اليمن يواجه كارثة صحية بسبب مخاوف من تفشي الكوليرا عقب الفيضانات
مديرية حيس جنوبي مدينة الحديدة في اليمن التي ضربتها الفيضانات أخيراً وتلوّثت فيها المياه، تشهد إصابة المئات بالكوليرا مع الاشتباه بنحو 164 ألف حالة والمرشّحة للارتفاع إلى 250 ألفاً بسبب تعقيد وصول الطواقم الإغاثية، وفق الأمم المتحدة.
تواجه عيادة طبية في إحدى مناطق غرب اليمن التي ضربتها الفيضانات والسيول مؤخراً وخصوصاً مديرية حيس، تدفّقاً لمرضى يشتبه في إصابة العديد منهم بالكوليرا، بعدما زادت الأمطار الغزيرة مخاطر تفشّي المرض.
في "مركز علاج الإسهالات" الواقع في مديرية حيس على بعد 120 كلم نحو جنوب مدينة الحُديدة، يستلقي أولاد ونساء وجوههم شاحبة على أسرّة وقد وضعت في أيديهم حقن وريدية مع سماع أصوات بكاء أطفال.
هؤلاء هم من بين نحو 164 ألف شخص في مختلف أنحاء اليمن يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا، وهو عدد مرشّح للارتفاع إلى 250 ألفاً في الأسابيع المقبلة إذا لم يتمّ تعزيز جهود الاستجابة للوضع، بحسب الأمم المتحدة.
وقال طبيب الطوارئ في المركز الطبي، بكيل الحضرمي إنّ "الإقبال زاد بسبب السيول والأمطار" في مديرية حيس.
وأضاف الحضرمي في حديث لوكالة (فرانس برس) أنّ "الطاقم المداوم يتحمّل فوق طاقته ويمكن أن ينهار في أي وقت"، محذّراً من "كارثة طبية إن لم تتمّ الاستجابة لها من الجهات المعنية".
كما أكّد أنّ المركز استقبل بين الأول من آب/أغسطس والـ18 منه، 530 مريضاً يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا.
الفيضانات وتلوّث المياه يفاقمان الأزمة الصحية وارتفاع عدد المصابين بالكوليرا
سيول وفيضانات جارفة
وتسبّبت فيضانات عارمة ناجمة عن أمطار غزيرة في غرب اليمن، ليل الثلاثاء الأربعاء، بتدمير منازل ومحلات تجارية وفقدان 38 شخصاً، وفق ما أفادت الشرطة المحلية فجر اليوم الأربعاء.
وارتفعت حصيلة قتلى الفيضانات إلى 16 شخصاً مع تواصل عمليات البحث، اليوم الخميس، للعثور على أكثر من عشرين مفقوداً، بحسب قناة "المسيرة".
ونقلت القناة عن مسؤول في الدفاع المدني في مديرية ملحان بمحافظة المحويت إعلانه العثور على جثامين 16 شخصاً من أصل 38 مفقوداً، مشيراً إلى إنقاذ مصابين.
فقدان اثنين وثلاثين فرداً من سكان أهالي مديرية ملحان محافظة المحويت نتيجة الانهيارات والسيول التي تسببتها الأمطار الغزيرة في الساعات الماضية#شاهد_المسيرة pic.twitter.com/k4gaIvPEda
— شاهد المسيرة (@ShahidAlmasirah) August 28, 2024
وأعلنت شرطة محافظة المحويت، وفق ما نقلت عنها وسائل إعلام محلية، أمس الأربعاء، عن "24 مفقوداً من الأهالي نتيجة تدفّق السيول والانهيارات الأرضية في مديرية ملحان غربي المحافظة".
صور لقيام فرق الدفاع المدني بالتعاون مع المواطنين بانتشال جثة لأحد الضحايا المفقودين في مديرية #ملحان pic.twitter.com/LXWUAG1Q7v
— علي الحسني Ali Alhasani (@Ali__Alhassany) August 28, 2024
ولم تعلن السلطات حتى الآن عن سقوط قتلى، لكنّ صوراً متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت جثثاً ملفوفة ببطانيات في إثر الفيضانات.
