طوفان الأقصى... هل جرحنا الوحش أكثر مما يجب؟
بعد مئة يوم وأكثر على "طوفان الأقصى" ومن بعده العدوان المستمر على قطاع غزة، ثمة سؤالان مهمان: هل جرحنا الوحش أكثر مما يجب، أو هل كان خائفاً أكثر مما ينبغي؟
نعم ولا.
يحتمل السؤالان هاتين الإجابتين في وقت واحد، لكن لا بد أولاً من نقاش سريع وحاسم في مسألة مهمة تتصل بمشروعية المقاومة في أرض فلسطين، ولا خلاف في أنها مشروعية ثابتة وأصيلة وخاصة بشعب يقع تحت الاحتلال، مع أنه لا بد من تأكيد فكرة "واقع تحت الاحتلال"، بل توضيحها، فلسطينياً وعربياً ودولياً.
إن كل شبر في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 "واقع تحت الاحتلال"، سواء أكان تحت "السيطرة الفلسطينية الكلية أو الجزئية" بمسمى اتفاق أوسلو، أم تحت "السيطرة الإسرائيلية"، في كل طرائقها. مغزى هذا التأكيد أن غزة لم تكن يوماً خارج سيطرة الاحتلال، وبقيت حتى خروج "الجيش" الإسرائيلي من القطاع عام 2005 معرّفة بأنها "منطقة محتلة"، وفق القانون الدولي.
هل يعني هذا أن القطاع لم يتحرَّر؟ نعم، ولكن. المشكلة أن الأدوات الاحتلالية، مع تطور التقنيات والسيطرة شبه المطلقة على الحدود البرية والبحرية والجوية، أعطت "إسرائيل" ميزة "الاحتلال عن بعد"، فأعادت احتلال القطاع "عبر طرائق ملتوية وحتى إبداعية أو شيطانية أحياناً" بعد الخروج منه، و"بتكاليف أقل".
بدلاً من أن يدفع "جيش" الاحتلال، من جنوده وآلياته وأمواله، فاتورة الدفاع عن المستوطنين (هم أيضاً دفعوا جزءاً من الثمن) تقرَّر أن تكلفة البقاء في غزة أعلى من الجدوى، فجرى الانسحاب، وانطلق بعده التمهيد الذي كان يُخطَّط منذ عام 1989 للصدام بين "حماس" و"فتح" (قوى إسلامية تزاحم قوى علمانية)، وهذا ما يثير الشك في أسباب وقوع هذا الصدام سريعاً بعد عام ونصف عام من الانسحاب الإسرائيلي.
لماذا هذا النقاش، الذي يبدو متأخراً في الظاهر، وغزة الآن في غير مكان؟ لا، أبداً. هذا النقاش هو في صلب ما يحدث الآن، لكن بنظرة "ماكرو" إلى الأحداث، لا نظرة "ميكرو".
إذاً، لو استخلصنا، في خلاصة أولية غير نهائية، أن الاحتلال أعاد تدوير احتلال القطاع ولم يحاصره فقط، وهربنا من الوقوع في "فخ الحصار"، يمكننا:
· أولاً: فهم مشروعية "طوفان الأقصى" بغض النظر عن الأسباب التفصيلية والنتائج المرحلية.
· ثانياً: استيعاب طبيعة الهجمة الإسرائيلية وضخامتها ووجود خطط مسبقة، عامة وتفصيلية، وحتى قديمة، ضد القطاع وأهله.
· ثالثاً: عمق "أزمة غزة" داخل الوجدان الإسرائيلي، ولاسيما قطب اليمين الذي يسحب "إسرائيل" كلها إليه (لا جدوى من استخدام كلمة "متطرف"، فبنيامين نتنياهو يمينيّ في الصُّلب أكثر من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لكنه رجل دولة قبل كل شيء).
· رابعاً: الإحاطة بجوانب الصراع الاقتصادية (حقول الغاز، كمثال) والديموغرافية (ضرورة تخفيف عدد الفلسطينيين)، والبيئية (مشكلتي المياه والتلوث)، وكلها لا تقل أهمية عن السياسية والعسكرية والأمنية.
