ما هي العقبات أمام انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي؟

بعد تقديم أوكرانيا طلب عضوية سريعاً في الاتحاد الأوروبي، عقبات عديدة تقف أمام هذه العضوية، مع التأكيد أنَّ عملية العضوية السريعة غير موجودة في النصوص التشريعية للاتحاد.

  • الانضمام يفترض احترام الشروط المنصوص عليها في المادة 49 من معاهدة الاتحاد الأوروبي
    الانضمام يفترض احترام الشروط المنصوص عليها في المادة 49 من معاهدة الاتحاد الأوروبي

من أدراج النسيان والمزايدات إلى دائرة الضوء، انتقل ملف انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي. أحداث أوكرانيا فتحت باب الاستثمار السياسي في ملف كييف، وسط غموضٍ يكتنف الموقف الأوروبي، وترجيحاتٍ بعدم نجاح كييف في الحصول على عضوية معجلة في الاتحاد الأوروبي، بالرغم من  الخطاب العاطفي الجيّاش الذي ألقاه الرئيس فولوديمير زيلنسكي متوجهاً إلى الأوروبيين. 

عضوية كييف السريعة في الاتحاد الأوروبي يعتبرها معظم المتخصصين مستحيلةً على المدى القصير، أو ربما غير طارئة في الظروف الحالية.

في المنابر والإعلام لم يفت قادة أوروبا التعبير عن اتساع حضنهم ودفئهم تجاه كييف. في الكواليس، الموقف أكثر عقلانية وبراغماتية.

فالعضوية السريعة "غير ممكنة" في الوقت الحالي. الرئيس السابق لفرنسا فرنسوا هولاند يعتبر أن الضروري الآن هو ليس إدخال كييف إلى الاتحاد الأوروبي بل إخراج موسكو من كييف. بينما باسكال كانفين، عضو البرلمان الأوروبي في مجموعة النهضة يقول إنه "على المدى القصير هذه مجرد رسالة ومنظور سياسي متوسط المدى". 

الأوروبيون الذين لامسوا الخط الأحمر في العقوبات والضغوط والاستفزاز تجاه موسكو، يُبقون على ورقة ضم كييف إلى اتحادهم كورقةٍ ثقيلة الوزن، وهم في حقيقة الأمر، بحسب متابعين، يخشون أن تمثل الخطوة تفجيراً واسعاً لغضب موسكو.

معايير كثيرة للوفاء بها

من جهةٍ ثانيةٍ، فإن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يفترض احترام الشروط المنصوص عليها في المادة 49 من معاهدة الاتحاد. يتم تقديم طلب العضوية إلى مجلس الاتحاد الأوروبي، ثم تقدم المفوضية الأوروبية رأياً رسمياً. يجب على البرلمان، وكذلك مجلس الاتحاد الأوروبي، بعد ذلك، الموافقة أو عدم الموافقة على هذا الطلب. سيتعين على أوكرانيا أيضاً إظهار أوراق اعتمادها بشأن العديد من المعايير: اقتصاد السوق، والقواعد البيئية... كما سيتعين عليها إصلاح آلاف اللوائح المطلوبة.

يؤكّد المتخصّص في القضايا الأوروبية والدولية، باتريك مارتن جينير ، أنَّ "هناك مساراً كاملاً من العقبات المؤسساتية، ثم التحقق من معايير العضوية. يستغرق الأمر الكثير من الوقت، وكانت تركيا مرشحة لسنوات (2005)، والوضع ما زال غير ناجح".

"إجراء خاص جديد"؟

هل من مخرج لتسريع الانضمام، كما تمنّى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في كلمته أمام الاتحاد الأوروبي؟ 

إن عملية العضوية الخاصة هذه غير موجودة في النصوص التشريعية. لكن هل يستطيع الاتحاد استثناء أوكرانيا في هذه الظروف الاستثنائية؟ يرى أستاذ العلوم السياسية في العلاقات الدولية ودراسات الاتحاد الأوروبي في جامعة بروكسل الحرة (ULB)، ماريو تيلو، أنه "لن يتم تجاوز المعايير الأساسية. من الممكن الإسراع، وخاصة في ما يتعلق بالالتزام بالرأي، لكن الاتحاد الأوروبي ليس نادياً للكرة الحديدية، إنها مؤسّسة معقدة للغاية".

هذا في الجانب التقني، أما في الجانب السياسي، فيمكن دعم انتقال أوكرانيا إلى وضع المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، من دون الخلط بين هذا الأمر وطلب عضويتها الفورية، وهو أمر غير ممكن، كما غرّد عضو البرلمان الأوروبي، باسكال كانفين، من مجموعة النهضة (الليبراليين).

مع ذلك، صرّحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في مقابلةٍ مع قناة "يورونيوز"، بأن "لدينا العديد من الموضوعات التي نعمل عليها بالتعاون الوثيق مع الأوكرانيين، ومع مرور الوقت، هم جزءٌ منا ونريدهم أن يكونوا داخل الاتحاد الأوروبي".

وأوضح المتحدث باسمها أن فون دير لاين "أعربت عن وجهة نظرها كرئيسةٍ للجنة"، ولكن "هناك عمليةٌ معقدةٌ" و"ليست هي التي تقرر وحدها".

كلام رئيسة المفوضية الأوروبية هو قبل كل شيء جزء من نهج رمزي، من دون آثار ملموسة، كما يحلل ماريو تيلو، ويقول: "إنها تفعل ذلك لتقديم تعهدات وإظهار التضامن في أوروبا".

أخيراً، تتطلب العضوية في الاتحاد الأوروبي موافقة الدول الأعضاء البالغ عددهم 27 بالإجماع، وهناك "آراء وحساسيات مختلفة" في ما بينها حول هذا الموضوع، كما يوضح رئيس المجلس، شارل ميشيل. وبالتالي، فإنَّ الوضع الاقتصادي للبلد يمكن أن يزعج بعض أعضاء الاتحاد. يصرّ الباحث ماريو تيلو على أنه "في أوكرانيا، يوجد دخلٌ للفرد يمثل ربع أفقر دخل في الاتحاد الأوروبي"، ويضيف "هذا عامل معقد موضوعي". 

تطور الحرب في أوكرانيا عاملٌ آخر من عوامل عدم اليقين. في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن تتغيّر الأوضاع في أوكرانيا تبعاً لنتائج المواجهة الحالية، وبالتالي إذا سقطت الحكومة الحالية فإن الأمور تصبح أكثر تعقيداً، كما أن البلد الذي هو في حالة حرب لم يعد في وضعٍ يسمح له بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ما تقدم يعني أن كييف ستبقى في غرفة الانتظار إلى أجلٍ غير مسمى، وربما ستعيش على وعدٍ قُدِّمَ إليها أخيراً باحتمال قبول ترشيحها فقط إلى "الجنة الأوروبية"!

وفي الـ 28 من شباط/فبراير، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، إنه وقّع طلباً رسمياً بشأن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وطلب زيلنسكي من الاتحاد الأوروبي السماح لأوكرانيا بالحصول على العضوية "على الفور، بموجب إجراء خاص، لأنها تدافع عن نفسها في مواجهة تدخل القوات الروسية".

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.

اخترنا لك