اليابان: العلاقات مع روسيا أكثر من مسألة إقليمية ومعاهدة سلام
على وقع العقوبات الجديدة التي تفرضها اليابان على روسيا، وبينما تتجه كلّ الأنظار إلى أوروبا، فإن آسيا لديها تطورات أمنية خاصة بها.
أدى اللقاء الأخير بين الولايات المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا وزيارة بايدن إلى شرق آسيا إلى تكثيف النقاش بشأن سياسة واشنطن في المنطقة وموقف الدول المجاورة للصين تجاهها.
في ما يلي مقابلة مع تايسوكي آبيرو، الباحث البارز في مؤسسة "ساساكاوا للسلام"، المتخصص في العلاقات اليابانية الروسية، أجراها معه رئيس تحرير مجلة "روسيا في السياسة الدولية" ورئيس الهيئة الرئاسية لمجلس السياسية الخارجية والدفاعية في روسيا فيودر لوكيانوف، وبثت عبر شاشة قناة "روسيا 24"، ضمن برنامج "الاستعراض الدولي".
- هل تغير الفهم الياباني للقضايا الأمنية بطريقة ما بعد اندلاع النزاع المسلح في أوكرانيا أو أن المبادئ الأساسية تشكلت في وقت سابق؟
كانت مسألة كيفية الرد على الحالة الأمنية المتدهورة (صعود الصين، والسلوك الجريء لكوريا الشمالية، وما إلى ذلك) محور اهتمام الحكومة اليابانية في العقد الماضي، في عهد رئيس الوزراء سيندزو آبي، فقد صدرت نسخة جديدة من استراتيجية الأمن القومي في كانون الأول/ديسمبر 2013، وكان آبي قد روّج لفكرة التعاون بين المحيطين الهندي والهادئ.
اليوم، يناقشون زيادة الإنفاق الدفاعي. وفي المقام الأول، بناء القدرة على مواجهة الهجمات الصاروخية. كان الموضوع المطروح على جدول الأعمال لعدة سنوات حتى الآن، لكن أوكرانيا، بالطبع، شحذت التصور إلى حد كبير. لقد فهم اليابانيون أنه لا توجد ضمانات بعدم تكرار أحداث مماثلة لتلك التي وقعت في أوكرانيا في منطقتنا. هذا يعني أننا بحاجة إلى تغيير السياسة الأمنية والموقع الاستراتيجي بشكل جدي.
- هل تكديس الأسلحة على نطاق واسع ممكن؟
خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بايدن، أكد رئيس الوزراء كيشيدا أن اليابان تعتزم زيادة ميزانية الدفاع بشكل كبير. في الشهر الماضي، أوصى الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم بأن تضاعف الحكومة الإنفاق الدفاعي في غضون 5 سنوات للوصول إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الآن 54 مليار دولار، أي أن المبلغ المقتطع للدفاع سيتجاوز 100 مليار دولار. لذلك، ربما ستفعل ذلك.
- مبلغ كبير. هل ستظهر أشكال جديدة للتعاون مع الولايات المتحدة في المجال العسكري؟
عمدت إدارة آبي إلى تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة، وكانت في الوقت نفسه تبني قدراتها العسكرية الخاصة. لا أعتقد أن الحكومة اليابانية تنوي الانضمام، على سبيل المثال، إلى حلف "أوكوس" (حلف دفاعي إقليمي يضم أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة). رئيس مجلس الوزراء كيشيدا ينفي بشكل قاطع مثل هذا الاحتمال. كما أن اليابان ليست مدرجة في مدى حلف كهذا. ستركز اليابان على العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة وأستراليا والهند والأوروبيين.
- ألا يُناقش موضوع السلاح النووي؟
لا. أبداً. هناك نقاش في المهمات النووية المشتركة، والمشاركة في إدارة القوات النووية الأميركية، كما يتم ترتيبها في أوروبا مع الولايات المتحدة، لكن هذا النقاش لا يزال في مراحله الأولى.
- لا تزال اليابان والصين شريكتين تجاريتين واقتصاديتين رئيسيتين، لكن العلاقات السياسية سيئة للغاية. هل محاولات وقف تدهورها ممكنة؟
تود الحكومة اليابانية هذا كثيراً. يؤيد وزير الخارجية هاياشي مسألة تحسين العلاقات مع الصين. في الجبهة الأمنية، سنعزز العلاقات مع الولايات المتحدة وحلفائها، ولكن في الجبهة الاقتصادية، تعارض كل من الحكومة ورجال الأعمال بشدة فك الارتباط مع الصين.
- حسناً، السؤال الأهم بالنسبة إلينا: هل بقي أي شيء من العلاقات مع روسيا الآن؟
- بالنسبة إلى اليابان، العلاقات مع روسيا ليست مسألة إقليمية ومعاهدة سلام فقط. ينبغي أن نؤكد ذلك. حتى لو لم تكن هناك فرصة للتوصل إلى حل، فنحن بحاجة إلى العمل مع روسيا كجارة مهمة. لكن، نعم، ما حدث في أوكرانيا دمر الأسس القديمة للعلاقات اليابانية الروسية. لا ترى إدارة كيشيدا إمكانية توقيع معاهدة سلام في المستقبل المنظور.
بهذا المعنى، ليس لدى الحكومة أي توقعات، على عكس سابقاتها. بالطبع، المقياس مختلف تماماً عما كان عليه في عام 2014. لذلك، انضمت اليابان إلى عقوبات مجموعة السبع المفروضة على روسيا.
ومع ذلك، ترغب الحكومة في الحفاظ على مصالح الطاقة في مشروع "سخالين". كما وقع الطرفان في الآونة الأخيرة اتفاقية بشأن الصيد. هناك مجال للتعاون، ما لم يقرر المشرعون الروس، بالطبع، أنه لا يمكن للدول "غير الصديقة" أن تشارك في مشاريع الطاقة، لكني ما زلت آمل أن يساعد التعاون في مجال الطاقة في الحفاظ على أساس التعاون في المستقبل عندما يتحسن الوضع السياسي.