زيمور مرشحاً للرئاسة الفرنسية وخشية من "ترامب فرنسي"
اليمينيّ المتطرف، إريك زيمور، بات مرشحاً رسمياً للرئاسة الفرنسية، من خلال برنامجه لـ"إنقاذ فرنسا"، كما قال، وعَبْر شعاراته التي تخطّت الحضّ على العنصرية والكراهية.
ممثّل التطرّف والتشدّد، والمُدان بالحضّ عل الكراهية والعنف، إريك زيمور، بات مرشحاً رسمياً لانتخابات الرئاسة الفرنسية المقبلة.
في تسجيل مصوَّر نشره في "يوتيوب"، أعلن زيمور أن الوقت لم يعد ملائماً الآن لإصلاح فرنسا، بل لإنقاذها. وهذا الأمر يعني أن المرشح الجديد بات يشكّل تحدياً جدياً لسائر المرشحين، ولاسيما لبيئة اليمين المتطرف، وللمنافسين الاخَرين، باعتبار أن استطلاعات الرأي تعطي زيمور أرقاماً مقلقة.
ما كان يخشاه مرشّحو الرئاسة الفرنسية، ولاسيما في وسط اليمين المتطرّف، ولدى قِطاع واسع من الفرنسيين، أصبح واقعاً.
اليمينيّ المتطرف، إريك زيمور، بات مرشحاً رسمياً للرئاسة الفرنسية، من خلال برنامجه لـ"إنقاذ فرنسا"، كما قال، وعَبْر شعاراته التي تخطّت الحضّ على العنصرية والكراهية، لتلامس الدعوة إلى العنف ضد بعض مكوّنات المجتمع الفرنسي، والتي أُدينَ بسببها مرتين.
كرّر المرشح اليميني المتطرف، في بيانه المباشِر للفرنسيين، إشارات إلى نظرية "الاستبدال الكبير" العنصرية. بعد عبارات جذّابة وصف فيها فرنسا بأنها "بلد الفرسان"، و"فيكتور هوغو"، و"المتاريس وفرساي"، و"كليمنصو"، و"باربرا"، أو حتى "جان مولان"، توجَّه زيمور مباشرة إلى أولئك الذين قال إنهم يشعرون بأنهم "أجانب في بلدهم"، ووجّه إليهم الرسالة التحريضية التالية: "أنتم منفيّون داخليون".
في نظريته الدائمة للَّعِب على فزّاعة الهجرة، يتابع المرشح بالقول "الهجرة ليست مصدر كل مشاكلنا، حتى لو كانت الأسوأ". هو يريد أن يكون المتحدث باسم الفرنسيين الذين "يحتقرهم الأقوياء، والنخب، وذوو النيات الحسنة، والصحافيون، والسياسيون، والأكاديميون، وعلماء الاجتماع، والنقابيون، والسلطات الدينية"، كما يزعم، منتقداً الاتحاد الأوروبي، "الذي لن يكون أبداً أُمة". وهنا، يعد زمور بـ "استعادة" سيادة فرنسا "التي تم التخلي عنها للتكنوقراط والقضاة الأوروبيين".
توجيهاً لمعركته، وفي مواجهة "الحكّام في اليمين واليسار"، يتهم زيمور الجميع بـ "الكذب"، من خلال "إخفاء جدية تخفيض مستوانا" و "إخفاء حقيقة استبدالنا"، قاصداً أن هناك مشاريع لإحلال مهاجرين من أنحاء العالم مكانَ الفرنسيين. ويقول زيمور إنه لا يريد مغادرة البلد، "المُراد السيطرة عليه واحتلاله، واستعماره". وقال في اللحظات الأخيرة من خطابه "لن نسمح باستبدال أنفسنا".
زيمور، الذي تحول إلى ظاهرة سياسية إعلامية خلال الأشهر الأخيرة، مثّل قطباً جاذباً لليمين المتطرف وكل المجموعات التي تتبنى الأيديولوجية النازية والانغلاق والعنف، ولاسيما تلك التي عبّرت عن نيّاتها في قتل سياسيين وإعلاميين من بيئة اليسار.
دخولُ زيمور حلبةَ المنافسة الرئاسية ضربةٌ سياسية، في الدرجة الأولى، للقاعدة الانتخابية للمرشحة مارين لوبن، التي كانت تراهن على عدم جدية زيمور، وهي الآن مجبَرة على إعادة حساباتها أمام مرشَّح يقضم جزءاً من لحمها الانتخابي. يمينيو حزب "الجمهوريين" باتوا أمام تهديد جدي إضافي، ربما ينعكس على تماسك حزبهم المهتزّ أصلا، على خلفية التردد بين اليمين التقليدي واليمين المتطرف.
وعلى الرغم من انطلاق حزب إيمانويل ماكرون، "فرنسا إلى الأمام"، في حملة تحت عنوان "تفكيك ظاهرة زيمور"، فإن ماكرون لا يُخفي ارتياحه إلى تشقق بيئة الصوت الانتخابي لليمين المتطرف. لكنه، وهو يراقب استطلاعات الرأي، لا يمكنه إلاّ أن يَقلق من اندفاعة المرشح المتطرف وجاذبية طروحاته، في مجتمع يميل إلى تبني الشعارات المتشددة، قومياً واجتماعياً وأمنياً.
مرشّحو اليسار أيضاً لن يُقلقهم ترشيح زيمور، لكونه عاملاً تقسيمياً لليمين المتطرف، لكنهم لا يستطيعون التعامي عن خطر ما يمثّله، وإمكان اختراقه ليمين الوسط، وربما لشرائح من قاعدة "فرنسا الى الأمام"، بحيث تفعل شعارات التطرف فِعْلَها .
في كل الأحوال، يقرع ترشيح زيمور جرس إنذار أمام الفرنسيين. فهل يستدعي مَن يوصف بـ"ترامب الفرنسي" تعديلَ التحالفات والمحاور الانتخابية الحالية، أَمْ تستمرّ الانقسامات والتناقضات على حالها؟