"ذاكرة مدينة من ورق": ماضي بيروت من خلال مطبوعاتها

الفنان اللبناني ألفرد طرزي يوثّق ماضي مدينة بيروت، من خلال آلاف الرسائل والمئات من أغلفة المجلات وعشرات الملصقات، التي تعود إلى المرحلة الممتدة من ثلاثينات القرن العشرين إلى ثمانيناته.

  • يستمر المعرض حتى 20 تموز/يوليو المقبل
    يستمر المعرض حتى 20 تموز/يوليو المقبل

حوّل الفنان اللبناني ألفرد طرزي (1980) قاعة مركز "أمم للتوثيق والأبحاث"، إلى مساحة تاريخية مبهرة فنياً، تضجّ بالذكريات والأحداث والشخصيات، ضمن تجهيزٍ فني شاء من خلاله "إبراز ظاهرة العنف، وتطور صورة المرأة  في المجلات اللبنانية خلال نصف قرن".

ويضمّ هذا المعرض، الذي يحمل عنوان "ذاكرة مدينة من ورق"، ويستمر حتى 20 تموز/يوليو المقبل، آلاف الرسائل والمئات من أغلفة المجلات وعشرات الملصقات، التي تعود إلى المرحلة الممتدة من ثلاثينات القرن العشرين إلى ثمانيناته.

واستند طرزي في إنجاز هذا التجهيز إلى أرشيفه الخاص، وإلى مجموعة صاحب "دار الفرات" عبودي أبو جوده، وأرشيف يحيى حكيم، وكذلك أرشيف مركز "أمم".

ثورات واغتيالات 

تشكّل الاغتيالات في لبنان، خلال المرحلة المشمولة بالتجهيز، جانباً بارزاً من ظاهرة العنف، التي يتمحور حولها العمل. 

ويقول طرزي لوكالة "فرانس برس" إن المعرض تتويج لدراسة أعدّها عن الصحف اللبنانية في تلك الحقبة، ويركّز فيها على "العنف، وعلى  تطور صورة المرأة".

وتوضح المسؤولة عن الأرشيف في مركز "أمم"، غالية ضاهر، أن المعرض يتناول "الوسائل التي كانت المجلات تجذب بها الناس يومها، كاستخدام صورة المرأة ولا أحبذ كلمة تسليعها، والأحداث المهمة التي طبعت تلك المرحلة".

ومن تلك الأحداث مثلاً الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وموجة التحرر في الستينات، ومرحلة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).

ويحتوي المعرض على عدد من المجسمات، لشخصيات لبنانية وعالمية، كما يحتوي على صور جماعية وشعارات نسّقها طرزي بحسب المرحلة  التي تعود اليها، واختارها من المجلات المعروضة، استناداً على رسوم للفنان التشكيلي الفلسطيني توفيق عبد العال ورسامي الكاريكاتور اللبنانيين الراحلين ستافرو جبرا وبيار صادق ومحمود كحيل وسواهم.

وبين المجسّمات أيضاً مشاهد من الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).

وتنتشر رفوف خشبية تحتوي على مجلات متعددة العناوين والأغلفة، بعضها سياسية، وأخرى فنية كمجلة "السينما" المتخصصة في الفن السابع، وإحداها تحمل عنوان "الجنس"، كانت "جريئة  بغلافها وعميقة في مضمونها"، على ما تقول ضاهر. 

وفي طرفي القاعة، من الجهتين اليمنى واليسرى، ملصقات سينمائية وصفحات توثق أحداثاً مفصلية في تاريخ لبنان والعالم، ومقالات مهمة كمقابلة أجرتها مجلة "لا روفو دو ليبان" مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1979.

"كنز وطني"

وكانت تتصدر أغلفة المجلات الفنية، كمجلة "الشبكة" في أواخر الخمسينات، بورتريهات مرسومة لشخصيات كصباح ومريم فخر الدين وغيرهما، تبدو كلوحات فنية بألوانها وخطوطها، رسمها كبار الفنانين اللبنانيين.

ويقول طرزي الذي درس التصميم الغرافيكي: "من خلال هذه المجلات تعرفت إلى رسامين كثر"، ويصف هذه المجلات بأنها "أشبه بدرس، إذ إن فيها نهلاً ثقافياً هائلاً يمكن استخلاصه، وهي بمثابة تاريخ فني".

وإذ يلاحظ أن "بعض المجلات أشهرت إفلاسها في الأعوام العشرة الأخيرة"، يعتبر أنها "كنز وطني وإرث بصري  ينبغي الحفاظ عليه، خصوصاً في عصر التحوّل إلى شبكات التواصل الاجتماعي والكمبيوتر، بدلاً من المطبوعات الورقية".