"هآرتس": ملف الأسرى الإسرائيليين أصبح نقطة ضعف "إسرائيل"

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تؤكد أنه لم يفت الأوان بعد لكي يقترح المسؤولون الإسرائيليون إطلاق سراح معظم الأسرى الفلسطيينين، أو حتى كلهم، مقابل كل الأسرى لدى حماس.

  • "هآرتس": ملف الأسرى الإسرائيليين أصبح نقطة ضعف "إسرائيل"

تحدثت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في مقال لمحلل الشؤون الاستخباراتية، يوسي ميلمان، عن صفقة الأسرى بين حماس و"إسرائيل"، مؤكدةً أنّ قضية الأسرى الإسرائيليين باتت نقطة الضعف في الحرب المستمرة على غزة.

وفي ما يلي النص منقولاً إلى العربية:

منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر و"إسرائيل" تنجر خلف الأحداث، وخصوصاً في موضوع الأسرى. تنجرّ وتردّ على تحركات ومبادرات مقترحة، والتي تمليها في الأغلب حماس، الولايات المتحدة، قطر، ومصر. لقد حان الوقت لكي تبادر "إسرائيل" إلى خطوات جوهرية خاصة بها، وليس أن ترد فقط. في البداية، ربما يمكن أن تعزى السلبية الإسرائيلية إلى صدمة الأيام الأولى، عندما اتضح حجم المفاجأة وأبعاد الفظائع نتيجة الفشل السياسي والإخفاقات العسكرية والاستخبارية.

ويتضح مدى الصدمة والشلل اللذين استحوذا على مسؤولي "الجيش" والمؤسسة الأمنية والعسكرية من خلال هذه الطرفة: بعد يومين من 7 تشرين الأول/أكتوبر، اتصل ممثلو الموساد بنظرائهم في الولايات المتحدة وأوروبا وسألوهم عما إذا كانوا يعرفون ما إذا كانت إيران وحزب الله على علم بخطط حماس للهجوم، وما إذا كانا قد ساعداها في استعداداتها. النظراء صُدموا. الموساد والاستخبارات العسكرية والشاباك، الذين تسبقهم سمعتهم على أنهم من أفضل المنظمات الاستخباراتية في العالم، لم يكن لديهم أي فكرة عما يحدث في حماس، تحت أنف "إسرائيل". الظلام الذي أحاط بـ"إسرائيل" كان واضحاً في كل ما يتعلق بعدد الضحايا والمفقودين وخاصة الأسرى. إنه مستمر إلى الآن.

لقد أصبحت قضية الأسرى نقطة الضعف في الحرب المستمرة منذ 55 يوماً. لقد كان الأمر دائماً هكذا: الحساسية تجاه الحياة البشرية، والتمسك بقيم فداء الأسرى وجلب قتلى إلى قبر "إسرائيل" ميزوا سلوك الجمهور وقادته.

في الأيام الأولى من الحرب، كان هناك شعور بأن الأمر قد يكون مختلفاً هذه المرة. أراد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت ورئيس أركان "الجيش" الإسرائيلي هرتسي هليفي ومعظم القيادات السياسية والأمنية، تشكيل سُلّم أولويات جديد. وبدافع من مشاعر الإذلال والشعور بالذنب والرغبة في الانتقام، قرروا أن القضاء على حماس في غزة هو الهدف الأكثر أهمية، وأن إعادة الأسرى والجثث هو هدف ثانوي، ضمن أولوية أقل.

سرعان ما أدركوا خطأهم. عائلات الأسرى، بدعم من غالبية الجمهور، وضعت لهم حداً. وهكذا، قرر المستوى السياسي والعسكري أنّ الهدفين، تقويض القدرات العسكرية والسلطوية لحماس وإعادة كل الأسرى، لهما نفس القدر من الأهمية.

هذا قرار صحيح وعادل من جميع النواحي: الأخلاقية والمعنوية وكذلك العملياتية. لكن الطريقة التي تحاول بها "إسرائيل" دفعها خاطئة. منذ اليوم الثاني للحرب، اقترح هذا كاتب هذه السطور، بناءً على محادثات مع مسؤولين سابقين في أجهزة الاستخبارات و"الجيش"، أولاً وقبل كل شيء حل قضية الأسرى. واقتُرح استغلال نشوة حماس بإنجازاتها والاقتراح عليها بأن تفرج "إسرائيل" عن معظم، أو حتى كل،  المسجونين في "إسرائيل"، مقابل إعادة جميع الأسرى وجثث الضحايا. هكذا نشأت صيغة "الجميع مقابل الجميع". كانت الفكرة هي أن مثل هذه الصفقة السريعة ستمكّن "الجيش" الإسرائيلي من العمل بكفاءة ومن دون موانع ومن دون عبء الأسرى، الذي وضع على أكتافه ولا يزال يثقل كاهله.

في المؤسسة الأمنية والعسكرية رفضوا حتى النظر في الفكرة. الجمود الفكري في "إسرائيل" وهوسها، بأنه ممنوع منعاً باتاً شرط تحرير فلسطينيين، وخاصة أولئك الذين "تلطخت أيديهم بالدماء"، كانا ويبدو أنهما لا يزالان الأقوى على الإطلاق.

بدل من هذا، فضلت "إسرائيل" العمل بالتوازي لتحقيق كلا الهدفين. "الجيش" الإسرائيلي اجتاح شمال غزة، وبتدخل وسطاء أميركيين وقطريين ومصريين، تم إنشاء المخطط القائم لغاية الآن، وهو يشمل هدنة، ونقل مساعدات إنسانية إلى غزة، وإطلاق سراح ما يصل إلى 12 أسيراً يومياً، وإطلاق سراح فلسطينيين. نسبة التبادل هي بين أسرى إسرائيلي وثلاثة فلسطينيين، ووفقاً لمبدأ نساء مقابل نساء وقاصرين مقابل قاصرين فلسطينيين.

وبهذه الطريقة، تم بالفعل تحرير عشرات النساء والأطفال، ومن المتوقع تحرير آخر اليوم. وفي الوقت نفسه، أُطلق سراح نحو 20 عاملاً أجنبياً من تايلند والفليبين. وفي الدوحة، قطر، تجري حالياً مباحثات حول تمديد الإطار لمدة أربعة أيام أخرى، بمشاركة رؤساء وكالات الاستخبارات من الولايات المتحدة و"إسرائيل" ومصر وقطر، ورئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني.

حتى لو حدث ذلك وأُطلق سراح 40 أسيراً آخرين، يبقى لدى حماس والجهاد الإسلامي، وربما منظمات مسلحة أصغر، 90-100 أسير، بمن فيهم جنود وجنديات. هذا هو أهم ذخر لزعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، ولن يتخلى عنه بسهولة.

بدلاً من الاستمرار في طريقة السلامي (نقانق – أي مراحل)، يجب على أعضاء كابينت الحرب - نتنياهو وغالانت وبيني غانتس – تغيير المنهجية والتفكير خارج الصندوق. أخذ زمام المبادرة ورسم مسار جديد، بدلا من اتباع المسار الذي شقّته حماس والوسطاء.

لم يفت الأوان بعد لكي يقترح مسؤولو الأمن الإسرائيليون، بمبادرة منهم، إطلاق سراح معظم الفلسطينيين في السجون، الذين يقدر عددهم بنحو 6000، أو حتى كلهم، مقابل كل الأسرى. ويجب نقل المفرج عنهم إلى غزة أو إلى دول بعيدة توافق على استيعابهم، شريطة ألا يتم إرسالهم إلى الضفة الغربية أو لبنان.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.