الهند.. صياغة الموقف الحذر مما يجري في أوكرانيا
منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية ضد توسع الناتو شرقاً، انتظر العالم مواقف القوى الكبرى في العالم، ومنها الهند.
تدرس الهند خطواتها وتصريحاتها بشأن الأزمة في أوكرانيا منذ بدايتها، وتحاول موازنة علاقاتها مع موسكو والغرب.
وقد جاءت أبرز مواقف الهند من العملية العسكرية الروسية التي بدأت في 24 شباط/فبراير خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي، عندما أعرب مندوب الهند عن أسفه لعدم الاستجابة لدعوات المجتمع الدولي إلى منح الدبلوماسية والحوار فرصة، من دون توجيه الاتهامات إلى أيٍ من الدول التي تعد طرفاً في الأزمة.
ولم تقم نيودلهي بالتصويت على مشروع قرار للأمم المتحدة لإدانة العملية العسكرية الروسية في دونباس.
يجمع الهند وروسيا عدد من اتفاقيات الشراكة، فقد وقع البلدان في العام 2000 إعلاناً بشأن "الشراكة الاستراتيجية بين الهند وروسيا"، واكتسبت العلاقات الهندية الروسية مذاك طابعاً نوعياً جديداً مع تعزيز مستويات التعاون في عدد كبير من مجالات العلاقة الثنائية، بما في ذلك السياسة والأمن والدفاع والتجارة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة، فضلاً عن التعاون في الفضاء الخارجي والنشاط النووي السلمي.
العلاقات الدفاعية بين الهند وروسيا
تعد روسيا أكبر مورد للأسلحة إلى الهند، على الرغم من تراجع حصتها من 70% إلى 49%، بسبب قرار الهند تنويع مصادرها وتعزيز التصنيع الدفاعي المحلي.
وتزودها روسيا بمعدات مثل نظام الدفاع الصاروخي "S-400". ومن بين العقود العسكرية الأخرى للبلدين بيع 4 فرقاطات عسكرية روسية ودفعة كبيرة من أنظمة "إيغلا" الصاروخية للهند.
تشير معلومات نشرتها وكالة "نوفوستي" الروسية إلى أن القوات البحرية الهندية مزودة بمعدات عسكرية روسية الصنع بمقدار 80%، والقوات الجوية الهندية مزودة بنحو 70% من السلاح الروسي، إضافة إلى أن روسيا قامت أثناء فترة التعاون العسكري الفني بين البلدين بتوريد معدات عسكرية إلى الهند بقيمة تزيد على 65 مليار دولار.
خلال شهر كانون الأول/ديسمبر، زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهند، والتقى نظيره الهندي ناريندرا مودي، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات، مع التركيز على التعاون العسكري والتقني العسكري، والتعاون في الساحات الدولية.
وذكر البيان الروسي الهندي الصادر عن قمّة بوتين - مودي في حينها أن "التعاون العسكري والتقني العسكري بين روسيا والهند يمثل الحجر الأساس للشراكة الاستراتيجية المميزة"، وجدد الطرفان عزمهما على تعزيز التعاون الدفاعي بين الدولتين، بما في ذلك مجال تصميم المعدات العسكرية وتصنيعها.
العلاقات الاقتصادية
تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الهند وروسيا يعد أولوية رئيسية، كما يتضح من أهداف البلدين المتمثلة بزيادة الاستثمار الثنائي إلى 50 مليار دولار، وزيادة التجارة الثنائية إلى 30 مليار دولار بحلول العام 2025.
ووفقاً للهند، بلغت التجارة الثنائية بين نيودلهي وموسكو خلال نيسان/أبريل 2020 وآذار/مارس 2021 ما قيمته 8.1 مليار دولار أميركي. كما بلغت الصادرات الهندية 2.6 مليار دولار، بينما بلغت الواردات من روسيا 5.48 مليار دولار.
وفي الفترة نفسها، وبحسب الأرقام الروسية، بلغت التجارة الثنائية 9.31 مليار دولار، إذ بلغت الصادرات الهندية 3.48 مليار دولار، فيما بلغت الواردات 5.83 مليار دولار.
ووفقاً لموقع السفارة الهندية في روسيا، تم وضع عدد من الآليات المؤسسية لتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتعد المؤسسة الأساسية على المستوى الحكومي هي لجنة الهند الروسية الحكومية للتجارة والتعاون الاقتصادي والعلمي والثقافي.
وبحسب السفارة، وخلال زيارة بوتين للهند في أواخر العام 2021، تم عقد القمة السنوية العشرين الهندية الروسية، وتم التوقيع على 50 اتفاقية، من بينها 15 وثيقة على المستوى الحكومي و35 اتفاقية في الشؤون الاقتصادية والتجارية.
تشمل البنود الرئيسية للتصدير من الهند الآلات الكهربائية، والمستحضرات الصيدلانية، والمواد الكيميائية العضوية، والحديد والصلب، والملابس، والشاي، والقهوة، وقطع غيار السيارات.
أما البنود الرئيسية للاستيراد من روسيا، فتشمل المعدات الدفاعية، والموارد المعدنية، والأحجار الكريمة والمعادن، ومعدات الطاقة النووية، والأسمدة، والآلات الكهربائية، ومصنوعات الصلب، والمواد الكيميائية غير العضوية.
وتتمثل الاستثمارات الثنائية الرئيسية لروسيا في الهند بالنفط والغاز والبتروكيماويات، وقطاعات البنوك، والسكك الحديدية والصلب، في حين تتركز الاستثمارات الهندية في روسيا بشكل رئيسي على قطاعات النفط والغاز والألماس والأدوية.
ما موقف للهند مما يجري في أوكرانيا؟
قالت صحيفة "Mint" الهندية، التي تُعنى بالأخبار المالية والاقتصادية، إن "الهند تعتزم اتخاذ مجموعة من الخطوات في المستقبل القريب، لتصبح من أكبر مصدري القمح في العالم".
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الحكومة الهندية قولها إن الهند "ترغب في استغلال الوضع السائد في سوق القمح العالمية، والاستفادة من التنافس الشديد بين المستوردين، بالتزامن مع اندلاع النزاع العسكري بين روسيا وأوكرانيا؛ أكبر مصدري القمح في العالم".
وبالتزامن مع فرض دول أوروبية والولايات المتحدة عقوبات على الاقتصاد الروسي، وإعلان شركات غربية في روسيا تعليق أنشطتها أو الخروج من السوق الروسية، أبدت الهند استعداد شركاتها لتحل محل الشركات المصنعة الغربية التي تغادر روسيا، بما في ذلك شركات الأدوية.
وقد اشترت مؤسسة النفط الهندية الحكومية 3 ملايين برميل من النفط الخام من روسيا لتأمين احتياجاتها من الطاقة.
وذكرت تقارير إعلامية هندية أن روسيا تقدم خصماً على مشتريات النفط بنسبة 20% أقل من الأسعار القياسية العالمية.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إنديا" إن "الجانب الروسي سيتولى عملية تسليم النفط للهند والتأمين على هذه الصفقة، بشكل يسمح للمستوردين الهنود بتجاوز العقوبات ضد روسيا".
وأضافت الصحيفة أن "تنفيذ الاتفاق سيعني أن الهند لن تغلق الأبواب أمام التجارة مع حليفها القديم روسيا".