في ظل التطبيع العربي مع "إسرائيل".. "حنظلة" يعود على الميادين
"حنظلة". سيعود ليظهر اليوم على الميادين، عبر مشروع فني وثوري وثقافي، من خلال تحويل رسومات الشهيد ناجي العلي إلى صور متحركة. المقاطع المصورة التي كانت عرضت عام 2015، تعود وتظهر اليوم رداً على التطبيع العربي مع "إسرائيل".
لا تنعدم الأرض من الشواهد، كلما أسكتوا شاهداً أو أعدموه ينبت آلاف غيره يروون الحكاية. لم تعد فلسطين ذبيحة قاتل واحد، كثر قتلتها، وكثرت معهم شواهد المجزرة تلو المجزرة، من القتل بدم بارد إلى "سلام" مشؤوم مع "إسرائيل" يلحقه التطبيع. واليوم لم يعد تطبيعاً خفياً، بل بات يروج لنفسه عن طريق الشاشة. مسلسلات تعرض القصة اليهودية بلسان من اغتصبوا الأرض وبأداء عربيّ!
يأتي ذلك انطلاقاً من سياسة الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة لطمس القضية الفلسطينية، وزجّ سرديّاته في وطننا العربي، وتآمر الحكّام العرب على شعب هذا الوطن المظلوم، الذي يُجرّح بصوته ودمه عروشهم، لتهوي فيما بعد، ويكون السقوط وحده الشاهد الأكبر على استرداد الكرامة.
وبناء عليه، كرّست شاشة الميادين نفسها خطاً دفاعياً عن المقاومة لأجل القضية الأسمى، فلسطين. ولتبقى حكايات أهلها ومن ناضلوا لأجلها تصدح في أروقة بلاط من يسعون لطمسها ولم ينجحوا حتى اليوم.
رسائل الميادين كانت بداية من خلال عرضها مع بداية شهر رمضان المبارك الجاري مسلسلاً بعنوان "حارس القدس"، يروي قصة المطران ايلاريون كبوجي ومقاومته المؤثرة والملتزمة، التي تصب في خط مقاومة الظلم والاحتلال، بين سوريا وفلسطين، حيث كان للرجل حضور كبير في البلدين من خلال مهمته الرسولية. وكان معروفاً بوطنيته، فلم يفرق بين دين ودين.
والخطوة الثانية عودة "حنظلة". الطفل إبن السنوات العشر، سيعود ليظهر اليوم عبر الميادين، التي تبنت مشروع حنظلة الفني والثوري والثقافي والهادف إلى بعث رسومات الشهيد ناجي العلي الكاريكاتورية الساخرة والموجعة بصيغة متحركة، فريق عمل كبير أسس المشروع عام 2015 وبثته الميادين حينها، ليشكّل موقفاً مماثلاً لموقف حنظلة المقاوم والرافض للمساومة. وقرار إعادة بثّ المقاطع الكاريكاتورية المتحركة هو لتذكير العالم أن الشاهد الأول لم يمت وها هو عائد ليكمل الحكاية.
فمن غير "حنظلة" أول الشاهدين؟ "حنظلة" طفل الفنان الشهيد ناجي العلي، الذي يصوّب بكل لوحة من لوحاته رصاصة على أعداء الأمة. ريشة الأربعون ألف شوكة بمعانيها ومراميها السياسية. ريشة ترسم الجرح العربي، فأدار "حنظلة" ظهره للجميع إلا لفلسطين. رسوم العلي التي لم تبق له صاحباً، فكرهه كل صاحب مصلحة وأحبه الفقراء، تبرّأ برسومه من الفتنة التي دأب الاحتلال مدعوماً من أميركا على بثها في وطننا العربي. فكان حبره سقّاء لأجيال مديدة بالنضال والكرامة.
استشهد ناجي العلي ليبقى "حنظلة". وها هو يعود إلى الواجهة ليس بريشة مطلقه، وإنما من خلال رسوم العلي بصيغة متحركة، كانت أقوى من الرصاص.
أدار "حنظلة" وجهه ساخراً من حكام عرب وكثيرين انحرفوا عن البوصلة، لكننا سنتمكن من رؤية وجهه عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته كما وعدنا الشهيد ناجي العلي.