الترحيل والتعريفات الجمركية والعفو: ما الذي يخطط له ترامب في اليوم الأول من رئاسته؟

الرئيس القادم مستعدّ لتوقيع سلسلة من الأوامر التنفيذية في اليوم الأول من ولايته الثانية.

  • الترحيل والتعريفات الجمركية والعفو: ما الذي يخطط له ترامب في اليوم الأول من رئاسته؟
    الترحيل والتعريفات الجمركية والعفو: ما الذي يخطّط له ترامب في اليوم الأوّل من رئاسته؟

صحيفة "الغارديان" البريطانية، تنشر تقريراً تتحدّث فيه عن سلسلة الأوامر التنفيذية الذي قد يوقّعها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اليوم الأول من ولايته الثانية.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرّف:

في المسرح الكبير للسياسة الأميركية، يتبع مراسم تنصيب الرئيس عادة نصّاً مألوفاً: القسم، والخطاب، وعدد قليل من الأوامر التنفيذية المختارة بعناية لتلبية وعود الحملة. استخدم فرانكلين د. روزفلت يومه الأول لمعالجة أزمة البنوك. وتحرّك باراك أوباما لإغلاق خليج غوانتانامو (رغم أنه لا يزال مفتوحاً). وبدأت ولاية دونالد ترامب الأولى بأمر تنفيذي واحد يستهدف قانون الرعاية الصحية الذي أقرّه أوباما.

ولكن بينما يستعدّ ترامب للعودة إلى البيت الأبيض للجولة الثانية، فإنه يعد بتمزيق كتاب اللعب الرئاسي التقليدي بالكامل. ومع إعداد أكثر من 100 أمر تنفيذي، فإنّ أجندته تمثّل محاولة جديدة لإعادة تشكيل الحكم الأميركي من خلال الإرادة التنفيذية الصرفة. إنّها خطة من شأنها، إذا تمّ سنّها، أن تمسّ كلّ شيء من التجارة الدولية إلى الهجرة، ومن العملات المشفّرة إلى المناهج الدراسية.

ويمثّل المسار الذي يخطّط له ترامب من الأوامر طموحاً إدارياً لا مثيل له في التاريخ الأميركي. وفيما يلي بعض أهمّ تعهّداته في اليوم الأول، وما يمكن أن تعنيه.

خطة الترحيل الجماعيّ

تعهّد ترامب بإطلاق "أكبر برنامج ترحيل في التاريخ الأميركي" فور تولّيه منصبه. إنّ نطاق هذا البرنامج كبير، مع وجود ما يقدّر بنحو 11 مليون مهاجر غير موثّق وطالبي لجوء في الولايات المتحدة، بمن في ذلك ما يقرب من 500 ألف شخص لديهم سجلات جنائية، مما سيقزّم سجل إدارة أوباما الذي بلغ 430 ألف عملية ترحيل سنوية في عام 2013.

في الأمد القريب، من المتوقّع أن يقوم ترامب بتفكيك الحماية القانونية للمهاجرين طالبي اللجوء وإلغاء ضمانات الترحيل الإنساني لملايين الأشخاص، بما في ذلك أولئك القادمين من هايتي والسودان.

بالإضافة إلى ذلك، يخطّط لعكس سياسة أعطت الأولوية لترحيل المجرمين الخطيرين، بدلاً من المهاجرين غير الموثّقين على المدى الطويل ذوي السجلات النظيفة.

إعلان حالة الطوارئ على الحدود

بعيداً عن عمليات الترحيل، يخطّط ترامب لإعلان حالة الطوارئ الوطنية على الحدود. وقد أوضح في حدث انتخابي في نيو هامبشاير في تشرين الأول/أكتوبر أنّه قد يتطلّع إلى القيام بذلك من خلال "استخدام القانون 42"، والذي من شأنه أن يؤدّي في الأساس إلى تفعيل سلطات الطوارئ الصحية العامة المشابهة لتلك المستخدمة أثناء كوفيد لطرد المهاجرين أو منعهم من دخول البلاد أو البقاء فيها.

يواجه هذا النهج عقبة كبيرة، إذ إنّ مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فقط، وليس الرئيس، يمكنها إعلان مثل هذه الحالات الطارئة.

