الخلاف العلني مع نتنياهو.. بايدن يلعب على الحبال لمواجهة ضغوطات الداخل والخارج

انتقادات الرئيس الأميركي جو بايدن، لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، على إثر استئناف العدوان على غزّة بعد الهدنة، ليست إلا لعباً على الحبال تمارسها الإدارة الأميركية لمواجهة الضغوط الداخلية والخارجية.

  • انتقاد نتنياهو بشأن العدوان على غزّة.. تكتيك بايدن الحالي لمواجهة الضغوطات الداخلية والخارجية
    لقاء بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في "تل أبيب" في 18 تشرين الأول/ أكتوبر ( أ ف ب)

ظهرت مؤشّرات الخلاف بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي منذ استئناف العدوان على غزة، بعد هدنةٍ دامت أسبوعاً واحداً. 

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، يبدو أنّ هذا الدعم الأميركي القوي للاحتلال تراجع اليوم، إذ تمثل تعليقات الرئيس الأميركي، جو بايدن "أكبر تغيير حتى الآن في اللغة" التي استخدمتها واشنطن في ما يتعلق بـ"إسرائيل"، منذ بدء الحرب. 

وذكرت الصحيفة أنّ حكومة الاحتلال تواجه إدانات متزايدة من جميع أنحاء العالم، لكن، حتى اليوم، كان المسؤولون الأميركيون "هم الاستثناء"، ولم يدينوها. 

وبحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية فقد جاء انتقاد بايدن الحاد لنتنياهو، في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس الأميركي، بدوره، انتقاداتٍ متزايدة بشأن موقفه من العدوان الإسرائيلي على غزّة، قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية. 

بايدن في مواجهة الضغوط

وبشأن وضع بايدن، بيّن مراسل الميادين في الولايات المتحدة، محمد كريم، أنّ الرئيس يعاني من ضغوط متنامية داخل البلاد وخارجها.

وفي الداخل ترتفع أصوات من الحزب الديمقراطي مطالبة بتعديل الإدارة الأميركية مسارها المتعلق بالحرب على غزة، ودعمها المطلق واللامحدود لـ "إسرائيل".

 أما في الخارج، فقد تزايدت الضغوط  بعد "الفيتو" الأميركي الأخير في مجلس الأمن الدولي وحول مشروع القرار الخاص بوقف إطلاق النار في غزة. 

ولفت كريم أيضاً إلى أنّ انتقاد بايدن يأتي بعد فشل الأهداف المعلَنة في الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ لم تحقق أيّ من هذه الأهداف وعلى رأسها "القضاء على حركة حماس"، مشيراً إلى أنّ بايدن يحمّل نتنياهو مسؤولية هذا الفشل. 

خلاف تكتيكي أم خلاف استراتيجي؟ 

من جهته، أكّد محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحام، أنّ الخلاف بين بايدن ونتنياهو هو خلاف تكتيكي كما هو خلاف استراتيجي أيضاً.

وأوضح أنّ بايدن يسعى لاستعادة الأصوات المسلمة والعربية والآسيوية داخل الولايات المتّحدة  بعد نتائج استطلاعات رأي أظهرت تراجع تأييده.  أمّا على المستوى الإستراتيجي فالخلاف حاد بين اليمين الإسرائيلي وبين الحزب الديمقراطي. 

من جهته، لفت محلل الميادين للشؤون العربية والإسلامية، قتيبة الصالح، إلى أنّ هذه الانتقادات الأميركية العلنية ربّما تعبّر عن تغيير في اللهجة وهو تكتيكي في المرحلة الحالية، يتعلق باختراق الحسابات بين الجانبين إلى حد كبير، ولكن ليس ابتعاداً عن الشراكة في العدوان.

وأشار إلى أنّ الطريقة التي تعاطت بها حكومة نتنياهو في العدوان شكّلت نوعاً من الحرج للإدارة الأميركية، ولا سيّما على الصعيد الدولي. 

بايدن.. لعب على الحبال 

بشأن السؤال عمّن يمتلك قرار وقف الحرب في غزّة، أجاب اللحام أنّ  كل طرف يعتقد أنه هو، مبيناً أنّ هناك تناقضاً كبيراً جداً ما بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة لكل من بايدن ونتنياهو. 

بدوره، كشف الصالح أنّ بعض التقارير الإعلامية ترى أنّ الولايات المتحدة قادرة على الضغط من أجل وقف الحرب من خلال وقف توريد الدعم العسكري لـ "إسرائيل"، بينما على النقيض من ذلك، أشارت تقارير أخرى إلى أنّ واشنطن لا تنوي فرض شروط على توريد الأسلحة إلى كيان الاحتلال، وبالتالي فإنّها تعمد إلى عملية مزج بين الأمرين. 

وبشأن هذه الازدواجية الأميركية، قال كريم إنّ بايدن، وعلى عكس خطابه أمام اليهود في بلاده الذي ركّز فيه على أنّ الولايات المتحدة "أهم دولة ضامنة لأمن إسرائيل"، فإنّ الرئيس الأميركي يحاول التسويق أمام الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية أنّه يرسل المساعدات إلى غزّة، وأنّ واشنطن لا تزال على خط المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار. 

وقبل أيام، ذكرت وكالة "رويترز" أنّ تصريحات بايدن هي "تناقُض صارخ" بعد "احتضانه، حرفياً وسياسياً" لنتنياهو بعد أيام من هجوم ـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

من جانبها، أكدت وكالة "بلومبرغ" الأميركية أنّ "الانقسامات بين بايدن ونتنياهو امتدّت إلى الرأي العام"

وفي ظل استمرار الخلاف أكد اللواء في احتياط "جيش" الاحتلال، ورئيس "أمان" سابقاً، أهارون فركش، أنّ "إسرائيل لا تستطيع الاستمرار وتحقيق أهدافها في غزة من دون دعم الولايات المتحدة، عسكرياً وسياسياً واستراتيجياً". 

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك