صنعاء ستصب النار على النفط في حال تم اللعب بالورقة الاقتصادية
التطورات المتسارعة في الجنوب الغربي من قارة آسيا أعادت رسم خريطة الطريق في المنطقة، فنحن أمام حرب مستعرة بين بريطانيا وأميركا في مواجهة اليمن الذي فاجأ العالم خلال مرحلة الصراع.
كالعادة، بين شدّ وجذب، تعود التوترات بين صنعاء والرياض بعد مرحلة متقدمة من المفاوضات توقفت بعد إسناد اليمن غزة واستهداف السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال، وحظر منع الملاحة للشركات الإسرائيلية والتصعيد تدريجياً بمراحل أربع أعلنت بالحديد والنار.
ومع توسع دائرة الإسناد اليمنية، أُعلن تحالف دولي حمل اسم "تحالف حارس الازدهار"، وهو تحالف بحري متعدد الجنسيات تقوده الولايات المتحدة الأميركية يهدف إلى شن عمليات عسكرية على اليمن إسناداً لكيان الاحتلال، وهذا ما دفع بملف المفاوضات إلى التوقف كلياً بعد ضغوط واشنطن على الحليف الاستراتيجي في المنطقة.
التطورات المتسارعة في الجنوب الغربي من قارة آسيا أعادت رسم خريطة الطريق في المنطقة، فنحن أمام حرب مستعرة بين بريطانيا وأميركا في مواجهة اليمن الذي فاجأ العالم خلال مرحلة الصراع بعد أن اشتدت وتيرته فعلياً فأغرق سفناً وأحرق أخرى وأسقط حتى اليوم ست طائرات من طراز MQ9 في غضون ستة أشهر من الحرب على اليمن، وهي المفاجأة المؤلمة للبيت الأبيض، كما أعلن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس وحشد لها الشعب للخروج في تظاهرات مليونية والالتحاق بمعسكرات التدريب ليصل إجمالي المجندين الجدد إلى أكثر من ثلاثمئة وثلاثين ألف جندي استعداداً لأي تصعيد على الأرض.
لم تستطع المملكة السعودية النأي بنفسها كلياً فاستمرت وسائل إعلامها بالهجوم وفقاً لتصريحات نائب وزير الخارجية الذي دعا سابقاً السعودية إلى البدء في تنفيذ إجراءات بناء الثقة مع اليمن، والمضي نحو السلام وعدم الإصغاء للأطراف المعيقة والمعرقلة من المندفعين والمنتفعين.
وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، مهدي المشاط، قد أكد أنّ على خصوم اليمن التخلي عن الممارسات العدائية والانتقال إلى أجواء السلام والحوار.
كما شدد المشاط على سرعة الإنهاء الفوري للحصار والانخراط بسرعة في إجراءات بناء الثقة في الجانبين الإنساني والاقتصادي.
هذه المواقف أتت بعد رسائل من جانب قائد أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي دعا تحالف العدوان على اليمن إلى إنهاء عدوانه وإنهاء الحصار، وأوضح أنّ الاستمرار في الحرب والاحتلال والحصار سيرتدّ على تحالف العدوان، وعليه الاستجابة لمساعي السلام التي تقوم بها سلطنة عُمان.
وفي خطابه الأخير في الثلاثين من أيار/ مايو 2024 أكد السيد عبد الملك الحوثي أن أي استهداف للبنوك في صنعاء يعدّ عدواناً في المجال الاقتصادي.
بعد سد اليمن الثغرات السياسية والعسكرية، لجأت الرياض إلى تحريك أدواتها في الداخل للتدخل بورقة بالغة الحساسية وهي ورقة الاقتصاد، فتنبّه البنك المركزي في صنعاء لذلك، وأصدر بياناً حذر فيه من استمرار التصعيد الذي يستهدف القطاع المصرفي.
وأكد البنك المركزي أنه كما واجه المؤامرات على مدى السنوات الماضية، فإنه سيواصل اتخاذ إجراءاته التي تُفشِل كل تلك المؤامرات مستعيناً بالله وبوعي الشعب اليمني، وأنه في حالة مواجهة مستمرة لكل المؤامرات التي تسعى للإضرار بالقطاع المصرفي.
وبعد مراقبة خطوات السعودية التي أوعزت لحلفائها في بنك عدن بحظر التعامل مع ستة بنوك في صنعاء، اتخذ البنك المركزي في صنعاء مبدأ التعامل بالمثل ليقوم بحظر ثلاثة عشر بنكاً في عدن والمحافظات التي تقع تحت حكم الرياض.
هذه اللهجة والخطوات من المؤسسات الرسمية في صنعاء والتي تلتها تحذيرات من رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام وتحذيرات شديدة اللهجة من جانب قائد أنصار الله تدل على وصول السخط اليمني إلى مراحله الأخيرة إزاء تصرفات السعودية المعادية وأساليبها، والتي قد تمهد لمعركة قادمة في حال استمرت الرياض في الانصياع وراء التحركات الأميركية التي فشلت عسكرياً في اليمن وتتجه إلى تحريك الداخل عبر أساليب متعددة ومتنوعة.
ويبقى السؤال الذي ستطرحه صنعاء في كل مناسبة ومحفل متى ستحسم الرياض ملف الحرب على اليمن، وهل ستخضع كلياً للضغوط الأميركية والبريطانية أم أنها ستحافظ على ضبط النفس وترمم الأخطاء التاريخية والعميقة التي أحدثتها في اليمن، وتذهب إلى حل سريع، خاصة إذا ما قرأت فشل السلاح الأميركي والبريطاني في حسم المعركة وتعاظم القوة اليمنية جواً وبراً وبحراً، والأيام القليلة المقبلة ستكشف مآلات الأحداث والأمور، فربما تزيد صنعاء اللهب اشتعالاً في البحر الأحمر وتصب النار على النفط السعودي، وقد تخفت آلة الحرب مجدداً، إذ تعقلت المملكة العربية السعودية وأوقفت حلفاءها عن اللعب بورقة الاقتصاد التي تعدّ خطاً أحمر لدى بلد جريء ويملك النفس الطويل والسلاح العابر.