رسائل موسكو.. الكيّ آخر العِلاج
مصدر في هيئة التفاوض السورية أكّد لوكالة سبوتنيك الروسية أن تركيا تستعدّ لدمج جبهة النصرة في الجيش الذي تُعدّه أنقرة في الشمال، هذا الكلام إن صحّ فهو ما يشكّل نسفاً للوعود، وإطاحة بلقاء موسكو الأخير، وهو ما سيُعجِّل العمل العسكري في إدلب ليُطيح بالنصرة وغير النصرة.
توجَّت موسكو تطوّرات المشهد السياسي في ما يتعلّق بالحرب في سوريا بجملةٍ من التحذيرات التي وردت في بيان الخارجية الروسية لجهة تحذير تل أبيب إذا ما واصلت اعتداءاتها على سوريا، فيما حثت أنقرة على احترام السيادة السورية والإسراع في تنفيذ وعودها، في ما يتعلّق بالمنطقة منزوعة السلاح في إدلب، وأن العملية العسكرية على الأخيرة ستكون منظمة بشكلٍ فاعِل، وإنها أي موسكو لن تسمح بمحميات للإرهاب في سوريا. هذا التتويج الذي جاء بطبيعة الحال استكمالاً لجملة الدلالات التي استولدتها زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى طهران، إذ تمظهر من هناك التحالف الصلب بين البلدين والذي كرَّس الصورة الأكثر صلابة في مواجهة القادم، فجزئيّة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا هي ما أشير إليها بالبَنان، كاثرَ خلالها شمخاني لغة النار والوعيد، إذا ما استمر العدوان على دمشق على قاعدة الردع والحزم.
قمّة سوتشي المُرتقبة بين بوتين وأردوغان وروحاني ستكون كما كتبنا سابقاً "وقفة حساب" لتصنيع شكل الحل في سوريا، وبوتين سيسمع جيّداً لما سيعرضه أردوغان وسيحفظ ذلك حرفياً، على قاعدة تصنيع النهايات في جبهة إدلب بما يحفظ السيادة السورية، وإلا فالعملية العسكرية ستكون الطرح الوحيد خلال المرحلة القادمة وتالياً ما من رؤى ستُفرَض سوى الرؤية الروسية للحل.
مصدر في هيئة التفاوض السورية أكّد لوكالة سبوتنيك الروسية أن تركيا تستعدّ لدمج جبهة النصرة في الجيش الذي تُعدّه أنقرة في الشمال، هذا الكلام إن صحّ فهو ما يشكّل نسفاً للوعود، وإطاحة بلقاء موسكو الأخير، وهو ما سيُعجِّل العمل العسكري في إدلب ليُطيح بالنصرة وغير النصرة.
تسريع انسحاب القوات الأميركية من سوريا بحسب ما تناقلته وسائل إعلام أميركية، يؤكّد رمي ترامب للكرة في الملعب التركي، من هنا نقرأ ونفهم ما قيل عن موافقةٍ أميركيةٍ على أيّ مشروع تركي في الشمال إذا ما راعى مصالح الكرد.
إعلان الخارجية الروسية عن مشاورات شبه يومية بين موسكو وأنقرة وطهران، لجهة تفعيل عمل اللجنة الدستورية السورية ، هو بمثابة رسالة للتركي في المقام الأول، لجهة أن تلعب أنقرة الدور الفاعِل في ممارسة الضغط على شخصيات سياسية سوريّة بعينها، للقبول بالمرحلة السياسية المقبلة والتي لا مجال فيها للعناد " وتكبير الرأس"، وهي رسالة أيضاً للمُعارضة السياسية التي هي خارج الوصاية التركية للحاق بالرّكب، وتحصيل ما يمكن تحصيله على قاعدة " عصفور في اليد أفضل من عشرة على الشجرة".
ما يُميّز هذه المرحلة السياسية ، عن سلسلة مراحل سابقة، هو إغلاق موسكو لمَنفذَين رئيسين كانا يشكّلان دائماً عقبة في تسهيل الولادة الطبيعية للحل السياسي في سوريا.
الأول: أن الإسرائيلي لن يجرؤ ربما كما كل مرة على خلط الأوراق بالاعتداء مُجدّداً على سوريا، فالثمن سيكون غالياً جداً ترسم معالمه هذه المرة صواريخ أس 300، وإن زمن استخدام صواريخ أس 200 أو أية صواريخ أخرى قديمة مُطوَّرة بات من الماضي.
الثاني هي الرسالة التحذيرية لأنقرة الملفوحة برياح الفرصة الأخيرة وإلا نحن ( يقول الروس) مَن سيرسُم نهاية إدلب.
أردوغان بات على محكٍّ سياسي حقيقي وتاريخي، يتضاءل معه هامش المُراوغة والتلوّن السياسي، وتنعدم عليه أية محاولة للجري في الملعب الأميركي، الذي اتّخذ القرار بالخروج من الوحل والموت كما قال ترامب.
موسكو تفرد أوراقها وتعرض طروحاتها الطافِحة بالخطاب الحازِم والساخِن على قاعدة " الكيّ آخر العِلاج" والمعروض هو آخر الفُرَص، يبدو الحصاد السوري في حضرة كل ذلك هو الأقرب من أيّ وقتٍ مضى.