"نيويورك تايمز": مع احتدام الحرب في السودان.. كيف يصطف الخارج؟
قال أحد الخبراء عن السودان، ذات الموقع الاستراتيجي الغنية بالموارد الطبيعية ، حتى قبل اندلاع الحرب الأسبوع الماضي ، "أراد الجميع قطعة كبيرة من السودان".
كتب مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ديكلان والش من العاصمة الكينية نيروبي ، تقريراً عن الأوضاع في السودان أبرز ما جاء فيه ما يلي:
بينما تستنزف الحرب السودان، تحركت الدول من جميع أنحاء العالم بسرعة.
قد يبدو اندفاع النشاط الدولي مفاجئاً، لكنه يعكس ديناميكية كانت تلوح في أفق البلاد قبل وقت طويل من انقلاب جنراليها الرئيسيين على بعضهما البعض الأسبوع الماضي.
كان من المفترض أن تبشر ثورة 2019 بمستقبل مشرق وديمقراطي. لكنها أتاحت أيضاً فرصاً جديدة للقوى الخارجية لمتابعة مصالحها الخاصة في ثالث أكبر دولة في إفريقيا - دولة تطفو استراتيجياً على النيل والبحر الأحمر، مع ثروة معدنية هائلة وإمكانات زراعية، والتي خرجت أخيراً فقط من عقود من العقوبات والعزلة.
سعت روسيا إلى الوصول البحري لسفنها الحربية في موانئ البحر الأحمر السودانية. قدمت ميليشيا "فاغنر" الروسية عربات مدرعة وتدريبات في مقابل امتيازات تعدين الذهب المربحة. وقال مسؤولون إن دولة الإمارات العربية المتحدة قد دفعت لأحد الجنرالات السودانيين المتحاربين، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لمساعدتها في القتال في اليمن. دعمت مصر الجنرال الآخر عبد الفتاح البرهان، وأرسلت جنوداً وطائرات حربية.
رأت "إسرائيل"، المنبوذة منذ فترة طويلة في العالم العربي، فرصة لكسب شيء تطمح إليه من السودان: الاعتراف الرسمي.
من بين أهم اللاعبين الأجانب في السودان دولة الإمارات، الدولة الخليجية الغنية بالنفط التي وسعت نفوذها بقوة في القرن الأفريقي في السنوات الأخيرة.
يعود اهتمامها بالسودان إلى أكثر من عقد، بدءاً من الإمكانات الزراعية الهائلة للبلاد، والتي يأمل الإماراتيون أن تخفف مخاوفهم من الإمدادات الغذائية. لكن الإماراتيين اختلفوا مع (الرئيس المعزول) عمر البشير بعد أن رفض دعمهم في نزاعهم مع جارتهم قطر. بمجرد الإطاحة به، أعلنت الإمارات والسعودية عن مساعدات واستثمارات بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمساعدة السودان على الوقوف على قدميه.
علناً، لم يتخذ الإماراتيون أي جانب في صراعات السلطة في السودان، وهم جزء من مجموعة دبلوماسية تُعرف باسم "الرباعية". وحاولت المجموعة، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، حتى وقت قريب إعادة السودان إلى الحكم المدني.
لكن في الوقت نفسه، كما يقول المسؤولون، ساعد الإماراتيون أيضاً في دعم الجنرال حمدان، وهو زعيم ميليشيا متهمة بارتكاب فظائع في دارفور. على مر السنين، قام بتوسيع صندوق حربه من خلال التعاملات التجارية الموجهة عبر دبي.
في عام 2018، دفع الإماراتيون للواء حمدان لإرسال آلاف الجنود للقتال في اليمن - وهو صراع قال مسؤولون سودانيون إنه أثرى الجنرال.
وقال العديد من المسؤولين الغربيين إن ثروة الجنرال حمدان تشمل الماشية والعقارات وشركات الأمن الخاصة. ساعدته هذه الأموال، التي احتفظ بمعظمها في دبي، على بناء قواته شبه العسكرية، التي أصبحت الآن أفضل تجهيزاً من الجيش السوداني النظامي، وهي نقطة احتكاك أخرى بين الجانبين.
زعيم دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هو واحد من ثلاثة رؤساء دول فقط التقوا علناً باللواء حمدان، وكان آخرها في شباط / فبراير الماضي، مما منح حمدان هالة رجل الدولة التي كان يتوق إليها بشكل واضح. (أما الآخران فهما زعيما إريتريا وتشاد).
لكن أقرب حليف للجنرال حمدان في الإمارات، وفقاً لدبلوماسيين في السودان، هو نائب رئيس البلاد، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، مالك نادي مانشستر سيتي البريطاني لكرة القدم، الذي لديه اتصالات طويلة الأمد مع الجماعات المسلحة في دارفور، موطن الجنرال حمدان.
ومع ذلك، يحب الإماراتيون التحوط من رهاناتهم، وقد انحاز أمراء آخرون إلى منافسي الجنرال حمدان. في عام 2020، استثمر الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبو ظبي الآن، 225 مليون دولار مع أسامة داود، رجل الأعمال السوداني المقرب من الجيش، في مشروع زراعي يمتد عبر مئة ألف فدان من أفضل الأراضي الزراعية في البلاد.
مع تصاعد التوترات داخل السودان في العام الماضي، انحاز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي علانية إلى جانب قائد الجيش اللواء البرهان. هناك علاقة شخصية: التحق السيسي والبرهان بنفس الكلية العسكرية.
"إسرائيل" أيضاً لها مصلحة. وبدعم أميركي، وقعت اتفاقًا لتطبيع العلاقات مع السودان في عام 2020. في العام الماضي، زار وفد من جهاز "الموساد" الإسرائيلي السودان لعقد اجتماعات مع قادة الأمن بمن فيهم اللواء حمدان، الذي عرض مكافحة الإرهاب والتعاون الاستخباراتي، وفقاً لمسؤولين غربيين وسودانيين مطلعين على المحادثات.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت