الولايات المتحدة والمانحون يقطعون شريان حياة الأونروا
بدءاً من مارس/آذار 2024، ستتجاوز نفقات الأونروا مداخيلها. ومن دون مانحين جدد، ستضطر الأونروا إلى وقف عملياتها في أبريل/نيسان 2024. من هنا، حذّر المفوض العام لوكالة "الأونروا" من أن الوكالة وصلت إلى "نقطة الانهيار".
في نوفمبر/تشرين الثاني 1948، أسّست الأمم المتحدة منظمة تسمى "هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"، من أجل دعم وتقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين، ثم تم تأسيس "وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" في ديسمبر/كانون الأول 1949، المعروفة اختصاراً بـ"الأونروا". وقد بدأت عملياتها في الأول من مايو/أيار 1950.
خدمات الأونروا
تقدم الوكالة خدماتها لـ5.9 ملايين شخص تقريباً، إذ يعيش نحو ثلثي هذا العدد في 58 مخيّماً معترفاً به للّاجئين في كل من الأردن (10 مخيمات)، ولبنان (12 مخيماً)، وسوريا (9 مخيمات)، والضفة الغربية (19 مخيماً)، وقطاع غزة (8 مخيمات).
- التّعليم: يبلغ عدد المدارس التابعة للأونروا 706 مدارس، ويبلغ عدد المسجلين في مدارس الوكالة 543,075 تلميذاً. وفي حال تم إغلاقها، لن يتمكن 38 ألف طفل في الصفوف من الأول إلى الثاني عشر من مواصلة تعليمهم.
- الصحّة: يتبع للوكالة 140 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، موزعاً في غزة والضفة وسوريا والأردن ولبنان، ويستقبل أكثر من 7 ملايين حالة مرضية سنوياً. تدعم هذه المراكز احتياجات الغذاء والتغذية الطارئة لدى أكثر من 1.143 مليون لاجئ في غزة.
- التوظيف: توظّف الأونروا 33000 شخص، بحيث يبلغ عدد موظفي الوكالة في غزة 13 ألفاً، وفي لبنان نحو 3500 موظف، ويعمل في أقاليم العمل الثلاثة الأخرى عدد من العاملين بين هذين الرقمين.
- خدماتها في لبنان: "الأونروا" هي الجهة الوحيدة التي تقدّم خدمات للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويستفيد نحو 80% من اللاجئين الفلسطينيين فيه من خدماتها.
ويتلقّى نحو 40 ألف طالب فلسطيني التعليم المجاني عبر 62 مدرسة تابعة للوكالة وموزعة في مناطق عدة في لبنان، كما تقدّم مساعدات شهرية لعائلات.
يساهم موظفو الأونروا في لبنان في توفير دخل ما يقدر بـ10 إلى 15% من لاجئي فلسطين الذين يعتمدون بشكل مباشر على الاستثمارات التي تقوم بها الأونروا في البلاد، وهو إجمالي يصل في المتوسط إلى نحو 180 مليون دولار سنوياً. وتقدم وكالة الأمم المتحدة مساعدة نقدية إلى 65% من اللاجئين، ما مكّن الوكالة من خفض الفقر من نسبة مذهلة تبلغ 93% إلى 80% حالياً.
في حال توقفت خدمات الأونروا أو تقلّصت، فإن 250,000 فلسطيني ممن يعيش 80% منهم بالفعل تحت خط الفقر، إضافة إلى مرضى السرطان والطلاب الشباب وعائلاتهم، قد يفقدون إمكانية الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة في لبنان.
وفي الوقت نفسه، يقوم نحو 200,000 لاجئ من فلسطين بزيارة المراكز الصحية التابعة للوكالة سنوياً للحصول على خدمات تتراوح بين الأدوية الأساسية وتدابير الاستجابة الأولى للأطفال الذين يحتاجون إلى التحصين والنساء الحوامل والمرضعات والعديد من المرضى الذين يعانون أمراضاً غير معدية ومرضية وأمراضاً مزمنة، إذ يتم إمدادهم بالأدوية الحيوية.
- خدماتها في غزّة: قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كانت عمليات الأونروا في القطاع تشمل نحو 40% من موظفيها الفلسطينيين، وتستهلك ما يقدر بنحو 41% من ميزانيتها الإجمالية. في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، لجأ نحو مليون من سكان غزة أو ما يقارب 45% من سكان القطاع إلى مدارس وعيادات الأونروا والمباني العامة الأخرى.