التعريفات الجمركية في أميركا الشمالية

ربما يكون الوعد الأكثر أهمية اقتصادياً لترامب في اليوم الأول هو التعهّد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات الكندية والمكسيكية. ستؤثّر هذه الخطوة على أكبر شريكين تجاريين لأميركا وقد تعيد تشكيل التجارة في أميركا الشمالية بشكل كبير. ربط ترامب هذه التعريفات بمخاوف الاتّجار بالمخدّرات، رغم أنه اقترح مؤخّراً أنه قد يكون هناك مجال للتفاوض، قائلاً في برنامج "Meet the Press" على قناة "NBC"، "قد نقوم بتعديل نسبة التعريفات الجمركية إلى حدّ ما" إذا ارتفعت الأسعار بشكل حادّ للغاية.

وتعهّدت كندا بالردّ على الرسوم الجمركية، واقترحت المكسيك أن تفعل الشيء نفسه. وعندما سُئل عمّا إذا كانت كيبيك ستنظر في إيقاف شحنات الطاقة الكهرومائية أو الألومنيوم إلى الولايات المتحدة، قال رئيس وزراء المقاطعة فرانسوا ليجولت في مؤتمر صحافي إنه سينتظر ترامب لاتخاذ الخطوة الأولى، "لكن ما أراه هو أن لا شيء مستحيل".

كانت آخر مرة فرضت فيها أميركا رسوماً جمركية بهذا الحجم هي تعريفة سموت-هاولي في عام 1930، والتي ينسب إليها خبراء الاقتصاد على نطاق واسع الفضل في تعميق الكساد الأعظم.

العفو عن متّهمي السادس من يناير

لم يعد ترامب بالعفو فحسب - بل حدّد جدولاً زمنياً، قائلاً إنه سيبدأ في مراجعة القضايا "ربما في أول تسع دقائق" من رئاسته. مع توجيه الاتهام إلى أكثر من 1580 متهماً وإدانة 1270، يمكن أن يمثّل هذا أحد أكبر عفو جماعيّ في التاريخ الأميركي.

لقد أكمل العديد من المستفيدين المحتملين أحكامهم بالفعل، مما يعني أنّ بعض العفو سيكون رمزيّاً إلى حدّ كبير. ستكون هذه خطوة مرحّب بها لبعض من أشدّ أنصاره، الذين يدعو بعضهم إلى إطلاق سراح الجميع، "حتى العنيفين منهم".

ثورة قطاع الطاقة

تتضمّن أجندة "الحفر، يا صغير، الحفر" لترامب إعلاناً فورياً لحالة الطوارئ الوطنية للطاقة. تدعو الخطة إلى الموافقة السريعة على الحفر الجديد، وخطوط الأنابيب، والمصافي، والمفاعلات النووية.

يزعم السكرتير الصحافي القادم له أنّهم سيبدأون في إصدار التصاريح "في غضون ثوانٍ" من دخول المكتب البيضاوي، على الرغم من أنّ مثل هذا التنفيذ السريع يواجه قيوداً عملية وقانونية واضحة.

إصلاح تمويل المدارس

في تحدٍ مباشر للسياسات التعليمية الحالية، وعد ترامب بخفض التمويل الفيدرالي على الفور للمدارس التي تدرس "نظرية العرق النقدية"، أو تحافظ على تفويضات اللقاح، أو تفرض ارتداء الأقنعة الطبية، مما يحوّل سلطة الميزانية فعليّاً إلى سلاح في الحروب الثقافية.

إلى جانب التخفيضات في التمويل، تعد خطته بإنشاء "صندوق تعويض" لأولئك الذين تضرّروا من سياسات المساواة، وهو اقتراح غير مسبوق في سياسة التعليم الأميركية.

كما ستزيل الخطة متطلّبات التنوّع والمساواة والإدماج من المؤسسات الفيدرالية منذ اليوم الأول، مما يمدّ ساحة المعركة من المدارس الابتدائية إلى الجامعات وحتى القوات المسلحة.

حقوق المتحوّلين جنسياً

تعهّد ترامب بإقرار ما وصفه المراقبون بأنه أكبر تراجع عن حقوق المتحوّلين جنسياً في التاريخ الأميركي الحديث في أول يوم له في منصبه.

يخطط ترامب لإعادة فرض حظره العسكري المثير للجدل - والذي ألغته إدارة بايدن سابقاً - بينما يمنع في الوقت نفسه النساء المتحوّلات جنسياً من المنافسة في الرياضات النسائية على أيّ مستوى.

