السياسة الخارجية لأنقرة بعد الانتخابات: ما هي المسارات؟
فوز المعارضة في الانتخابات التركية قد يغيّر السياسة الخارجية لأنقرة، لتعود إلى تحالفاتها السابقة مع الغرب، وتبتعد عن تحالفات إردوغان التي رسمها مؤخراً مع روسيا.
تتجه أنظار العالم اليوم إلى الانتخابات التركية ونتائجها، التي قد تغير سياسة أنقرة الخارجية، وما إذا كانت سترتكز في أحضان الغرب وحلفائها في "الناتو"، أم ستبقى في مسار التحالفات الذي رسمته في الفترة الأخيرة، خصوصاً مع روسيا.
وتناولت مجلة "فوربز" هذا الأمر، وقالت إنّ المنافسة ستؤثر "بشكل عميق" في مستقبل الأمة التركية، بما في ذلك "سياستها الخارجية".
ورأت أنّه لا يزال مدى التغيير في السياسة الخارجية التركية في ظل القيادة المرتقبة بعد الانتخابات في أنقرة "غير مؤكد"، ولفهم المسار المحتمل لتركيا، يجب على المرء تحليل ما "سيبقى كما هو، وما قد يتغير في تركيا ما بعد إردوغان".
واليوم، بالنسبة إلى أنقرة، تعد واشنطن وموسكو أهم العواصم، بينما تحتل لندن المرتبة الثالثة، في حين أن الدول الأوروبية متخلفة في الأهمية. ومن غير المرجح أن يتغير هذا التسلسل الهرمي، بغض النظر عمن يحكم تركيا، بحسب "فوربز".
اقرأ أيضاً: نائب تركي للميادين: بايدن يقدّم دعمه لخصوم إردوغان في الانتخابات
هل تتأثر العلاقات التركية -الروسية في حال فازت المعارضة؟
رأت "رويترز"، أنّه بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات التركية هذا الشهر، من المتوقع أن تحافظ أنقرة على علاقات ودية مع روسيا.
وأشارت إلى أنّ ما دفع الرئيس رجب طيب إردوغان إلى إصلاح العلاقات المتوترة مع دول مثل الإمارات والسعودية، والكيان الإسرائيلي المحتل، على الرغم من أنّه كان قد انتقدها بشدة في السابق، هو الوضع الاقتصادي.
بدوره، قال فاتح جيلان، رئيس مركز أنقرة للسياسات، وهو مؤسسة فكرية مقرها العاصمة التركية، إنّ تعزيز العلاقات مع عدد من الدول كان "بدافع الضرورة، وليست خياراً متعمداً".
وأضاف أنّ تركيا لا تستطيع تنحية روسيا جانباً، لأنّها "جارة قوية ولدينا بعض العلاقات الاقتصادية والتجارية القوية التي ترتبط مباشرة بمصالحنا الوطنية".
وأجرت تركيا عملية توازن دبلوماسي منذ الحرب في أوكرانيا، إذ رفضت أنقرة الانضمام إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
وشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع إردوغان، في حفل افتتاح أول محطة للطاقة النووية في تركيا الشهر الماضي، بنته شركة الطاقة النووية الروسية الحكومية "روساتوم". ووصفه بوتين بأنه مشروع رئيسي ساعد في "تعزيز الشراكة متعددة الأوجه بين تركيا وروسيا".
من ناحية أخرى، تخشى موسكو أنه في حال فوز المعارضة، أن تعمل أنقرة على تخفيض اعتمادها على روسيا بالطاقة من 50% إلى 30%، لكن هذا ليس محسوماً لأن تكتل المعارضة أكد أنّه سيعطي الأولوية للدبلوماسية، ويتخلى عن أسلوب المواجهة الذي ميز السياسة الخارجية التركية في العقد الماضي.
في سياق متصل، ذكرت "فوربز" أنّه لتحليل السياسة الخارجية التركية يجب اتباع معايير محددة أبرزها: "المعايير المركزية التي تشكّل السياسة، والجهات الفاعلة المهيمنة في السياسة الخارجية".
المعايير المركزية التي تشكّل السياسة التركية
ويمكن تقسيم المعايير المركزية التي تشكّل السياسة إلى ثلاثة: الحتمية الجيوسياسية، الضرورة الاستراتيجية، وضرورة بقاء النظام، بحسب المجلة.
وأوضحت في حديثها عن الحتمية الجيوسياسية، أنّ الإقليم شهد تغييرات أبرزها الاحتلال الأميركي للعراق، وتطور العلاقات الأميركية التركية، ما دفع بأنقرة إلى إعادة تقييم علاقتها مع الغرب، وبالتحديد اعتمادها عليه في الشؤون الخارجية.
أما في "الضرورة الاستراتيجية"، فشرحت "فوربز"، أنّ "أنقرة ترى أنّ التنافس بين القوى الخارجية، الذي نتج منه تغير العالم من أحادي النظام إلى متعدد الأقطاب، يمكن أن يساعدها في رسم سياسة خارجية مستقلة عن الكتلة الغربية".
وبالنسبة إلى "ضرورة بقاء النظام"، فإن فوز المعارضة يعني تغير الحكومة، وبالتالي إنهاء النظام الحالي. وفي هذه الحال، لن تكون حكومة المعارضة مقيدة للغاية، وستشعر بدعم العالم الغربي.
من جهته، رأى موقع "ميدل إيست آي"، أنّ "رغبة كليجدار أوغلو الجامحة بإرضاء واشنطن والاتحاد الأوروبي والناتو، لا تبشر بخير بالنسبة إلى المنطقة".
وقال أونال جيفيكوز، كبير مستشاري كليجدار أوغلو للشؤون الخارجية، إن الحكومة التي سيقودها الأخير ستكون مصممة على تطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
وأضاف الموقع أنّ "المعارضة ستعطي الأولوية للحوار ونهج عدم التدخل، وستكون وسيطاً نزيهاً في أماكن مثل ليبيا من خلال التحدث إلى جميع الأطراف"، بحسب تعبيره.
اقرأ أيضاً: "بلومبرغ": الانتخابات التركية لن تحقق أحلام الغرب
الجهات الفاعلة المهيمنة في السياسة الخارجية التركية
تلعب الرئاسة والجهاز الأمني، الدور الأكثر أهمية في رسم السياسة الخارجية. وبحسب "فوربز"، فإنّ "للرئاسة الكلمة الأخيرة في جميع مسائل السياسة الخارجية، ويلعب الجهاز الأمني دوراً رئيسياً في تشكيل السياسات الإقليمية لتركيا".
وعلى الرغم من أنّ الرئاسة ستتغير في حال انتصار المعارضة، فإن "الوكالة الأمنية القوية والجهات الفاعلة داخلها ستستمر في السيطرة والتأثير في قرارات السياسة الخارجية، ما يضمن الاستمرارية في السياسة الخارجية التركية".
كذلك، يشكّل العامل الكردي أيضاً، عاملاً مهماً في تشكيل العلاقات الدولية لتركيا.
ورأت "فوربز" أنّ فوز المعارضة بالسلطة بدعم من الحركة الكردية المهيمنة، يعني أنّ التحسن المحتمل في العلاقات مع كرد تركيا، قد يدفع المعارضة إلى معالجة القضية الكردية المحلية، ما سيؤثر في سياسات تركيا الإقليمية والدولية.