"تعلّمت الاستغناء عن فرنسا".. تقرير يكشف مجالات تحرّك مالي بعيداً عن باريس
صحيفة "لاكروا" الفرنسية تتحدّث عن استغناء الماليين عن فرنسا بعد مرور عام على انسحاب قوة برخان، إذ استطاعت دول أخرى ملء الفراغ الفرنسي في البلاد.
ذكرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، في تقرير، أنّ مالي "تعلّمت الاستغناء عن فرنسا بعد مرور عام على انسحاب قوة برخان".
وأضافت أنّه "بعد مرور هذا الوقت، لا يبدو أنّ الماليين بغالبيتهم نادمون على عواقب القطيعة الدبلوماسية بين باريس وباماكو".
وتابعت أنّ "الوضع الأمني لم يتغير بشكل جذري خلال عام واحد"، إذ إنّ "عمليات الاختطاف والاغتيالات المستهدفة التي كانت تحدث بالفعل في عهد عملية برخان لا تزال مستمرة"، أمّا "على المستوى الاقتصادي، فالوضع حرج".
وفي منطقة تمبكتو، التي تخضع لحصار إرهابي منذ عدة أسابيع، فإنّ وضعها "ليس أفضل"، بحسب الصحيفة، لكن "لم يعد غياب فرنسا موضوعاً في المدينة".
بدوره، يقول أحمد، أحد العاملين في المجال الإنساني، لــ"لاكروا": "لقد تعلمنا الاستغناء عن فرنسا"، فيما تواصل المنظمات غير الحكومية التي استفادت من الدعم الفرنسي أنشطتها بتمويل آخر من الدول الغربية.
كذلك، فإنّ الآراء بشأن رحيل فرنسا في بقية البلاد أكثر حسماً، إذ يؤكد مصدر مقرب من السلطات الانتقالية لــ"لاكروا" أنّ "السلطات أثبتت أنّه من الممكن أن نقول لا لفرنسا ونبقى واقفين، الأمر الذي دنّس إلى حد ما صورة القوة الاستعمارية السابقة في عيون الماليين".
كذلك، يعترف مسؤولو الممثلية الفرنسية في باماكو أيضاً، بأنّ تعليق إصدار التأشيرات من قبل باريس "له تأثير محدود"، كما أنّ "إنهاء خدمات الخطوط الجوية الفرنسية إلى باماكو يُفيد شركات أخرى مثل الخطوط الملكية المغربية أو الخطوط الجوية التركية".
ويلخّص أحد المحللين الماليين أنّ "التصور العام لدى الماليين عن القوة الاستعمارية السابقة يعود إلى فشل تدخلها العسكري ومواقفها الأبوية".
كما يؤكد مصدر مقرب من السلطات أنّ "مالي تشتري معدات عسكرية من روسيا وتركيا، والصين تبني جسراً كبيراً وجامعة كبيرة في البلاد، في حين أنّ جميع زعماء هذه الدول لا يتدخلون في سياسة البلاد الداخلية. هم يحترموننا، خلافاً لفرنسا".
وتدهورت العلاقات بين المجلس العسكري الحاكم في باماكو وباريس في صورة حادّة، خلال العام المنصرم، ولا سيّما منذ وصول القوّات شبه العسكريّة من مجموعة "فاغنر" الروسيّة إلى مالي، الأمر الذي دفع البلدين إلى قطيعة بعد 9 أعوام من الوجود العسكري الفرنسي المتواصل.
وكانت عملية "برخان"، وهي أكبر عملية خارجية فرنسية حالياً، قد حشدت ما يصل إلى 5500 رجل على الأرض في العام 2020، ثم بدأت تتقلّص بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي خطط لتقليص هذا العدد إلى 2500 أو 3000 بحلول العام 2023.
لكن في شباط/فبراير 2022، قرّرت باريس الانسحاب العسكري الكامل من مالي، في سياق أمني متدهور وأزمة دبلوماسية بين باريس وباماكو، بحيث تولى مجلس عسكري السلطة.
وفي آب/أغسطس 2022، أعلنت قيادة أركان الجيوش الفرنسية، انسحاب مَن تبقّى من الجنود الفرنسيين الموجودين في مالي، ضمن "عملية برخان"، استجابةً لطلب مالي.
يأتي ذلك فيما تشهد فرنسا، في الآونة الأخيرة، صحوة أفريقية على ما كان يجري داخلها من استعباد وتجارة بالبشر وقهر ومعاناة وجوع واقتتال داخلي وتعرض المرأة الأفريقية لانتهاكات جسدية وجنسية، بسبب الاستعمار الفرنسي، وذلك مع تولي مجالس عسكرية السلطة في النيجر والغابون رفضاً للرؤساء السابقين الذين يكرّسون الوجود الفرنسي في بلدانهم.