كارثة كبيرة ومشاهد مؤلمة في #مديرية_ملحان محافظة #المحويت جراء تدفق السيول الجارفة وجرف المنازل والسكان والممتلكات و الاراضي الزراعية ومفقودين وتم انتشال ١١جثة ولا يزال البحث جاري عن ٢٢ مفقود @SSumie56#المحويت_تستغيث pic.twitter.com/X2eeGyNeBW
— د /حسن محمد القطوي (@hsan055787) August 28, 2024
وفي الأسابيع الأخيرة الماضية، شهدت مناطق عديدة في اليمن وبينها مديرية حيس، سيولاً جارفة نتيجة هطول أمطار غزيرة. وأسفرت الفيضانات عن مقتل 60 شخصاً وألحقت أضراراً بـ268 ألفاً آخرين منذ أواخر تموز/يوليو الماضي، في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، بحسب الأمم المتحدة.
ومنذ أواخر تموز/يوليو الماضي، تسبّبت الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في اليمن بمقتل 60 شخصاً، وألحقت أضراراً بـ268 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وفي ظل استمرار الحرب منذ نحو عشر سنوات، وتسبّبها بسوء تغذية حاد وبتدمير المراكز الطبية، تستعدّ حيس لأزمة صحية جديدة عقب الفيضانات التي قد تحمل معها أمراضاً تنتقل عن طريق المياه.
وقالت المنظّمة الدولية للهجرة في تقرير صدر مؤخراً إنّ "الموجة الأخيرة من الكوليرا، تفاقمت بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تلتها، ما زاد من خطر تلوّث المياه".
ولم يتسنّ للسلطات الصحية تأكيد إصابة سوى ثلاثة أشخاص بعد إرسال العيّنات إلى مختبر طبي في محافظة تعز المجاورة، بحسب الحضرمي، وسط إمكانيات محدودة لإجراء الفحوص وغياب المختبرات في المنطقة، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر يدلّ على أن المرض "منتشر وخاصة الآن، وبسبب الأمطار سيتفاقم الوضع أكثر فأكثر".
وساهم النقص الشديد في المياه وتهالك المنشآت الصحية وارتفاع معدلات سوء التغذية، في زيادة حالات الكوليرا منذ أواخر العام الماضي. وجاءت الفيضانات الأخيرة لتزيد التحديات التي تواجهها وكالات الإغاثة في بلد تستمر فيه الحرب.
شبح الكوليرا يهدّد الملايين في اليمن من جديد.. أكثر من 30 ألف إصابة منذ بداية 2024#اليمن #الميادين_Go pic.twitter.com/aWmmNhgfdz
— Almayadeen Go الميادين (@almayadeengo) June 7, 2024
وتسبّبت الفيضانات هذا الشهر في مديرية حيس بتبعثر الألغام الأرضية وانتقالها إلى أماكن جديدة، ما أدّى إلى تعقيد وصول عاملي الإغاثة إلى المجتمعات المحتاجة وزيادة المخاطر التي قد يواجهونها، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
وقالت مديرة التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ليزا داوتن، إنّ خطة الأمم المتحدة للاستجابة للكوليرا في اليمن قدّرت في البداية وجود 60 ألف حالة في الفترة الممتدة من نيسان/أبريل إلى أيلول/سبتمبر 2024. لكنّ الأرقام الأخيرة أظهرت أنّ الوضع أسوأ مما كان متوقّعاً، إذ إنّ التمويل الحالي يكفي فقط لمعالجة ربع هذه الحالات، وفق قولها.
كما أنّ قصف التحالف بقيادة السعودية للمنشآت التجارية والبنى التحتية والمرافق الصحية، فضلاً عن اتّباعه خطة ممنهجة في حصاره الجوي والبحري، حدّ من الشحنات التجارية والمساعدات الإنسانية إلى اليمن، ما أدّى إلى انتشار مرض الكوليرا "بمستوى غير مسبوق" في العالم، وفق منظمة الأمم المتحدة.
وكانت منظمة "اليونيسف" للغوث قالت في العام 2020، إنّ أكثر من 5 ملايين طفل يواجهون خطر الإصابة بمرض الكوليرا والإسهالات المائية الحادة.