تعهّد في عام 2023 بعقد لجنة تابعة لإدارة الغذاء والدواء للتحقيق في الروابط المزعومة بين العلاجات الهرمونية والقضايا السلوكية، وهي الخطوة التي يصفها المنتقدون بأنها محاولة مبطّنة لتقييد الوصول إلى الخدمات الطبية والجراحية والصحة العقلية وغير الطبية للأشخاص المتحوّلين جنسياً.

ستؤثّر تصرّفات الرئيس على ما يقدّر بنحو 1.6 مليون أميركي متحوّل جنسياً، بما في ذلك ما يقرب من 15000 من أفراد الخدمة الذين يخدمون علناً في الجيش اعتباراً من عام 2018، وآلاف الرياضيين الطلاب في جميع أنحاء المدارس والجامعات في البلاد.

إلغاء الإعفاء الضريبي للسيارات الكهربائية

في حين لا يوجد تفويض فيدرالي للسيارات الكهربائية بالفعل، وعد ترامب بإنهاء ما أسماه "تفويض كامالا المجنون للسيارات الكهربائية" في تجمّع انتخابي في ميشيغان في تشرين الثاني/نوفمبر. يبدو أنّ هذا يستهدف معايير انبعاثات العادم التي وضعها بايدن وأهداف كاليفورنيا المتعلقة بالمركبات الخالية من الانبعاثات. وقال لمذيع البودكاست جو روجان إن الأمر قد يستغرق يومين.

ومن المثير للاهتمام أنّ ترامب قال بشكل منفصل "نريد أن يشتري الناس السيارات الكهربائية" لكنه عارض تاريخياً الأوامر، وألغى قواعد التلوّث التي وضعها أوباما في آخر مرّة تولّى فيها منصبه.

تحدّي حقّ المواطنة بالولادة

يخطّط ترامب لتوقيع أمر تنفيذي ينهي المواطنة التلقائية للأطفال المولودين لأبوين غير مواطنين في الولايات المتحدة.

من المرجّح أن يؤدّي هذا التحدّي المباشر للتعديل الرابع عشر إلى إثارة تحدّيات دستورية فورية، حيث اعترف ترامب نفسه مؤخّراً على قناة "أن بي سي" بأنهم قد يحتاجون إلى "العودة إلى الشعب" لتعديل دستوري.

العملة المشفّرة في البنك

من المتوقّع أن ينشئ ترامب احتياطياً استراتيجياً أميركياً من "بيتكوين" لمواكبة "قيصر التشفير" ديفيد ساكس، وهو مسؤول تنفيذي سابق في "باي بال". يأتي هذا في الوقت الذي وصلت فيه عملة البيتكوين إلى مستويات قياسية مرتفعة قبل تنصيبه، حيث تتوقّع الأسواق سياسات مهمّة صديقة للعملات المشفّرة من إدارته.

تطهير الدولة العميقة

وعد ترامب باتخاذ إجراءات فورية "لتطهير الدولة العميقة"، ويخطّط لإحياء أمره التنفيذي للجدول "ف" من عام 2020. وهذا من شأنه أن يعيد تصنيف عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين كموظفين معيّنين سياسياً، مما يجعل فصلهم أسهل.

قد تؤدي هذه الخطوة إلى إعادة تشكيل القوى العاملة الفيدرالية بشكل كبير، على الرغم من أنها من المرجّح أن تواجه معارضة قانونية شرسة.

مفاوضات حرب أوكرانيا

كان الوعد الأكثر تكراراً لترامب على مدار العام الماضي هو تعهّده بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا قبل تولّيه منصبه، وهو الموعد النهائي الذي مرّ بالفعل.

قال ترامب خلال مناظرته في أيلول/سبتمبر مع كامالا هاريس: "أعرف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جيداً، وأعرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيداً ... إنهما يحترماني".

لقد خفّت حدّة هذا الوعد منذ فوزه في الانتخابات. في مقابلة أجريت معه في كانون الأول/ديسمبر مع مجلة تايم، أقرّ ترامب بأنّ "الشرق الأوسط مشكلة أسهل في التعامل معها من ما يحدث مع روسيا وأوكرانيا".

وبصرف النظر عن اقتراح فريقه بأنه سيجمع الزعيمين إلى طاولة المفاوضات في اليوم الأول، فقد مدّد جدوله الزمني لحلّ الصراع إلى ستة أشهر.

نقلته إلى العربية: بتول دياب