الأخبار الكاذبة في فيسبوك ساهمت بتأجيج أزمة المهاجرين بين بيلاروسيا وبولندا

صحيفة "نيويورك تايمز" تنشر مقالاً حول تأثير الأخبار الكاذبة التي تنشر في فيسبوك حول الأزمة بين بيلاروسيا وبولندا، وكيف استغلها المهربون وبعض الشركات لسرقة أحلام المهاجرين.

  • منصات وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم كسوق واقعي للتهريب إلى الاتحاد الأوروبي (أ ف ب)
    منصات وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم كسوق واقعي للتهريب إلى الاتحاد الأوروبي (أ ف ب)

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن وسائل التواصل الاجتماعي فاقمت أزمة المهاجرين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، وساعدت المهربين على جني الأموال من الأشخاص اليائسين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.

وعرض مقال الصحيفة المنشور اليوم الثلاثاء روايات من بعض المهاجرين وكيف ساهمت المعلومات التي وصلتهم من "فايسبوك" تحديداً في تضليلهم، ومن هذه الشهادات المهاجر محمد فرج الذي قال "بعد أكثر من أسبوع من النوم في مخيم بارد على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، استسلمت هذا الشهر، وعدت إلى فندق في مينسك؛ عاصمة بيلاروسيا".

وبعد فترة وجيزة، وفقاً للمقال، "شاهد فرج تقرير فيديو في فيسبوك يزعم أن بولندا كانت على وشك فتح حدودها، وحث كل من أراد دخول الاتحاد الأوروبي إلى التجمع في محطة وقود قرب المخيم الذي أطلق عليه المهاجرون لقب الغابة".

هرع فرج إلى المعسكر الذي غادره للتو، وسافر 190 ميلاً من مينسك إلى محطة الوقود في الوقت المناسب تماماً لفتح الحدود في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر الجاري"، مؤكداً أن "الأخبار الكاذبة في فيسبوك سكبت الطين على رؤوسنا ودمرت حياتنا".

وبحسب الصحيفة، فإن "الحدود البولندية ظلت مغلقة بإحكام، حيث قضى فرج الأيام العشرة التالية في ما وصفه بأنه فيلم رعب".

وقالت إن "فيسبوك قدم مساعدة حيوية لاستغلال المهاجرين، باعتبار ما نشرته المنصة تسريع لا يمكن التنبؤ به لآمال وأوهام الأشخاص الذين وقعوا فريسة للوعود الفارغة من المستغلين على الإنترنت"، مضيفة "البعض كانوا يقومون بذلك من أجل المال، حيث وعدوا بتهريب المهاجرين عبر الحدود مقابل رسوم باهظة"، معتبرةً أنهم "يستمتعون بالاهتمام الذي تلقوه كمؤثرين عبر الإنترنت لمشاركة المعلومات"، بينما "هناك آخرون بدوا مدفوعين برغبة حقيقية في مساعدة الأشخاص الذين يعانون"، ولفتت الصحيفة إلى أنه "لا يوجد دليل يشير إلى قيام لوكاشينكو (الزعيم البيلاروسي) بحملة منسقة لاستهداف المهاجرين بمعلومات مزيفة على الإنترنت".

"نيويورك تايمز" لفتت إلى أن هناك نشاطاً في "فيسبوك منذ تموز/ يوليو باللغتين العربية والكردية يتعلق بالهجرة إلى الاتحاد الأوروبي".

المهربون شاركوا أرقام هواتفهم وخدماتهم بشكل علني على فيسبوك

من جهتها، قالت مونيكا ريختر، رئيسة قسم الأبحاث والتحليل في شركة "Semantic Visions"، وهي شركة استخبارات تتعقب نشاط وسائل التواصل الاجتماعي المتعلق بالأزمة، إن "النشاط سجل ارتفاعاً هائلاً من بيلاروسيا"، معتبرةً أن "فيسبوك فاقم هذه الأزمة الإنسانية، قائلةً إن "هناك أشخاص الآن تم إحضارهم وتضليلهم بشكل صريح".

وقال الباحثون إن "المهربين شاركوا علانية أرقام هواتفهم، وأعلنوا خدماتهم في فيسبوك، بما في ذلك شهادات بالفيديو لأشخاص قيل إنهم وصلوا إلى ألمانيا بنجاح عبر بيلاروسيا وبولندا".

وأشارت الصحيفة إلى أن أحد المهربين أعلن في أحد المنشورات عن "رحلات يومية من مينسك إلى ألمانيا على مسافة 20 كم فقط سيراً على الأقدام". وحذر كاتب في منشور آخر يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر من أن الرحلة "ليست مناسبة للأطفال بسبب البرد".

كما قالت إن "مهرباً آخر قام برحلات إلى ألمانيا من بيلاروسيا عبر بولندا. وفي إحدى رحلاته، كتب أن الرحلة ستستغرق من 8 إلى 15 ساعة"، لكنه أضاف تحذيراً: "لا تتصل إذا كنت خائفاً".

بحسب "نيويورك تايمز"، و"استشعاراً لفرصة تجارية مربحة، بدأت شركات السفر في إقليم كردستان العراق بالإعلان في فيسبوك ومنصات أخرى عن مدى توفر التأشيرات إلى بيلاروسيا"، قائلةً إن "المهربين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لبيلاروسيا كباب خلفي سهل لأوروبا".

كذلك، خلصت "Semantic Visions" في تقرير حديث لها تم توزيعه على مسؤولي الاتحاد الأوروبي إلى أنَّ "النتائج تكشف عن مدى استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً فيسبوك، كسوق واقعي للتهريب إلى الاتحاد الأوروبي".

وقالت شركة "فيسبوك"، المعروفة الآن باسم "Meta" رسمياً، إنها "تحظر المواد التي تسهل تهريب البشر أو تروج لها، وتخصّص فرقاً لمراقبة المواد المتعلقة بالأزمة"، مضيفاً أن الشركة تعمل مع وكالات إنفاذ القانون والمنظمات غير الحكومية لمواجهة تدفق الأخبار الكاذبة المتعلقة بالهجرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن "الأحداث في بيلاروسيا كشفت، حتى بعد تعرض فيسبوك لإساءة استخدام مماثلة لخدماتها خلال أزمة الهجرة الأوروبية في العام 2015، أن الشركة لا تزال تكافح من أجل إبقاء المواد المحظورة خارج نظامها الأساسي، وخصوصاً في اللغات غير الإنكليزية".

اخترنا لك