"واشنطن بوست": ملايين اللاجئين الأوكرانيين قد يبقون في الاتحاد الأوروبي
بولندا، التي كانت حكومتها اليمينية غاضبة من احتمال توطين حفنة من اللاجئين السوريين، فتحت أبوابها لملايين الأوكرانيين.
كتب إيشان ثارور تحليلاً في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قال فيه إن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قد أدت إلى أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فخلال ما يزيد قليلاً عن مائة يوم، فر نحو سبعة ملايين أوكراني عبر الحدود، ووجد الغالبية العظمى منهم ملاذاً داخل الاتحاد الأوروبي. أوكرانيا لديها جيرة مع أربعة بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وجميعها فتحت حدودها لما كان يمثل نزوحاً جماعياً.
وأشار الكاتب إلى أنه في خطوة غير مسبوقة في أعقاب الهجوم الروسي، لجأ الاتحاد الأوروبي ككتلة إلى سلطة الطوارئ التي لم تستخدم منذ أن تم تصورها قبل عقدين من الزمن ومنح الأوكرانيين نوعاً من الحماية الشاملة. "توجيه الحماية المؤقتة" هذا يمنح أولئك الذين يحصلون عليه حقاً ممتداً للتنقل بحرية داخل الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أذونات للعمل والحصول على الرعاية الصحية والتعليم والسكن.
وأضاف الكاتب: قال لي مارغريتيس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، خلال زيارة له إلى واشنطن الأسبوع الماضي، أن هذا التوجيه: "عرض سخي للغاية، يتجاوز بكثير الحماية الكلاسيكية للجوء. أود أن أقول إنها أوروبا في أفضل حالاتها".
يعتقد شيناس، الذي تشمل مهمته تنسيق نهج الاتحاد الأوروبي لسياسة اللجوء والهجرة، أن العديد من هؤلاء اللاجئين قد لا يعودون على المدى الطويل إلى وطنهم. وقال "أتوقع أن يكون هذا العرض سخياً جداً بحيث أنه بغض النظر عن تطور الحرب، سيبقى ما لا يقل عن 2.5 مليون إلى 3 ملايين شخص".
وقال الكاتب إن هذا رقم أكبر بمرات عدة من عدد لاجئي الحرب السوريين والأفغان الذين منحهم الاتحاد الأوروبي حق اللجوء في السنوات الاخيرة. بالنسبة لشيناس، هذا تطور إيجابي. ووصف العديد من اللاجئين الأوكرانيين بأنهم "أشخاص ذوو تعليم عالٍ وماهرون" يمكنهم "الاندماج على الفور في أنظمتنا"، وخاصة عندما تواجه القارة بأكملها انخفاضاً ديموغرافياً وفجوة كبيرة في المهارات في بعض القطاعات الحيوية.
وقد استفاد العديد من اللاجئين الأوكرانيين من شبكات الشتات الأوكراني في الاتحاد الأوروبي ووجدوا منازل وسكناً، بينما سجل عشرات الآلاف من المواطنين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة، من بين دول أخرى، لاستضافة أو رعاية اللاجئين الأوكرانيين. ويمكن للأطفال في المدارس الأوكرانية الوصول إلى مناهجهم أونلاين. وعلى الرغم من أن معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا في أوكرانيا كانت منخفضة نسبياً، إلا أن مخزون اللقاحات الفائض في الاتحاد الأوروبي يعني أن هناك الكثير مما يجب عمله.
ولاحظ شيناس أن كل هذا أدى إلى إسكات المعارضين التقليديين للهجرة في أقصى اليمين نسبياً بشأن هذا التدفق الأوكراني الكبير، والذي يبدو، حالياً، أنه تسبب في الحد الأدنى من التوتر في الدول المضيفة.
ورأى الكاتب أن المتفرجين في أماكن أخرى هم أقل إعجاباً بما يجري، إذ يتناقض استقبال الأوكرانيين بشكل صارخ مع نظرة أوروبا بشكل عام لطالبي اللجوء من أجزاء أخرى من العالم. فقد تركت الأزمة التي اشتعلت ببطء بسبب الحرب في سوريا عام 2015 ندوباً سياسية عميقة في القارة. إذ اشتبكت الدول الأعضاء حول كيفية تحمل عبء التدفق، في حين أدى وصول مئات الآلاف من المهاجرين غير البيض وغير المسيحيين إلى تأجيج اليمين المتطرف في جميع أنحاء أوروبا. وحتى العام الماضي بعد سقوط الحكومة الأفغانية في كابول في أيدي مقاتلي طالبان، بحسب بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي، أعطى وزراء الداخلية الأولوية لإحباط "الهجرة غير الشرعية من المنطقة" و"[تعزيز] القدرة على إدارة الحدود" على توفير الحماية للشعب الأفغاني، الذي شهد عقدين من فشل مغامرة عسكرية غربية في بلادهم.
وأوضح الكاتب أن الحرب الروسية الأوكرانية قد كشفت عن الوجه القبيح لأوروبا. وكتبت مروة الشناوي في عمود لصحيفة "دايلي نيوز إيجيبت": لقد أظهر الأوروبيون عنصريتهم ضد المهاجرين العرب والأفارقة رغم كل الشعارات الحقوقية، مضيفة أن الحكومات الأوروبية "يبدو أنها تعتقد أن حماية اللاجئين حق للأوروبيين فقط. أن باقي الأجناس ليسوا بشراً".
وختم الكاتب قائلاً إن هذه العنصرية تتجلى في مثال واضح هو بولندا، التي كانت حكومتها القومية اليمينية غاضبة من احتمال إعادة توطين حفنة من اللاجئين السوريين لكنها فتحت أبوابها لملايين الأوكرانيين من الجوار. كتب أندرياس كلوث، رئيس التحرير السابق لمجلة Handelsblatt Global، وهي مطبوعة مقرها ألمانيا: "في عام 2015، كان اللاجئون مسلمين ذوي بشرة داكنة، وأغلقت وارسو حدودها. الآن هم رفقاء مسيحيون وسلاف، وقد رحبت بولندا بحرارة بأكثر من نصف الـ6.7 مليون أوكراني الذين فروا إلى الخارج".
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم