"نيويورك تايمز": المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل" تثير صدامات وخلافات في الكونغرس

صحيفة "نيويورك تايمز" تتناول الصدامات التي يشهدها الكونغرس الأميركي بين الديمقراطيين فيما بينهم وإدارة الرئيس جو بايدن بشأن إرسال المساعدات العسكرية إلى "إسرائيل".

  • "نيويورك تايمز": صدامات في الكونغرس بشأن المساعدات العسكرية لـ "إسرائيل"

تحت عنوان "تزامناً مع إقرار الكونغرس الأميركي مساعدات لـ"إسرائيل"، يسعى بعض الديمقراطيين لربطها بشروط معينة"، كتبت كارون ديميرجيان في صحيفة "نيويورك تايمز"، مقالاً تناولت فيه الصدامات التي يشهدها الكونغرس الأميركي بين الديمقراطيين فيما بينهم، وبينهم وبين إدارة الرئيس جو بايدن، بشأن ما إذا كان سيتم ربط قرار إرسال معونات عسكرية ضخمة إلى "إسرائيل" بشروط معينة، بما في ذلك اتخاذ تدابير لتجنب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

وجاء في المقال:

تشهد علاقة الديمقراطيين فيما بينهم، وعلاقتهم بإدارة بايدن، صدامات بشأن مسعى اليسار ربط قرار إرسال معونات عسكرية ضخمة طارئة إلى "إسرائيل"، خلال حربها مع حماس، بشروط معينة، الأمر الذي أحدث انعكاساً للخلاف المتزايد داخل الحزب الديمقراطي بشأن دعم "الدولة اليهودية". 

ويشكل هذا النقاش خروجاً صارخاً عن الممارسة المتَّبَعة منذ فترة طويلة في "الكابيتول هيل"، بحيث وافق المشرعون، على مدى عقود، على تخصيص مبالغ ضخمة لتمويل "إسرائيل" عسكرياً، من دون شروط ذات أهمية. أمّا اليوم، وفي الوقت الذي تقاتل "إسرائيل" حماس، في خضم الصراع الدائر، والذي ارتفع فيه عدد القتلى المدنيين، فيعرب عدد متزايد من الديمقراطيين عن قلقهم بشأن كيفية استخدام الأموال الأميركية المخصصة لمساعدات لـ"إسرائيل".

ومن المحتمل أن تكون هذه القضية وصلت إلى ذروتها في قاعة مجلس الشيوخ، عندما قال السيناتور تشاك شومر من نيويورك، زعيم الأغلبية الديمقراطية، إنّ المجلس قد يبدأ العمل على حزمة تشريعية تتضمن الإجراءات المرتبطة بالمساعدات.

واحتدمت الخلافات بين الديمقراطيين يوم الثلاثاء خلف الأبواب المغلقة في "الكابيتول هيل" والبيت الأبيض. واجتمع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، في البيت الأبيض، بنحو 20 عضواً من مجلس الشيوخ الديمقراطيين، الذين أعربوا عن مخاوفهم بشأن كيفية استخدام "إسرائيل" المساعدات الأميركية في ساحة المعركة.

وفي وقت لاحق، ناقش عدد من الديمقراطيين مع زملائهم، خلال حفل غداء خاص في مبنى "الكابيتول"، مسألة ارتباط حزمة المساعدات لـ"إسرائيل" بتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان بذل "إسرائيل" مزيداً من الجهد لتجنب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

وفي إشارة منه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال السيناتور كريس فان هولين، الديمقراطي من ولاية ماريلاند، والذي يقود هذه الجهود (بشأن وضع شروط على المساعدات): "نريد من الرئيس أن يحصل على ضمانات صريحة من حكومة نتنياهو فيما يتعلق بوضع خطة لخفض المستوى غير المقبول من الضحايا المدنيين، ونريد من ائتلاف نتنياهو أن يلتزم التعاون الكامل مع جهودنا المبذولة لتقديم المساعدة الإنسانية إلى المدنيين في غزة". وأضاف: "نحن في حاجة إلى الحصول على تلك الضمانات الصريحة، أمّا كيفية تحقيق ذلك، فأمر قيد المناقشة".

ونقل فان هولين هذا الشهر رسالة إلى الرئيس بايدن، موقّعةً من نصف التجمع الديمقراطي، وتتضمن مخاوف بشأن ما إذا كانت الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة سيتم استخدامها على نحو يتماشى مع القانون الدولي.

وسبق أن طلبت إدارة بايدن مبلغ 14.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية لـ"إسرائيل" في حربها ضد حركة حماس، كجزء من حزمة الأمن القومي الشاملة، والتي تتضمن مليارات إضافية لتسريع وتيرة تقديم المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

الجدير ذكره أنّ أياً من هؤلاء الديمقراطيين لم يعارض هذه الحزمة، لكن كثيرين منهم يشعرون بالقلق إذا تُرك أمر هذه الحزمة من دون رادع. فاستخدام "إسرائيل" للأسلحة الهجومية الأثقل، والتي توفّرها الولايات المتحدة، والمموَّلة من خلال ضخ المزيد من الأموال الأميركية يمكن أن يقوض الجهود المبذولة لتقليل الخسائر البشرية في صفوف الفلسطينيين وتقديم المساعدة للمدنيين تحت القصف.

