"فورين أفيرز": كيف تعيد الحرب في أوكرانيا تشكيل أوروبا؟

الاحتمال المفاجئ، الذي تكشفه الحرب في أوكرانيا، كما أوضحت مجلّة "فورين أفيرز" الأميركية، أنّ الاتحاد الأوروبي سيتحرك كامبراطورية ما بعد الحرب، الأمر الذي يستدعي تغييراً كبيراً في أوروبا. كيف سيحدث ذلك؟

  • المقال لفت إلى طريقة عمل الاتحاد الأوروبي مع القرارات الحاسمة من حيث حق نقض الأعضاء لها.
    المقال لفت إلى طريقة عمل الاتحاد الأوروبي مع القرارات الحاسمة من حيث حق نقض الأعضاء لها

قالت مجلّة "فورين أفيرز" الأميركية، في مقالٍ نشرته تحت عنوان "إمبراطورية ما بعد الحرب.. كيف تعيد الحرب في أوكرانيا تشكيل أوروبا"، إنّ الحرب في أوكرانيا تجعل من الضروري أن يتحرك الاتحاد الأوروبي كـ"إمبراطورية ما بعد الحرب"، ضمن شراكة استراتيجية مع "إمبراطورية أميركية لما بعد الحرب"

ونظرت المجلّة إلى الحرب في أوكرانيا كدافعٍ إلى التغيير في أوروبا، سعياً لمنع عودة "الإمبراطورية الروسية"، وتقييد "الإمبراطورية الصينية" الصاعدة، بحسب الصحيفة. 

وأشار مقال المجلّة إلى أنّ الحرب الأوكرانية الأخيرة فتحت الباب أمام "أوروبا ما بعد الإمبراطورية"؛ أي أوروبا التي لم يعد لديها أي إمبراطوريات يهيمن عليها شعب واحد أو أمة واحدة، وذلك سواءٌ على الأرض أو عبر البحار، وهو الوضع الذي لم تشهده القارة من قبل.

وذكر المقال أنّه "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يستعيد بعض خصائص الإمبراطورية، من أجل الوقوف في وجه روسيا، كما يجب أن يتمتع بدرجةٍ كافيةٍ من الوحدة والسلطة المركزية وصنع القرار الفعّال للدفاع عن المصالح والقيم المشتركة للأوروبيين".

ولفت إلى طريقة عمل الاتحاد مع القرارات الحاسمة، فإذا كان لكل دولةٍ عضوٍ حقُّ النقض بشأن القرارات الحيوية، فسوف يتعثر الاتحاد داخلياً وخارجياً، وبالتالي فإنه سيتدهور.

وأقرّ المقال بأنّ "الأوروبيين غير معتادين على النظر إلى أنفسهم من منظور الإمبراطورية الواحدة، لكنّ القيام بذلك يُعَدّ ضرورياً"، مؤكداً أنّ لدى الاتحاد الأوروبي نفسه ماضياً استعمارياً، إذ عَدَّ "المؤسسون الأصليون" لما سيصبح في النهاية الاتحاد الأوروبي "المستعمرات الأفريقية جزءاً لا يتجزأ من المشروع الأوروبي، حتى مع تحمّل الدول الأوروبية، في كثير من الأحيان، حروباً وحشية للدفاع عن مستعمراتها".

أوروبا بين ضرورة "الإمبراطورية" والاعتماد الأمني على الولايات المتحدة

لكنّ المجلّة أشارت، من ناحيةٍ أخرى، إلى أنّ أوروبا ما بعد الحرب، أو "الإمبراطوروية الأوروبية ما بعد الحرب"، كما سمّتها، لا  تزال تعتمد في أمنها على الولايات المتحدة. 

ويجدر التذكير كثيراً بأحاديث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتس، عن الحاجة إلى السيادة الأوروبية، لكن عندما تعلق الأمر بالدعم العسكري لأوكرانيا، فإن شولتس لم يكن مستعداً لإرسال فئة واحدة من الأسلحة الرئيسة، وهي المركبات القتالية المدرعة والدبابات، ما لم تفعل الولايات المتحدة ذلك.

وقالت المجلّة إنّها "نسخة غريبة عن السيادة، إذ حفّزت الحرب أيضاً، بصورة مؤكَّدة، التفكير والعمل الأوروبيين بشأن الدفاع، بحيث التزم شولتز زيادةً مستمرة في الإنفاق الدفاعي الألماني والاستعداد العسكري، فأخذُ ألمانيا البُعدَ العسكري للسلطة على محمل الجِدّ، مرة أخرى، لن يكون حقيقةً صغيرةً في التاريخ الأوروبي الحديث".

اقرأ أيضاً: "أوروبا التي تحدث عنها ماكرون لم تعد موجودة".. لماذا؟

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ بولندا تخطّط بناءَ أكبر جيش داخل الاتحاد الأوروبي، كما ستكون لأوكرانيا، "إن خرجت من الحرب منتصرة"، أكبر القوات المسلحة وأكثرها تشدداً في القتال في أوروبا. 

وأوضحت المجلّة أنّ الاتحاد الأوروبي لديه أيضاً "بدايات متواضعة جداً" للبُعد العسكري، الذي ينتمي تقليدياً إلى القوة الإمبراطورية، وأنّه إذا حدث هذا كله، "فيجب أن تزداد الدعامة الأوروبية للتحالف عبر الأطلسي بصورة ملحوظة".

وأكدت أنّ من المحتمل أيضاً تحرير مزيد من الموارد العسكرية الأميركية لمواجهة "التهديد القادم من الصين"، في المحيطين الهندي والهادئ، لكن لا يزال من غير المرجح أن تكون أوروبا قادرة على الدفاع عن نفسها بمفردها ضد أي تهديد خارجي كبير.

وأوردت المجلّة تعبير "إمبراطورية الدعوة" للمؤرخ النرويجي، غير لوندستاد، والذي يعني به ما تمتلكه الولايات المتحدة داخل حلف الناتو، على الرغم من أنّ "الهوية التأسيسية الخاصة بها هي تلك الخاصة بالقوة المناهضة للاستعمار".

واقتبس لوندستاد، في شرح استخدامه كلمة "إمبراطورية"، حجّة مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، زبيغنيو بريجنسكي، وفحواها أنّ "الإمبراطورية يمكن أن تكون مصطلحاً وصفياً وليس معيارياً"، فهذه الإمبراطورية الأميركية المناهضة للإمبراطورية هي أكثر هيمنة من الإمبراطورية الأوروبية، لكنّها أقل مما كانت عليه في الماضي.

وتمّ استحضار ما قاله الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مراراً وتكراراً، وبعده شولتس أيضاً، ومفاده أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع ببساطة إخبار الدول الأعضاء الأخرى في الناتو بما يجب القيام به. لذلك، فإنّ هذا التحالف لديه أيضاً ادعاء موثوق به بأنّه "إمبراطورية بالموافقة".

اقرأ أيضاً: "فورين أفيرز": لماذا لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى أوروبا؟ 

اخترنا لك