الصراع الطبقي في الولايات المتحدة الأميركية.. كيف اتّسعت الهوة؟

تتسع الهوة بين الطبقة السياسية والشعب في الولايات المتحدة الأميركية، لتدخل الحرب الطبقيّة في صلب النقاش داخل الولايات المتّحدة، فكيف تتفاعل الطبقيّة المجتمعية في أميركا مع أولويّات المواطن الأميركي؟

  • الصراع الطبقي في الولايات المتحدة الأميركية آخذ في التعمّق، ومظاهره أصبحت أكثر وضوحاً وتأثيراً.
    الصراع الطبقي في الولايات المتحدة الأميركية آخذ في التعمّق، ومظاهره أصبحت أكثر وضوحاً وتأثيراً.

يبدو أنّنا أمام نظامٍ طبقيٍّ في الولايات المتحدة الأميركية، وانحرافٍ سياسيٍّ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تجاه أولويات المواطنين الأميركيين، وهذا ما تُظهره الوقائع والاستطلاعات. 

ذكر موقع "UnHerd" البريطاني أنّ كافّة القضايا المتعلّقة بالعرق والتغيّر المناخي وغيرها، لها الحصّة الأكبر في أداء الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، وأنّ ذلك على حساب تقوية الاقتصاد، مثل خفض تكلفة الرعاية الصحية وتقليص حجم النفوذ المالي في السياسة. 

أشار استطلاعٍ أُجري عام 2021 من قبَل مجلس "شيكاغو للشؤون العالمية" الأميركي، والذي سأل عن المستفيد من السياسة الخارجية الأميركية، أجاب 92% من المستطلَعين أنّ المستفيدين هم الشركات الكبرى.

ويجري اختيار المشاركين في الانتخابات التمهيدية للأحزاب، على قاعدة الأكثر تعليماً وثراءً من الناخب العادي، فهؤلاء في العادة يميلون إلى أن يكونوا أكثر ليبراليةً في القضايا الاجتماعية، بالإضافة الى أنّ تأثير المانحين الكبار في كلا الحزبين يزيد من انحراف السياسة عن المخاوف البراغماتية للغالبية من الطبقة العاملة في أميركا.

ويختصر استخدام القضايا الثقافية والاجتماعية لصرف الانتباه عن الموضوعات الاقتصادية، الانقسام الحاصل في المجتمع الأميركي إلى فئاتٍ وطبقات. 

ووفق صحيفة "نيوز ويك" الأميركية، فإنّ الولايات المتحدة تواجه صراعاً طبقياً يكشف المعركة الحقيقية الحاصلة، ففي الماضي كانت المؤسسات وفق النظام تمكّن الطبقة العاملة، لكنّ السلطة انتقلت اليوم إلى المؤسسات التي تسيطر عليها الطبقة العليا، وهي الشركات والفروع التنفيذية والقضائية والجامعات ووسائل الإعلام.

اقرأ أيضاً: "سي أن أن": معضلة أميركا الكبرى في انقسام حزبيها لا في مصارفها

تغيرات حادة طرأت على المجتمع الأميركي

أوضح محلّل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبّود، أنّ النظام الأميركي يُتيح المجال السياسي لأولئك المتموّلين الذين يستطيعون تمويل حملات انتخابية، وبالتالي هو يصبح مديناً لهم، وبالنتيجة يعبّر عن مصالحهم أكثر مما يعبّر عن مصالح الطبقات المتدنيّة.

ولفت محلل الميادين إلى أنّ المجتمع الأميركي بغالبيته الساحقة هو من الطبقة الوسطى وما دون الوسطى، وأنّ ممثلي هاتين الطبقتين هم عدد قليل في الكونغرس وغيرها من المؤسسات الأميركية، مقارنةً بممثلين فعليين عن المؤسسات العامة والمالية.

وأشار عبّود إلى وجود غياب شبه واضح بالنسبة للطبقيّة والنقابية في الولايات المتّحدة، فالنقابات ضعيفة في الولايات المتّحدة، وحتى الحركات المناوئة للحروب أيضاً ضعيفة، هناك الحركات الخضر المناصرين للبيئة وغيرها، لكن بالنسبة للسياسة الخارجية هناك نوع من التغييب الفعلي على هذا المستوى.

ونبّه محلل الميادين إلى أنّ المجتمع الأميركي يجد في نفسه مصلحةً إلى حدٍّ بعيد في النفوذ العالمي والإمبريالية الأميركية بشكل عام، وبالتالي تأثيره على السياسة الخارجية يبقى ضعيفاً إلى حدٍّ بعيد.

وقال عبّود إنّ "أهم التحوّلات التي طرأت على المجتمع الأميركي، هو ما حصل بعد كورونا من غلبة التكنولوجيا العالية، هناك فقر حصل على مستوى الطبقات الوسطى، حيث ضعفَت قدرتهم الشرائية".

وأوضح محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية، قاسم عز الدين، أنّ الولايات المتّحدة، وخاصّةً اليسار التقدّمي والشباب فيها، بدأت بإثارة موضوع الحرب الطبقيّة، وأنّ الكثير يتناولها من زوايا مختلفة، كما يتم تناول التفاوت الاجتماعي هناك، لأسباب متعددة الكل يشرحها على طريقته.

وأكّد عز الدين أنّ الأولوية في بلادنا وفي عالم الجنوب، هي التحرر من الاستعمار المباشر وغير المباشر، والهدف الأساس من هذه الأولوية هو التحرر من الاستعمار في سبيل التحرر الاقتصادي والتحرر السياسي والتحرر الثقافي، وبالتالي التحرر من أتباع الاستعمار المباشر الذين يخوضون صراع طبقي أيضاً لمصلحتهم بالصلة وبالتبعية للولايات المتّحدة اليوم بشكل خاص والامبريالية الأميركية بشكل أخص.

وتحدّث ناصر اللحّام، محلل الشؤون الاقليمية والفلسطينية، بأنّنا نشهد تغيّرات كونيّة كبيرة، كنّا نتحدّث عن نظرية المركز والمحيط، أميركا مركز العالم وباقي دول العالم محيطها، اليوم العالم متعدد الأقطاب، اليوم نتعامل مع العالم الافتراضي، والاقتصاد الرقمي، واليوم دولة المدينة، مثل قطر، يمكن أن يكون لها تأثير على قارّة. 

وأضاف أنّ العالم العربي أمام فرصة، للتطوّر العلمي والحضارة وخصوصاً في المجال الرقمي، وأنّ هذه الفرصة قد لا تتكرر، ويجب أن يتم استغلالها.

اقرأ أيضاً: اتساع الشرخ بين الطبقة السياسية والشعب في الولايات المتحدة.. من الذي يحكم؟

اخترنا لك