اضطرابات حادّة في أسواق المال الغربية بعد إعلان بريطانيا عن خطة اقتصادية
تعمّقت الموجة البيعية في أركان الأسواق المالية البريطانية والعالمية، حيث غذّت خطة حكومة ليز تراس الاقتصادية المخاوف من المزيد من التشديد النقدي.
تعمّقت الموجة البيعية في أركان الأسواق المالية البريطانية والعالمية، حيث غذّت خطة حكومة ليز تراس الاقتصادية الهادفة لكبح التضخم، المخاوف من المزيد من التشديد النقدي والذي يعزّز بدوره احتمالات حدوث ركود.
وبحسب بيانات وكالة "بلومبيرغ"، انخفض الجنيه الإسترليني، مساء اليوم، بنسبة 2.75% إلى 1.095 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ عام 1985 على الأقل، فيما تراجع مؤشر بورصة الأسهم البريطانية "فوتسي 100" بنسبة 2.25% إلى 6996 نقطة، أدنى مستوياتها منذ آذار/مارس.
كما تخلّى المستثمرون عن سندات المملكة المتحدة، وسط ارتفاع في الدين الحكومي المتوقع.
وقال بول جونسون، مدير معهد الدراسات المالية لشبكة "سي أن بي سي"، إنّ الأسواق بدت "مرعوبة" من حجم "الهبات المالية"، والتي تمثّل أعلى مستوى من التخفيضات الضريبية في نصف قرن.
وبلغت عائدات السندات الحكومية البريطانية، لِأَجَل عامين، أعلى مستوى لها منذ تشرين الأوّل/أكتوبر 2007، ووصلت عائدات السندات لِأَجَل 10 سنوات إلى أعلى مستوىً لها منذ عام 2010. ويعكس ارتفاع عائدات السندات انخفاض الأسعار، حيث يرتبط كلاهما بعلاقة عكسية.
برنامج بريطانيا الاقتصادي
بدورها، أعلنت الحكومة البريطانية الجديدة، اليوم الجمعة، عن برنامج شامل للتخفيضات الضريبية وحوافز الاستثمار، حيث تسعى رئيسة الوزراء ليز تراس إلى تعزيز النمو الاقتصادي المتعثر في البلاد.
وفي حديثه إلى مجلس العموم، قال وزير المالية البريطاني، كواسي كوارتنغ، إنّ الحكومة تريد "نهجاً جديداً لعصر جديد يركّز على النمو"، وتستهدف معدل اتجاه متوسط المدى 2.5% في النمو الاقتصادي.
وتشمل الإجراءات المعلن عنها، إلغاء زيادة مخططة في ضريبة الشركات إلى 25%، وإبقائها عند 19%، وهو أدنى معدل في مجموعة العشرين، وتخفيض المعدّل الأساسي لضريبة الدخل من 20 بنساً إلى 19 بنساً.
وتتضمن الإجراءات إلغاء ضريبة 45%، المدفوعة على الدخل الذي يزيد على 150 ألف جنيه إسترليني، ورفع المعدّل الأعلى إلى 40%، إلى جانب تخفيضات كبيرة في رسوم الدمغة، وهي ضريبة تُدفع على مشتريات المنازل.
كذلك، تمّ تقديم تخفيضات ضريبية للشركات في شبكة من "مناطق الاستثمار" حول المملكة المتحدة، وإصدار قواعد تخطيط متحرّرة وتقليل العقبات التنظيمية، وإلغاء زيادة معدلات الضرائب على أنواع مختلفة من الكحوليات.
ويأتي ذلك بعد أن قال بنك إنجلترا، أمس الخميس، إنّه من المحتمل أن يكون "الاقتصاد البريطاني بالفعل في حالة ركود"، وقرّر رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس.
معنويات الأسواق المالية في أضعف مستوياتها
في الوقت نفسه، سجّل الدولار رقماً قياسياً جديداً، متجاهلاً العملات الأخرى، وارتفع مؤشره الذي يقيس قيمته مقارنة بسلّة من العملات الرئيسية الأخرى، بنسبة 1.25% إلى 112.73 نقطة. فيما تراجع اليورو إلى أضعف مستوياته منذ 2002 عند 0.973 دولار.
ووفقاً لـ"بنك أوف أميركا"، يتدافع المستثمرون نحو السيولة ويبتعدون عن كل فئات الأصول الأخرى تقريباً، حيث وصلت المعنويات في الأسواق المالية إلى أضعف مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية.
وقال المصرف، في مذكّرة أصدرها محلّلوه الاستراتيجيون، إنّ "معنويات المستثمرين هي بلا شك الأسوأ منذ أزمة 2008، مع خسائر في السندات الحكومية هي الأعلى منذ عام 1920".
وترجع هذه الخسائر، التي لم تكن وليدة اليوم، إلى تبنّي صناع السياسة حول العالم سياسات نقدية أكثر تشدداً لكبح التضخم المفرط وتخفيف عبء المعيشة على المواطنين، لكن في الوقت ذاته، يدفع ذلك الاقتصادات نحو الركود، ويُنذر بأداء ضعيف للأنشطة التجارية.