فشل سياسة واشنطن في الشرق الأوسط
لعل ما يفسر اللامبالاة الأميركية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو انشغالها بالأزمة في أوكرانيا، وتركز نشاطها الدبلوماسي على بناء التحالفات وتصعيد المواقف العدوانية.
نشر موقع "سي جي تي أن" الصيني مقالاً تحدّث فيه عن فشل سياسة واشنطن في الشرق الأوسط،واعتبر أن اللامبالاة الأميركية لا تقتصر على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وحده.
فيما يلي النص كاملاً:
الاضطرابات في القدس بين الإسرائيليين والفلسطينيين والمأزق بشأن تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني، سلطا الضوء مرة أخرى على سياق السياسات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، المفتقرة إلى الحساسية والى أي نهج بناء نحو السلام.
وتكشف الأحداث في المنطقة هذا الشهر كيف يستعصى السلام المستدام عنها وهي الغارقة في صراعات حادة. وسواء تعلق الأمر بالاضطرابات في القدس، أو في الجمود المستمر بشأن انعاش الاتفاق النووي مع ايران، فإن المنطقة، لا تزال تعاني من عدم الاستقرار حيث أصحاب الشأن على خلاف حول كيفية حل مشكلاتهم منذ فترة طويلة.
الولايات المتحدة، التي لعبت دوراً رئيسياً في جميع النزاعات في المنطقة، فشلت مرة أخرى في تقديم حلول استراتيجية أو آليات توصل الى السلام. وبالرغم انها تقدم نفسها كضامن رئيسي للسلام، تتصاعد الصراعات وتتزايد أعمال العنف وانعدام الثقة المتأصل بعمق، وهذا يعود إلى أن نهج واشنطن في المنطقة بأكمله مكشوف وأجوف وضيق الأفق.
وعلى سبيل المثال: التوترات الأخيرة في القدس تجري في ظل إدارة جو بايدن التي لم تفعل حتى الآن سوى القليل لعكس أخطاء السياسة في عهد ترامب، التي أدت إلى تنفير أحد أصحاب الشأن على حساب الآخر، وبالتالي تصاعدت التوترات وما أعمال العنف الأخيرة في المسجد الأقصى في شهر رمضان إلا انعكاس للفشل الأميركي، ويبدو أن إدارة بايدن لم تتعلم من المواجهات المدمرة في عام 2021، ولم تقترح حتى اللحظة أي آلية للوساطة أو المفاوضات المتوقفة بين الجانبين.
ولم يتم أيضاً، حث جميع الأطراف على الامتثال لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة باحترام حرمة الأماكن المقدسة في القدس، كذلك الكونغرس الأميركي يتجاهل حل الدولتين، وهو مهووس بفرض العقوبات علي دول عديدة ويكتفي بمراقبة الدمار والخسائر الجسيمة.
ولعل ما يفسر اللامبالاة الأميركية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو انشغالها بالأزمة في أوكرانيا، وتركز نشاطها الدبلوماسي على بناء التحالفات وتصعيد المواقف العدوانية بدلاً من إصدار بيان سياسي واحد عن البيت الابيض لإدانة العنف أو حث جميع الأطراف على ضبط النفس، بالمقابل، سارع زعماء العالم إلى التنديد بالعنف وتسليط الضوء على محنة الفلسطينيين تحت الاحتلال.
ومع ذلك، فإن اللامبالاة الأميركية لا تقتصر على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وحده، كذلك تُركت مخاوف إيران بشأن مأزق الاتفاق النووي دون معالجة.
وزارة الخارجية الأميركية تطلب من طهران مسائل تتجاوز نطاق الاتفاق المذكور، مع أن الاعضاد الدائمين في "مجلس الأمن" ومعهم ألمانيا، طالبو بإحياء سريع للاتفاق.
فقد أدت السياسات الأميركية إلى ارتفاع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى عشرة أضعاف عن الكمية التي كانت عليها، في الوقت نفسه، إدارة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي لا تزال متشككة وتتهيأ لمواجهة عدم استجابة إدارة بايدن للاتفاق.
المواقف الأميركية المتعجرفة و غياب آليات قابلة للتطبيق لحل النزاعات، والتأرجح بشأن اتفاق نووي، يمكن أن يحدد الهيكل الأمني للشرق الأوسط لسنوات مقبلة، ويبدو أن واشنطن لن تهتم بالأمن الإقليمي، إلا من باب اسقاط الحكومات كما فعلت في العراق، مما أدى إلى انهيار كامل للأمن وانتشار وكلائها. وهذا يعني أن إدارة بايدن قد فشلت مرة أخرى في الشرق الأوسط.
من هنا، يجب أن تأتي الحلول من الحكومات الإقليمية بدعم متعدد الأطراف وعدم توقع أي دور أميركي بنّاء في عملية السلام.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.