القطاعات الاقتصادية الإسرائيليّة ينهشها طوفان الأقصى

استدعاء عدد كبير من جنود الاحتياط يكلّف الميزانية الإسرائيلية رواتب شهرية بقيمة 1.3 مليار دولار، إضافة إلى تكبّد سوق العمل في الكيان خسائر أسبوعية بقيمة 1.2 مليار دولار.

  • الاقتصاد الإسرائيلي ومعركة طوفان الأقصى.
    الاقتصاد الإسرائيلي ومعركة طوفان الأقصى.

يشكّل جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم للعدوان على غزّة نحو 8% من القوى العاملة الإجمالية، وهم يعملون في مختلف القطاعات. 

وفي تقرير صادر عن وزارة العمل الإسرائيلية، فإن أكثر من 760 ألف مستوطن، أي ما يقارب 18% من القوى العاملة، لا يعملون بسبب الحرب. وقد أظهر البنك المركزي الإسرائيلي في 10 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي أن تغيّب العمال خلال الأسابيع الخمسة الأولى كلّف الاقتصاد الإسرائيلي 2.3 مليار شيكل (626.464 مليون دولار)، أي ما نسبته 6% من الناتج المحلي. 

وأضاف البنك أن 26% من الخسائر نتجت من إجلاء نحو 144 ألف عامل من منازلهم في مناطق الخطر، في حين جاء 21% من الخسائر بسبب التجنيد المكثّف لنحو 360 ألف جندي احتياطي. 

وقد أشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى أن استدعاء عدد كبير من جنود الاحتياط يكلّف الميزانية رواتب شهرية بقيمة 1.3 مليار دولار، إضافة إلى تكبّد سوق العمل في الكيان الإسرائيلي خسائر أسبوعية بقيمة 1.2 مليار دولار بسبب تراجع الإنتاجية نتيجة انسحاب هؤلاء الجنود من الحركة الاقتصادية. 

وقد كان لهذا الأمر انعكاسات سلبيّة على معظم القطاعات الاقتصاديّة في الكيان الإسرائيلي، ولكن أكثر هذه القطاعات تضرّراً هو:

قطاع التكنولوجيا

نما اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي على قطاع التكنولوجيا خلال السنوات العشر الماضية، فقد زاد الاستثمار في شركات التكنولوجيا المتطورة زيادة مطردة، لتصل إلى 25.9 مليار دولار عام 2021. 

يساهم هذا القطاع بـ18% من الناتج المحلي مقارنة بـ10% في الولايات المتحدة و6% في الاتحاد الأوروبي، ويعمل فيه 14$ من القوى العاملة، ويشكّل 50% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، إضافة إلى مساهمته بنسبة 30% من عائدات الضرائب، أي المساهمة الأكبر في توفير إيرادات للخزينة العامة. 

بسبب العدوان على غزّة، يعاني قطاع التكنولوجيا أزمات، فقد تم تجنيد 10% من موظفي القطاع، وارتفعت النسبة إلى 30% في بعض الشركات. وانخفض التمويل الأجنبي، وخصوصاً للشركات الناشئة، من 16 مليار دولار عام 2022 إلى 7 مليار دولار، أي بنسبة 43.75%. 

وقد انخفض كذلك تدفق الصفقات في هذا القطاع إلى أدنى مستوى له منذ عقد من الزمن، وانخفضت عمليات الاندماج والاستحواذ والاكتتابات العامة، أي الاستثمار في هذا القطاع، نحو 56% من 16.9 مليار دولار في 2022 إلى 7.5 مليار دولار. 

وتكافح الشركات الناشئة من أجل جذب التمويل، وخصوصاً الأجنبي، لضمان بقائها واستمرارها في العمل، إذ يشكل التمويل أجنبي 80% من رأس المال الاستثماري في مجال التكنولوجيا المتطورة.  