· خامساً: انتهاء مرحلة "أنصاف الحلول" أو "الحلول الموقتة"، والذهاب نحو "الحسم"، حتى لو على مدى أعوام، ولو على حساب خسارة الرفاهية.
في خلاصة أولى، فهمت المقاومة، وتحديداً قيادة غزة، أن واقع القطاع بعد 18 عاماً على تحريره، و17 عاماً على حصاره، و16 عاماً على عزله عن الضفة والقدس (حتى عام 2021) لم ينتج على الصعيد العام سوى مسار استثمره الإسرائيليون بحلوه ومرّه لقضم مزيد من الأرض، ولخنق الإنسان الفلسطيني وتطبيق أسوأ نظريات الاستعمار الحديث وما بعد الحديث عليه، وليس أخيراً محاولة إعدام الروح القتالية وإلغاء الجدوى من المقاومة.
عليه، كان لا بد من "طوفان" يحرك كل شيء من مكانه.
وحتى لو كانت ارتداداته المرحلية سلبية، فإن قليلاً من الهدوء المتعذر أو الصعب هذه الأيام، ومن بُعد النظر، يكشف فرصة لتغيير كل شيء قريباً. لكن هذا التوصيف لا يكفي للإجابة عن أسئلة كثيرة يطرحها الفلسطينيون الآن ومن يهتمون بهذه القضية ويرونها تخصهم، ولاسيما أن حساب التكلفة والجدوى لا يميل إلى الكفّة الفلسطينية حالياً.
نعم، ثمة أسئلة محقة لدى كثيرين، ليس عن الجدوى فقط، بل التوقيت والطريقة والظروف، ودراسة رد الفعل الإسرائيلي وحتى الأميركي والغربي، وصولاً إلى أداء قوى المقاومة في المنطقة، واستكمال الاحتلال، إلى ما بعد اليوم المئة، المجازرَ والقتل والعدوان بالطرائق شتى. لكن، لن ندخل في هذا النقاش لسبب بسيط: المعركة لمّا تنتهِ بعد، والحرب لم تقل كلَّ أسرارها.
حرب العصابات... أو؟
سنجيب الآن بالتفصيل عن الشق الأول من السؤال: هل جرحنا الوحش أقوى مما يجب؟ لا شك في أن القاعدة الأولى في حرب العصابات تقضي بألا يعمد المقاتل إلى فعل يُخرج الوحش عن طوره، لكن الحالة الفلسطينية الممتدة منذ 75 عاماً، وتشهد على وجود "آخر احتلال" في العالم البشري، تخضع لاستثناءات كثيرة.
لقد كشفت الحرب الجارية، ولا تزال، أن المشكلة ليست مع "إسرائيل" حصراً، وإنما مع المنظومة الدولية المتفردة بحكم العالم، وإلّا فلو توقف الأمر عليها وحدها، لكان يكفي بنموذج "7 أكتوبر" إجابةً. من هنا، يبرز الاستثناء: لا بد من حدث كبير، بل كبير جداً، ليقلب المعادلات كافةً، وليكشف الأقنعة، ويخلط أوراق المعركة وخطط الأطراف العدوّة وحتى الصديقة، وإلا فسنبقى في دائرة المراوحة أو انتظار حدث قدري أكثر منه بشرياً (كالزلزال الأخير الذي شهدته المنطقة).
مع ذلك، لا يجد كثيرون فيما سبق مبرراً كافياً أو واضحاً لمعركة بهذا الحجم، ولاسيما مع نتائج وانعكاسات تضاهي "نكبة 1948" على الغزيين، أو حتى أكثر. يحتجّ هؤلاء أيضاً بنقاش مهم عن العمليات الاستشهادية في عهد الانتفاضة الثانية ونتيجة "السور الواقي" (2002)، التي كانت نقطة تحول في مسار الحياة في الضفة المحتلة، وضمن ذلك مسار المقاومة والحالة الوطنية ككل.