- خدماتها في الأردن: يبلغ عدد موظفي الأونروا في الأردن 7000 شخص، ما يجعلها واحدة من أكبر مصادر توليد المداخيل في الأردن، إذ تضخّ أكثر من 120 مليون دولار من الرواتب في الاقتصاد سنوياً.
- خدماتها في الضفّة الغربية: تخدم الوكالة أكثر من 870 ألف شخص، وتدير 96 مدرسة و43 منشأة أولية للرعاية الصحية.
- خدماتها في سوريا: يوجد في سوريا 102 مدرسة تابعة للأونروا، فيها أكثر من 47 ألف طالب، ويوجد 23 مركزاً صحياً يزورها سنوياً 810 آلاف مريض، ويحتاج أكثر من 95% من لاجئي فلسطين في سوريا للمساعدة الإنسانية من النقد والغذاء والمواد غير الغذائية.
الدول المانحة للأونروا
عام 2022، كان كبار المانحين الحكوميين هم: الولايات المتحدة 343.9 مليون دولار، وألمانيا 202.1 مليون، والاتحاد الأوروبي 114.2 مليوناً، بمجموع 460.2 مليون دولار، وهو يشكل نسبة 39% من إجمالي تمويل الوكالة الذي يبلغ 1.17 مليار دولار، تليهم السويد والنرويج واليابان وفرنسا والمملكة العربية السعودية وسويسرا وتركيا، وتبلغ قيمة ما تدفعه الدول العربية الثلاث الداعمة للأنروا، وهي المملكة العربية السعودية (27)، والكويت (12)، وقطر (10.5).
عام 2022، ساهمت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمبلغ 520.3 مليون دولار، أي 44.3% من إجمالي تعهدات الوكالة. توفّر الأمم المتحدة 3.9% فقط من الميزانية، فيما يقدّم الشركاء التقليديون 89.2%، والشركاء الإقليميون 4.4%. أما الباقي، فيتوزّع بين الجهات المانحة المستجدة والشراكة مع القطاع الخاص.
تنفق الأموال وفق برنامج محدد، إذ تتوزع خدمات الأونروا كما يلي: 54% لبرامج التعليم، و18% للصحة، و18% للخدمات المشتركة والخدمات التشغيلية، و10% لبرامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية.
الدول المساهمة في إبادة اللاجئين الفلسطينيين
أعلنت الولايات المتحدة الأميركية في 27 يناير/كانون الثاني 2024 تعليق دعمها المالي للأونروا، بذريعة مشاركة 12 موظفاً في الأونروا يعملون في قطاع التعليم في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم تبعتها عدة دول، هي: كندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا والنمسا والسويد ونيوزيلاند وأيسلندا ورومانيا وإستونيا والاتحاد الأوروبي، وفقاً للأمم المتحدة.
ويقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إغلاقها، وهي أحد بنود خطته لـ"اليوم التالي" لقطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب. تساهم الدول الرئيسية التسع بـ667.2 مليون دولار، أي بنسبة 57% من إجمالي أموال الأونروا، أي أن أكثر من 60% من خدمات الأونروا للاجئين مهددة بالتوقف بسبب عدم توفر التمويل اللازم لها.
تتوقّع الأونروا أن ما يقارب 440 مليون دولار من التمويل على المدى القريب لا يزال في الميزان، وأن العجز قد يتزايد ما لم يتم حلّ هذه الأزمة. ويمثل هذا سباقاً مع الزمن بالنسبة إلى الوكالة التي تتعرض عملياتها لخطر التوقف بسبب نقص الأموال بدءاً من نهاية فبراير/شباط 2024. ووفقاً للأونروا، فقد تم تجميد مبلغ 500 مليون دولار (نحو 460 مليون يورو) حتى الآن، بما في ذلك الاحتياجات الطارئة في غزة.
بدءاً من مارس/آذار 2024، ستتجاوز نفقات الأونروا مداخيلها. ومن دون مانحين جدد، ستضطر الأونروا إلى وقف عملياتها في أبريل/نيسان 2024. من هنا، حذّر المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني مؤخراً في رسالة وجهها إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة من أن الوكالة وصلت إلى "نقطة الانهيار". لذلك، لا بد من توفير الدعم البديل من الدول التي أعلنت التوقف عن المساهمة في تمويل الأونروا.