السياحة

يعدّ قطاع السياحة من أهم القطاعات للاقتصاد الإسرائيلي، فقد شكّلت المداخيل منه نحو 5.518 مليار دولار، وساهمت بـ2.8% من الناتج المحلي. ويعمل في هذا القطاع 3.6% من إجمالي القوى العاملة، وهو من أكثر القطاعات تضرّراً بسبب العدوان، إذ كان عدد السيّاح أكثر من 300 ألف سائح، ولكنه وصل في كانون الأول/ديسمبر 2023 إلى 528 ألف سائح، أي بانخفاض كبير جداً بنسبة 82.4%، وبانخفاض 76% في شهر تشرين الأول/أكتوبر، بحسب تقرير مكتب الإحصاء الإسرائيلي. 

وقد تحوّلت معظم الفنادق في المدن السياحية الأساسية، مثل إيلات ومنطقة البحر الميّت وطبريّا، إلى ملاجئ لإيواء اللاجئين من غلاف غزّة والجليل الأعلى، والأخير يعدّ منطقة سياحيّة بامتياز. تعتمد السياحة بأكثر من 90% على السياحة الداخليّة التي من المتوقّع أن تخسر أكثر من 5 مليار شيكل (1.346 مليار دولار) من عائدات السياحة الداخلية.

الزراعة والأمن الغذائي

تُعرف الأراضي الزراعيّة في غلاف غزّة بـ"رُقعة الخضار الإسرائيلية"، والمزارعون قرب غزّة هم "سلّة الخبز" للإسرائيليين. ينتج غلاف غزّة: 75% من الخضراوات المستهلكة في الكيان الإسرائيلي، و20% من الفاكهة، و6.5% من الحليب، و70% من محصول البندورة، و60% من البطاطا، و37% من الجزر والملفوف.

ويتضمّن الغلاف 9.5% من البساتين الزراعية والآبار المستعملة في ريّ الزراعة، منها 59% من بساتين الليمون و30% من بساتين البرتقال. وقد تأثّر استيراد المنتجات الزراعية من الخارج، فالكيان الإسرائيلي يستورد 3 أضعاف ما يصدّره من المنجات الغذائيّة الزراعيّة، إذ يستورد السكر، والزيوت النباتية، والبذور الزراعية، والأعلاف، والحبوب، واللحوم، والحيوانات الحيّة.

وبسبب الحرب، انخفض الإنتاج الزراعي ما بين 20 إلى 30%، وارتفعت أسعار المنتجات الزراعية. وقد تضرر أغلب المزارعين في جميع البلاد، وتكبّدوا خسائر بملايين الدولارات، ما دفع وزارة الزراعة الإسرائيلية إلى تخصيص مبلغ 625 ألف دولار لدعم المزارعين. 

وبحسب معهد أبحاث الجليل "ميغال" في دراسة أجراها، فإن 72% من المزارعين تعرّضوا لتعطيل في قوّتهم العاملة، حتى في المناطق البعيدة عن غزّة وعن الحدود مع لبنان، مثل وادي الأردن. وقد توقّع المزارعون خسارة 70% من إنتاجهم و69% من مداخيلهم. وقد أدّت الحرب إلى نزوح جماعي للعمّال الأجانب، إذ يعمل 15 ألف فلسطيني و22 ألف تايلندي.

قطاع العقارات

يشكّل حجم الاستثمار في قطاع البناء والعقارات نحو 60 مليار دولار، أي 13.6% من إجمالي الناتج المحلي الإسرائيلي، ويدرّ دخلاً بنحو 6% من إيرادات الموازنة العامة، ويعمل فيه نحو 90 ألف عامل فلسطيني منذ عقود.

وقد أُصيب قطاع العقارات بضرر كبير نتيجة الحرب تزامن مع تعليق تصريحات الفلسطينيين العاملين في هذا القطاع، ما ألحق خسائر كبيرة بالشركات العاملة فيه، وهو أسوأ أداء عقاري منذ 20 عاماً، مع انخفاض الطلب على الشقق وركود سوق الإسكان والبناء، إضافةً إلى تجفيف قروض شراء العقارات. وتعدّ مدينة عسقلان الأكثر تضرّراً، إذ انخفضت المبيعات العقارية فيها بنسبة 78%، تليها تل أبيب 65.6%، وحيفا 48.2%، والقدس 47%.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.