لا شكّ في أن التنافس الفصائلي في تلك الانتفاضة، وغياب التنسيق بين الأذرع العسكرية، أديا إلى "خدش كبير" للاحتلال، من جراء سلسلة من العمليات الاستشهادية المتوالية والمكثفة، والتي أخرجت الاحتلال عن طوره، وقادته، عبر أرئيل شارون، إلى اجتياح الضفة كلها، وقلب نظام الحكم فيها (قتل ياسر عرفات)، وإنهاء شبه كلي لحالة المقاومة المسلحة وحتى الشعبية، على نحو جعل الانتفاضة الثانية أقصر من الأولى، وربما أقل فعالية.
على رغم ذلك، وعلى عكس التيار، جاء جميل العموري ورفاقه في عام 2021 ليعيدوا كتابة التاريخ وسط زخم كبير لعملية "نفق الحرية"، ولتدخل الضفة حتى الآن مسار المقاومة المسلحة مجدداً، مع أن هناك من يجادل في أن "طوفان الأقصى" أدى، بطريقة أو بأخرى، إلى وقف الاستثمار بعيد المدى في عمل الضفة، في مقابل من يرى أن الطوفان لم يكن لينجح لولا ما أداه مقاتلو كتائب المقاومة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأن "7 أكتوبر" هي الاستثمار الناجح لما سبق، على رغم إمكان تأجيلها قليلاً.
قد يكون لوجهتي النظر هاتين دلائل واحتجاجات تستحقّ المناقشة والنظر، لكن الثابت الوحيد أن الشعب الفلسطيني قدّم في "طوفان الأقصى" أقصى ما يمكن أن يفعله على الصعيد العسكري طوال 75 عاماً، وأنه أثبت أنه لم يخن ولم يبع أرضاً، وأن مشكلة احتلال فلسطين كانت ولا تزال مشكلة عربية إسلامية، ثم دولية، قبل أن تكون فلسطينية (من اللافت أن بين مئتي دولة في العالم لا توجد سوى دولتين أو ثلاث فقط تدعم حق الفلسطينيين في تحرير بلادهم بالقوة العسكرية، أو تبادر إلى مدهم بالسلاح).
إن من فرّطوا بفلسطين، عام 1920 ثم 1947 و1948 ثم 1967 وليس أخيراً 2017، هم أنفسهم من لا يزالون لا يريدون تحريرها، لأن هذا سيخلق لهم مشكلات كبرى، تبدأ بأصل استمرارهم في العروش. لذلك، لم يعد تنفع قواعد حرب العصابات، ولا تنظيرات سون تزو ولا فون نجوين جياب في الحالة الفلسطينية المعقدة. وهنا، لا بد من ذكر لفتة مهمة قدّمها مؤسس جمهورية الصين الشعبية.
يُروى أنه عام 1969 (أو 1970) ذهب وفد فلسطيني يشكو إلى ماو تسي تونغ "نكبة" 1967، ويسأله عن الحلول بعد أن قدّم شرحاً مطنباً عن الوضع، إقليميا وعالمياً. توقّع أعضاء الوفد إجابات مفصلة وطويلة وخططاً حربية، لكنهم حصلوا على عدة ملاحظات، ضمنها ملاحظتان غريبتان (دوّن بعضها الشهيد صلاح خلف بخط اليد)، فضلاً عن دور آخر عمليّ في التسليح والتدريب.
سألهم ماو عن عدد العرب آنذاك، فقالوا إنه بين 200 و250 مليوناً. أطرق قليلاً وعقّب بما معناه أنه عندما يكون العرب على استعداد لخسارة خمسة ملايين في الحرب، يمكن لفلسطين أن تتحرر (أين نحن الآن عربياً من هذا التوصيف؟). أما الملاحظة الفيتنامية، فكانت لاذعة أكثر، وتتحدث عن مستوى الترف الذي تعيشه قيادات بعض الفصائل الفلسطينية، وأن استمراره لا يشي بإمكان التحرير، ولا يزال التاريخ حاضراً.
إذاً، في خلاصة ثانية، نعم، بكل أمانة، لقد جرحنا الوحش أقوى مما يجب، لكن كان لا بد يوماً ما من ذلك. ومهما تأخر هذا اليوم، أو تحولت الظروف إلى أحسن أو أسوأ، فقد وجب وقوعه، وها هو أتى. وعلينا مجابهة مصيرنا الذي كانت "أوسلو" انحرافاً شنيعاً عنه.