وأصبحت مخاوفهم أحدث نقطة ساخنة في الجدل القائم داخل الحزب الديمقراطي بشأن مدى ضبط النفس، الذي ينبغي لـ"إسرائيل" أن تمارسه، في ضرباتها على غزة. ورفض زعماء الحزبين الدعوات إلى فرض شروط، كونها غير ضرورية، وحذروا من أنها ستعرقل الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.

وخلال حديثه إلى الصحافيين، يوم الثلاثاء، بعد انتهاء الغداء، صرّح السيناتور تشاك شومر من نيويورك، وزعيم الأغلبية، بأنه "يوجد تباين في وجهات النظر بشأن هذا الأمر. وسأعمد إلى مناقشة هذا التباين مع الإدارة الأميركية ومع تكتلي السياسي". 

في المقابل، كان الجمهوريون، الحريصون على إظهار انقسام الديمقراطيين بشأن هذه القضية، أكثر صراحة. 

شكّلت "إسرائيل"، منذ "تأسيسها" في عام 1948، المتلقّي التراكمي الأكبر للمساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة، كما أنّ مبلغ 3.8 مليارات دولار، والذي تتلقاه كمساعدات عسكرية سنوية، يفوق المبلغ الممنوح لأي دولة أخرى، باستثناء أوكرانيا مؤخراً. وعلى الرغم من أنّ مجموعة من هذه الأموال تمت الموافقة عليها في أعقاب اتفاقيات السلام، فإن الكونغرس لم يفرض من قبلُ شروطاً تقيّد الشروط التي يمكن، بموجبها، استخدام الأسلحة التي تشتريها "إسرائيل" من الولايات المتحدة.

إلّا أنّ هذا الأمر قد يتغير مع مطالبة بعض الديمقراطيين بالحصول على ضمانات صريحة، مفادها أنّ العمليات التي تقوم بها "إسرائيل" ضد حماس لا تتعارض مع القانون الدولي في حزمة المساعدات.

وقال السيناتور تيم كين، الديمقراطي من ولاية فرجينيا، والذي وقع الرسالة الموجهة إلى بايدن: "أعتقد أنّ هذه هي الأهداف التي يتشارك فيها الجميع، ونحن نحاول فقط اكتشاف أفضل طريقة لتحقيقها".

وعلى الرغم من أن إدارة بايدن كانت في البداية صريحة في مسألة دعمها جهود "إسرائيل" الرامية إلى طرد حماس من غزة، فإنها حثّت "إسرائيل" مؤخراً على أن تكون أكثر دقة في ضرباتها، من أجل تجنب تفاقم الأزمة الإنسانية الخطيرة بالفعل. وخلال الأسبوع الماضي، قال بايدن للصحافيين إنّ فكرة فرض شروط على المساعدات المقدمة إلى "إسرائيل" تُعَد "فكرة جديرة بالاهتمام". 

ووفقاً لبعض الديمقراطيين البارزين في الكونغرس الأميركي، فإن إدارة بايدن قدّمت فعلاً ما يكفي لضمان تنفيذ "إسرائيل" عملياتها بطريقة تتجنب من خلالها معاناة المدنيين.

من جانبه، قال السيناتور بنيامين إل. كاردين، وهو ديمقراطي من ولاية ماريلاند، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية: "لقد أجرت إدارة بايدن محادثات جيدة مع الإسرائيليين. وأعتقد أنه كان لبايدن تأثير في الاستراتيجية العسكرية والمساعدات الإنسانية، على حد سواء". وعارض كاردين صراحة فرض قيود على الأسلحة الإضافية المُرسلة إلى "إسرائيل".

وأضاف قائلًا: "نحن لا نفرض شروطاً على المساعدات التي نقدمها إلى أيّ من حلفائنا، ولن نحاول التدخل في إدارة تفاصيل استخدامهم لها". 

ومع ذلك، اشتد النقاش بشـأن استخدام "إسرائيل" للقوة المفرطة في الأيام الأخيرة، تزامناً مع استعداد المشرعين لاستئناف متوقع للأعمال القتالية في قطاع غزة.

ويقول الديمقراطيون، الذين يضغطون من أجل فرض شروط على المساعدات، إنّه لا يجب النظر إلى مخاوفهم على أنها تراجع عن دعمهم "إسرائيل"، مُدّعين أنهم يحاولون تجنب أسوأ كارثة إنسانية وأزمة أمنية في المنطقة.

وقال السيناتور بيتر ويلش، الديمقراطي من ولاية فيرمونت: "أنا أؤيد تقديم المساعدات إلى إسرائيل، ولطالما كنت داعماً لها، لكن مشكلتي الكبرى ليست مع المساعدات الإسرائيلية، بل مع القصف الإسرائيلي الذي له تأثير مدمر في المدنيين".

وأضاف أنّ الإدارة الأميركية تدين للكونغرس بمزيد من "الشفافية" بشأن الأغراض التي ستُستخدم فيها حزمة المساعدات، بما في ذلك سبب الحاجة إلى أسلحة هجومية ضخمة.

وتُعَدّ القبة الحديدية جزءاً أساسياً من البنية التحتية للدفاع الصاروخي الإسرائيلي، التي تم استخدامها لتدمير صواريخ حماس القادمة. وتعرّضت "إسرائيل" لانتقادات بسبب استخدامها قنابل ثقيلة لضرب أهداف في قطاع غزة، وما ينتج منها من ضرر على المدنيين الموجودين في منطقة مكتظة بالسكان.

 

نقله إلى العربية:  زينب منعم.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.