هذا ما وراء خطوة ترامب بالانسحاب من سوريا..
ترامب يركل الكرة باتجاه الملعب الروسي والأيام القادمة ستشهد حراكاً روسياً مكثّفاً باتجاه طهران لصوغ رؤية توافقية تنهي كل التعقيدات والتشابكات في الملف السوري.
تتصاعد حملة الانتقادات في الداخل الأميركي ضدّ قرار ترامب بالانسحاب العسكري من سوريا، نواب جمهوريون ووزير الدفاع ماتيس ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ كلهم ثاروا بوجه القرار لجهة العشوائية في النهج الذي يُبديه ترامب.
قرار الرئيس الأميركي جاء ترجمة لما كان أعلنه قبل أشهر لجهة أنه سيترك الملف السوري ليهتّم به الآخرون، يدرك الرجل في اعتقادنا تداعيات مثل هكذا قرار، ولأوّل مرة يتمّ اتّخاذ قرار الانسحاب بشكلٍ علني وموضوعي لجهة موضوعيّة الطرح من حيث الشكل، عندما يقول ترامب إنه آن الأوان لعودة شبابنا إلى وطنهم حيث ينتمون، وبالفعل هي نقطة صائِبة كما وصفها فلاديمير بوتين لجهة القراءة الأميركية العميقة، فيما لو امتد بقاء القوات الأميركية في سوريا، والتداعيات الخطيرة لهذا الفعل ولا سيما بعد سلسلة من الظروف التي تحيط بهذا البقاء المتعلّقة بعملية عسكرية تركية ضدّ الكرد في شرق الفرات، وارتداداتها المُحتملة من صِدام عسكري ليس فقط تركي أميركي بل تركي سوري تطال القوات الأميركية، ولا سيما أن نظرة دمشق المدعومة من حلفائها للحاصل، هو على قاعدة ما تعدّه احتلالاً وعدواناً أميركياً وتركياً من حقّها الردّ عليه بكل الوسائل.
في المضمون تتجاوز خطوة الرئيس الأميركي ما هو مُعلَن وهذا ما يمكن قراءته من زاويتين رئيستين:
الأولى هي سعي ترامب لتظهير دور اقليمي أكبر لتركيا على حساب حلفائه الخليجيين، وتالياً ارتفاع منسوب الابتزاز الأميركي الذي يُجيده ترامب للحصول على المزيد من العطايا الخليجية التي من الممكن جنيها لقاء استمرار الدعم لمكانة ودور دول الخليج وتحديداً المملكة السعودية، وهنا نتحدّث بطبيعة الحال عن خطوة ذات طابع تجاري بحت راسخ في عقليّة ترامب.
الثانية تتعلّق بالممهّدات التي يقدّمها ترامب وتجميل الانسحاب بهزيمة الولايات المتحدة لداعش في سوريا، كرسالة للروسي تحديداً، لجهة تظهير أميركا كشريك سياسي في الانتصار على الإرهاب، وشريك اقتصادي ربما في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، ومدخل مهم لصفقة روسية أميركية تحدّثت عنها القناة العاشرة الإسرائيلية، تتضمّن انسحاباً أميركياً مقابل انسحاب إيراني وتجميد العقوبات على طهران ، وإن قوبلت برفض إسرائيلي قبل أيام من إسقاط الطائرة الروسية في أيلول الماضي، لكنها ستكون قابلة للحياة وموضع بحث خلال المرحلة القادمة.
ترامب يركل الكرة باتجاه الملعب الروسي والأيام القادمة ستشهد حراكاً روسياً مكثّفاً باتجاه طهران لصوغ رؤية توافقية تنهي كل التعقيدات والتشابكات في الملف السوري.