حتى إنه يمكن القول – مع أن في هذا بعض التشدد - إن الفلسطيني كان يجب أن يبقى بين الخيمة والشتات، وألا يبني أبراجاً أو مؤسسات حكومية أو شبه دولة، قبل أن يحرر أرضه.
"إسرائيل" التي "لا نعرف"
نأتي إلى الشق الثاني: هل كان العدو خائفاً أكثر مما يجب؟ ربما تبدو الإجابة هنا أكثر سهولة، لكنها أيضاً تحمل تعقيدات لا تقل عن الوضع الفلسطيني، مشبوكاً به الوضعان العربي والإسلامي. الملاحظة الأهم في هذا السياق أن "لعنة الثمانين" سيطرت على المناخ الإسرائيلي، سياسياً وإعلامياً، وحتى فكرياً، قبل "طوفان الأقصى".
ربما، لو تأخر الطوفان عاماً أو اثنين، كان من شبه المحتّم أن "إسرائيل" ذاهبة إلى حرب أهلية، أو على الأقل تناحر مجتمعي كبير، سينعكس على سائر أوجه الحياة. قد يكون الطوفان في المرحلة الحالية "وحّد وجيّش" الإسرائيلي تحت عنوان الخطر الوجودي وأمام أهداف مرحلية، لكن ليس من المضمون أن يستمر ذلك طويلاً، ولا حتى أن هناك ما ينفي ألا تتسبب "7 أكتوبر" في إعادة الشرخ تحت عناوين أخرى، وضمن نِسَب أعلى.
لكنّ ما كان مفاجئاً ومغايراً لبعض الحسابات في المنطقة أمران جديران بالدراسة، وللدقة: إعادة الدراسة، هما: هل كان الإسرائيليون يوماً ما مجتمع رفاهية فقط؟ وهل انتهى عهد الجنرالات، كما انتهى عهد الملوك؟
في السؤال الأول، بدا، خلال هذه الحرب تحديداً، أن هذا المجتمع شعب جيش ولا يشبه أي شعب، وقد تجنّد بصفة الاحتياط وغير الاحتياط خلف عسكره مباشرة وبقوة.
وبدا لكثيرين أنه في لحظة ما يصير كله عسكرياً (فوجئ كثيرون عن طيب نية أو جهل بأن الإسرائيليين يقاتلون!). صحيح أن الشكاوى من نمط الحياة خلال الحرب بدأت منذ اليوم الأول، لكنها لا تزال أدنى من المستوى الذي كانت عليه في الحروب الماضية، فما حدث كان أكبر من كل ما سبق، وثمة أسباب أخرى.
في السؤال الثاني، ظهر أن عهد الملوك كانت نهايته مع أرئيل شارون، مع أن بنيامين نتنياهو – للأمانة الأكاديمية – ربما يعاد تصنيفه "الملك الأخير" لـ"إسرائيل" التي نراها، لكن أياً كان الخلاف بشأن دور الاثنين ومكانتهما، لم يعنِ ذلك أن عهد الجنرالات انتهى في "إسرائيل". والدليل ما آلت إليه آليات الحكم بعد "7 أكتوبر"، بل إن نظرة سريعة إلى تركيبة "كابينت الحرب" تكفي للإجابة.
ثمة أمر لافت في هذا السياق، هو قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة. لقد كانت هناك كلمة مفتاحية لإيهود باراك، عندما قال في بداية الحرب إن الإخفاق في إعادة الأسرى، وتحديداً "المدنيين"، هو إخفاق لـ"الدولة" و"فكرة الدولة". لم يقل باراك إنه إخفاق للجيش أو للحكومة، وإنما وضع الاثنين أمام حقيقة إخفاقهما في المهمة المنوطة بهما: "حماية شعب إسرائيل"، ولهذا ثمنه الذي لم يُدفَع بعدُ.
