"Znetwork": على غرار بايدن.. "الناتو" أصبح عجوزاً ويجب دفنه
إنّ الذكرى الـ 75 لتأسيس حلف شمال الأطلسي تشكّل فرصة مناسبة لتقييم النظرة العالمية التي تبنّاها الحلف وانتهاكاته للقانون الدولي، ولأجل السلام والاستقرار العالمي لا بد من دفن حلف "الناتو" اليوم قبل الغد.
موقع "Znetwork" ينشر مقالاً للكاتبة ميدييا بنيامين، تتحدث فيه عن عمر حلف "الناتو" وأهداف تأسيسه وواقعه وعمله اليوم.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
ختم الرئيس الأميركي جو بايدن قمة حلف "الناتو" الأخيرة بمزيد من الزلات والهفوات، في حين تتسابق وسائل الإعلام بضراوة في طرح التساؤلات حول عمره وقدراته الإدراكية واضطرابه العقلي الذي يمنع عنه اجتياز أي خطاب أو مؤتمر من دون تعثّر أكثر من مرة. مع ذلك، فقد ضاعت في التغطية الإعلامية للقمة مناقشة جادة لتقدم عمر حلف شمال الأطلسي وقدرته على قيادة "العالم الحر".
في العام 2019، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدقّ ناقوس الخطر بالفعل، معتبراً أنّ "الناتو" ميت دماغياً. لكن، بعد حين أتاحت الحرب الأوكرانية للحلف وظيفة جديدة في احتضان هذه الحرب والتسبب بقيامها، وجعل الساحة الدولية على شفير حرب عالمية ثالثة.
لا بدّ من مراجعة الأسباب التي دعت إلى تأسيس حلف شمال الأطلسي قبل 75 عاماً، على خلفية تكشف ملامح بداية الحرب الباردة على تخوم الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، حين اجتمعت 10 دول أوروبية إلى جانب الولايات المتحدة وكندا في العام 1949 لإنشاء تحالف من شأنه أن يردع التوسع السوفياتي آنذاك، ويوقف إحياء النزعة العسكرية القومية في أوروبا من خلال وجود قوي لأميركا الشمالية في القارة، ويشجع على التكامل السياسي الأوروبي. أو كما قال أول أمين عام للحلف اللورد إسماي مازحاً، كان الغرض من التحالف "إبقاء السوفيات في الخارج، وأميركا في الداخل، والألمان تحت السيطرة".
لقد مر أكثر من 3 عقود على تفكك الاتحاد السوفياتي، حيث تكاملت الدول الأوروبية بشكل جيد، لكن حلف شمال الأطلسي لا يزال صامداً ومستمراً وكأن "الخطر" السوفياتي على حاله، بل إنّ "الناتو" توسّع ليشمل دول "حلف وارسو"، مع أنّه كان ينبغي له أن يعلن النصر ويحل الحلف، لكن بدلاً من ذلك، توسع الحلف من 16 إلى 32 عضواً الآن.
في الحقيقة، إنّ تمدد حلف "الناتو" ليشمل دول شرق أوروبا، لم ينتهك الوعود التي قطعها وزير الخارجية جيمس بيكر للزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف فحسب، بل كان خطأً سياسياً فادحاً أيضاً. ففي العام 1997، حذّر الدبلوماسي الأميركي جورج كينان من أنّ "توسيع الناتو سيكون الخطأ الأكثر فتكاً في السياسة الأميركية في حقبة ما بعد الحرب الباردة بأكملها". والواقع أنّ توسع الحلف، لا يبرر حرب روسيا وأوكرانيا، مع أنّه استفز روسيا وأشعل التوترات، خاصة بعد لعب أعضاء حلف "الناتو" دوراً رئيسياً في الانقلاب الذي شهدته أوكرانيا في العام 2014، حيث شرعت المنظومة الغربية في تدريب وتسليح القوات الأوكرانية استعداداً للحرب مع روسيا، ثم قتل المفاوضات التي كان من الممكن أن تنهي الحرب في أول شهرين من اندلاعها.
وبعد عامين من الحرب المهولة، تركز قمة حلف شمال الأطلسي الأخيرة على كيفية دعم جهود أوكرانيا الفاشلة لصدّ روسيا. والإصرار على إعداد سيناريو يمنع دونالد ترامب في حال فوزه برئاسة الولايات المتحدة، من أن يقوّض تدفق مليارات الدولارات والمساعدات العسكرية الأميركية إلى أوكرانيا، وجعل أمر دعم هذه الحرب مساراً إجبارياً لسنوات قادمة بغض النظر عمن يسكن البيت الأبيض في واشنطن.
السبب الرئيسي للغضب الروسي كان ولا يزال يتمحور حول مقترح ضم أوكرانيا إلى حلف "الناتو"، وهذا ما تم تأكيده في القمة المذكورة بأنّ هذا المسار لا رجعة فيه، ما يفضي إلى أن تستمر الحرب لسنوات مقبلة، لذلك لم يكن هناك حديث في القمة عن كيفية إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار والتوجه نحو محادثات السلام، ربما لأنّ حلف شمال الأطلسي تحالف عسكري، والأداة الوحيدة التي يمتلكها هي المطرقة.
يستخدم حلف شمال الأطلسي هذه المطرقة بشكل غير قانوني ومن دون جدوى في دولة تلو الأخرى على مدى الأعوام الـ 30 الماضية. من البوسنة وصربيا إلى أفغانستان وليبيا، وبرر هذا العنف وعدم الاستقرار باعتباره دفاعاً عن "النظام القائم على القواعد"، في حين أنّه انتهك مراراً وتكراراً المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة وكل مستوى من حقوق الإنسان.
لقد أصبح حلف شمال الأطلسي الآن وحشاً عسكرياً له شركاء تجاوزوا دول المنظومة الغربية إلى دول العالم من كولومبيا إلى منغوليا إلى أستراليا. وهذا يثبت مرة أخرى أنّه تحالف عدواني يبدأ الحروب ويصعّدها خارج الإجماع الدولي، ويدفع إلى تفاقم عدم الاستقرار العالمي، ويعطي الأولوية لصفقات الأسلحة على الاحتياجات الإنسانية.
كذلك، يوفّر "الناتو" غطاءً للولايات المتحدة لنشر أسلحة نووية في 5 دول أوروبية، ما يقرّب العالم من حرب نووية من خلال الانتهاك المكرر لمعاهدة منع انتشار وحظر الأسلحة النووية، في محاولة يائسة لإعادة تأكيد الهيمنة العالمية للولايات المتحدة ومناهضة عالم متعدد الأقطاب.
إنّ الذكرى الـ 75 لتأسيس حلف شمال الأطلسي تشكّل فرصة مناسبة لتقييم النظرة العالمية التي تبنّاها الحلف وانتهاكاته للقانون الدولي، ولأجل السلام والاستقرار العالمي لا بد من دفن حلف "الناتو" اليوم قبل الغد.
نقله إلى العربية: حسين قطايا