات المنددة بجرائم "إسرائيل" في غزة بدأت في جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي، وما لبثت أن امتدت إلى عشرات الجامعات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، حيث أبدى الطلاب موقفاً مشرفاً لنصرة غزة في أكثر من 30 جامعة في 16 ولاية، بدءاً من كاليفورنيا، ووصولاً إلى ماساتشوستس. واعتقلت قوات الأمن والشرطة أكثر من 500 طالب وأكاديمي خلال هذه الاحتجاجات التي دعا نتنياهو إلى "فضها فوراً".
لا بد أنّكم شاهدتم كيف قامت الشرطة الأميركية بتكبيل يدي رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري الأستاذة نويل مكافي، وسحل أستاذة الاقتصاد بنفس الجامعة كارولين فوهلين.
ومع ذلك، فإنّ موجات الغضب المناوئة لـ"إسرائيل"، والتي تتفاقم في الجامعات الأميركية، باتت الآن عبارة عن انتفاضة عالمية. وقد أدرك هذه الحقيقة منظر الفكر الصهيوني يوفال نوح هراري، الذي تجرأ على قول إنّ "إسرائيل قد تضطر إلى استخدام أسلحتها النووية في غزة" - متذرعاً بوجود حركة حماس، وذلك في حوار تلفزيوني مع قناة يابانية خلال الأشهر الأولى من الإبادة الجماعية التي تمارسها القوات الإسرائيلية في القطاع.
وكان هراري قد انتقد نتنياهو في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، حيث قال: "بعد ستة أشهر من الحرب، ما زال معظم الرهائن تحت الأسر، وما زالت حماس على أرض المعركة، ولكن قطاع غزة بات مدمراً، كما قُتل الآلاف من الناس، ومعظم أهالي غزة أصبحوا لاجئين يواجهون الموت جوعاً. ومع أحداث غزة، تدهورت سمعة إسرائيل في المجتع الدولي، وغدونا منبوذين حتى من قبل أصدقائنا القدامى، فإذا لم نغير معاملتنا للفلسطينيين، فإنّ عنجهيتنا وتعطشنا للدماء سيجراننا إلى كارثة تاريخية".
وأشدد هنا على أنّ هراري صهيوني، ولم يغير أفكاره الصهيونية، بيد أنّ لسان حاله يقول لنتياهو: "لم تستطع القضاء على حركة حماس، ولم تتمكن من إعادة الرهائن، وتسببت بمقتل المدنيين، وجلبت الشعور بالكراهية تجاه اليهود". ونتيجة ذلك معروفة للجميع، فثمة كارثة كبرى بانتظار "إسرائيل"، وكأن هراري أراد أن يطلق بذلك نداء الاستغاثة الأخير.
ويبدو أننا على أبواب مرحلة سيشعر فيها الإسرائيليون على وجه الخصوص بالخجل من أنفسهم أمام البشرية لأنهم لم يتبرؤوا من المذابح التي ترتكبها حكومتهم، ولم يعلنوا وقوفهم ضدها، ولا أقول الإسرائيليين فقط، فمرتكبوا الإبادة الجماعية معروفون، ولكن الذين دعموا ارتكاب الإبادة، والذين اكتفوا بالمشاهدة، لا مفر لهم من موجات الغضب المتزايدة.