"غلوبال تايمز": "الناتو" يرمي "بطعم نووي" لكوريا الجنوبية
إن "الطعم النووي" الذي وضعه الناتو هو سم وليس علاجاً لكوريا الجنوبية، التي تسعى إلى بيئة خارجية آمنة ومستقرة.
قالت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الناطقة باللغة الإنجليزية في افتتاحيتها إن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ بدأ الأحد الماضي زيارته إلى كوريا الجنوبية واليابان، لكن "الهدايا" التي يجلبها معه ليست جيدة. فخلال رحلته إلى كوريا الجنوبية، ناقش بشكل أساسي القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية. وقال ستولتنبرغ إن الزيارة أظهرت "الأهمية المتزايدة للشراكة بين الناتو وجمهورية كوريا(الجنوبية)". وأشار إلى أن حلف الناتو وكوريا الجنوبية يمكنهما تبادل المعلومات مع بعضهما البعض رداً على الشكوك التي يثيرها برنامج كوريا الشمالية النووي والصاروخي.
كما تحدث ستولتنبرغ عن أهمية الردع النووي قبل رحلته، مدعياً أنه إذا كانت "الصين وروسيا وكوريا الشمالية تمتلك أسلحة نووية، لكن حلفاء الناتو لا يملكون - فهذا عالم أكثر خطورة".
ورأت الصحيفة أنه من الواضح أن نظر ستولتنبرغ كان أبعد مدى حيث إن آلية المشاركة النووية الحالية لحلف الناتو لا علاقة لها بالقضايا الأمنية في شبه الجزيرة الكورية. وعلى الحلف أن يقحم باسمي الصين وروسيا معاً حتى لا يبدو ظهوره في شبه الجزيرة الكورية مفاجئاً ولا يثير حفيظة كوريا الجنوبية.
وأشار ستولتنبرغ إلى "التهديد النووي" من الصين وروسيا وكوريا الشمالية لتعزيز تبادل المعلومات مع كوريا الجنوبية. وقال إن هدفه واضح للغاية، وهو جذب كوريا الجنوبية إلى إطار تعاون مع الناتو.
واعتبرت "غلوبال تايمز" أن المشاركة النووية هي مجرد ذريعة يمكن من خلالها بسط قبضة الناتو على شمال شرق آسيا بطريقة مهيبة. فعلى الرغم من أن ستولتنبرغ قد احتفظ ببعض الحرية في تصريحاته العامة بشأن المسألة الحساسة للغاية المتمثلة في المشاركة النووية، إلا أن العالم يعتقد أن "تبادل المعلومات" الذي اقترحه لن يكون نهاية مشاركة الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. فقد أشارت بعض التحليلات من كوريا الجنوبية إلى أن تحرك الناتو يهدف إلى توسيع مدى نشاط الولايات المتحدة إلى منطقة "المحيطين الهندي والهادئ" لاحتواء الصين. وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أن الناتو يدعي أن موقعه كحلف دفاعي إقليمي لم يتغير، إلا أنه منذ العام الماضي استمر في كسر مناطق الدفاع التقليدية وعزز بشكل كبير العلاقات العسكرية والأمنية مع دول آسيا والمحيط الهادئ مثل اليابان وكوريا الجنوبية. إذ يقف ستولتنبرغ الآن على أرض شمال شرق آسيا، ويتحدث عن "الردع النووي" بطريقة بارزة، مما يسلط الضوء على التهديد الخطير الذي يشكله الناتو على هذه المنطقة.
وقالت الافتتاحية الصينية إن جمود الوضع في شبه الجزيرة الكورية وحلف شمال الأطلسي هما من مخلفات الحرب الباردة في أوراسيا، لكن شبه الجزيرة الكورية هي ضحية للحرب الباردة، بينما حلف الأطلسي هو المستفيد. فبعد انتهاء الحرب الباردة، فقد الناتو ضرورة وجوده وشرعيته، لكنه نجا عبر امتصاص الأجواء المتوترة والمخيفة التي سببتها الأزمات والصراعات الجديدة. إن السبب الذي جعل الناتو يسلط نظره على شبه الجزيرة الكورية هو تماماً مثل الضباع التي تحدق في جروح الحيوانات الأخرى النازفة. فما يجلبه إلى شمال شرق آسيا هو قرع طبول حرب باردة جديدة.
وأشارت "غلوبال تايمز" إلى أنه من الشائع جداً في الولايات المتحدة والغرب استخدام أزمة أوكرانيا كذريعة للترويج للمخاوف الأمنية في كل مكان، ورحلة ستولتنبرغ ليست استثناء. ومع ذلك، فإن ما حدث في القارة الأوروبية يظهر أنه بمجرد وجود معضلة أمنية، حتى الحلفاء سينقلبون ضد بعضهم البعض، وستصبح هذه العقدة أكثر إحكاماً. وهذا له منطق أساسي مشابه للوضع في شبه الجزيرة الكورية. فقد اعتادت دولتا الشمال والجنوب على "تسليح نفسيهما" نتيجة مخاوفهما الأمنية، الأمر الذي أدى بدوره إلى تعميق مخاوف الطرف الآخر. إن ما حدث في شبه الجزيرة في السنوات الأخيرة قد أثبت بالفعل أن العداء والمواجهة لا يمكن أن يكونا رسولي السلام.
وأضافت الافتتاحية: لاحظنا أنه على الرغم من أن ستولتنبرغ ذكر الصين دائماً "عن قصد أو عن غير قصد" عندما تحدث عن "التهديد" من كوريا الشمالية، إلا أن الجانب الكوري الجنوبي بدا خطابه منخفضاً نسبياً حول هذا الموضوع. ففي لقاء ستولتنبرغ مع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، وكذلك مع وزيري الدفاع والخارجية الكوريين الجنوبيين، تجنب الجانب الكوري الجنوبي الحديث عن الصين قدر الإمكان. هذا يدل على أن المخاوف الأمنية لكوريا الجنوبية حتى الآن لا تزال تركز بشكل أساسي على قضية شبه الجزيرة، لكن الكوريين الجنوبيين بحاجة إلى اتخاذ المزيد من الاحتياطات ضد حسابات الناتو. فالتوسع السريع لحلف الناتو من أوروبا إلى شمال شرق آسيا لن يؤدي إلا إلى جعل الوضع في شبه الجزيرة أكثر تعقيداً والحل أكثر صعوبة، والنتيجة ليست بأي حال ما تريد كوريا الجنوبية رؤيته.
وختمت "غلوبال تايمز" بالقول إن الاستقرار الوطني والتنمية الاقتصادية في كوريا الجنوبية اليوم لا ينفصلان عن السلام والاستقرار النسبي على المدى الطويل في شبه الجزيرة. وقد أشارت صحيفة "هانكيوريه" الكورية الجنوبية في تعليق لها إلى أن "المشاركة النووية مع الناتو لا تتعلق بامتلاك أو مشاركة حقوق استخدام الأسلحة النووية، ولكنها وسيلة لتقاسم العبء السياسي والمخاطر التشغيلية".
وخلصت الصحيفة إلى أن "الطعم النووي" الذي أحدثه الناتو هو بالتأكيد سم وليس علاجاً لكوريا الجنوبية، التي تسعى إلى بيئة خارجية آمنة ومستقرة. لكن نية الناتو المشاركة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ معروفة جيداً. إن رفض "شرب السم لإرواء العطش" هو اختبار لحكمة سيئول السياسية.