ثم ماذا؟ عطفاً على الشق الثاني من سؤال الموضوع، لا نزال أمام سؤال الحرب (استمرارها وحجمها ونوعها...)، وهذا يصعّب علينا البحث في إجابات عما بعد الحرب، فهي لم تنتهِ، ولا أحد يضمن أن "إسرائيل" سوف تبقى بعدها. مع ذلك، كانت الأخيرة ولا تزال تذهب بعيداً نحو اليمين على نحو ينهي الطموحات والأحلام الأميركية (وحتى العربية) لصيغة إنهاء الصراع. وإذا كان لا بد من إجابة، فعلى واشنطن تقديمها، وليس "تل أبيب".
في خلاصة ثالثة، إن الخوف يدفع إلى الخطأ، والخوف المضاعَف يراكم الأخطاء. ومن يراقبِ السلوك الإسرائيلي بعيداً عن أي "إنجازات مرحلية" يرَ بعين ثاقبة أن الاحتلال يراكم على نفسه أعباءً أخطر من أعباء 1948، وأن الثمن لها سيكون من مصير "دولته" وعمرها، وحتى من مستقبل اليهود عالمياً.
معركة استدراكية
وسط هذا التزاحم في الأسئلة، يجب ألا يغيب عن الأذهان مجموعة معطيات، لا بد من تذكّرها:
· كانت المقاومة في غزة متأكدة بنسبة كبيرة من أن الاحتلال يجهّز عملية عسكرية ضد القطاع والضفة والخارج بالتزامن، وستبدأ بحملة اغتيالات واسعة يمكن أن تطال العشرات من القادة والكوادر الفعّالين، وأن ذلك تأجّل بحكم أهمية تمرير التطبيع مع السعودية أولاً. وكانت اجتماعات "الكابينت" السرية خلال 2023 مؤشراً واضحاً على الاستعداد لحرب متعددة الجبهات.
· رؤية قيادة "القسام" هي أن معركة 2021 "بروفة"، أو حرب مصغرة للمعركة التي ستخوضها الكتائب ضمن "معركة التحرير"، ولذلك عملت على تجهيزات كبيرة لمعركة مغايرة، وخصوصاً أن الإسرائيلي عمل على مدار عامين على تفريغ "سيف القدس" من نتائجها قدر الإمكان.
· كان القطاع يعيش جموداً سياسياً وضغطاً اقتصادياً كبيراً يهدف إلى الخنق الكبير للحاضنة الشعبية للمقاومة، وإحراج الأخيرة في أكثر من محطة، وخصوصاً في 5/2022، ثم بدأ ترويج هجرة الشبان من غزة بالتوازي مع التقليص المالي القَطري والضغط المصري المتزامنين.
· تعقُّد المشهد في الضفة وازدياد الخطورة على وضع المسجد الأقصى، بالإضافة إلى الرفض الإسرائيلي لعملية تبادل للأسرى في مقابل رغبة المقاومة في إنهاء ملف سجون الاحتلال، ولاسيما بعد "رسائل قاسية" من السجون إلى قادة المقاومة (أرسلها أسرى قادة أواخر 2022 بسبب تأخر عملية التبادل).
· خلط أوراق المنطقة المتجهة إلى التطبيع، بكلها وكليلها، وحاجة المقاومة إلى إجهاض "الحلول المعلّبة" للقضية الفلسطينية، والتي تتلخص في إعادة إحياء "صفقة القرن" بطريقة أخرى.
مما سبق، ثمة دفاعات كثيرة، لكن ربما سيقال يوماً ما إن "طوفان الأقصى" – تماماً كما عملية "الوعد الصادق" في 7/2006 – حمتنا – الفلسطينيين وقوى المقاومة – من شر أكبر وحرب/ضربات مباغتة لعدوّنا فيها عناصر المفاجأة والزخم والتقدم... وربما "النصر"!
ربما، أيضاً، سيخرج أحدهم بكل شجاعة وصدق ليقول، كما فعل السيد حسن نصر الله بعد حرب لبنان الثانية، التي كانت بلا شك انتصاراً حقيقياً بالمعايير المادية والروحية، إنه لو كان يعلم يقيناً بأن ما وقع سيقع، ما فعل ما فعل. لكن هذا لن يلغي أحقية المقاومة، وتحديداً الفلسطينيين، بأي طريقة وتوقيت، وقد لا يعني أن النتائج سلبية بالضرورة، فالحرب لم تنتهِ، أو حتى لم تبدأ بعد!