آخر الجبهات إدلب
ثمة حراك أميركي إسرائيلي مُكثّف تارة بفحوى الخطاب السياسى وأخرى بالعمل العسكري والقصف المحدود، وذلك قبل أيام من معركة كبرى مُرتقبة في إدلب، عنوانه " المُقايضة"، لكن المؤكّد أنه عند نهاية الدرب وفي وقتٍ يستعد فيه المرء لقطف آخر الحصاد تغدو المُقايضة طرحاً ساذجاً.
أن ترى السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي في ما يتعلق بجبهة إدلب بأنها مسألة خطيرة، فإن ذلك يتجاوز مسألة التسليم الأميركي بمضّي موسكو وحلفائها وإنهاء التحضيرات لشنّ عملية عسكرية واسعة في المدينة تحسم الأمر هناك عسكرياً، وتالياً "التفرّغ" لفرض الرؤى السياسية في الملف السوري، وفق مقاسات بعينها لاتُرضي الأميركي ولا الإسرائيلي، فالأمر يتعدّى كل ذلك السيناريو ليصل إلى نقطة رئيسة دأبت فيها واشنطن مع حلفائها لمنع وعرقلة تسارع وتيرة العمليات العسكرية في الميدان السوري، ولم تنفكّ في إرسال الرسائل السياسية والعسكرية، لحصاد أهداف تتعلق بالتواجد العسكري الإيراني في سوريا، ولاسيما في الجنوب على الحدود مع فلسطين المحتلة ، كل ذلك لم يجد نفعاً وأثمر بعكس المأمول، من هنا نقرأ ونفهم معاودة القصف الإسرائيلي لمواقع عسكرية سورية في طرطوس وحماه على قاعدة " الغيظ وقلّة الحيلة" أمام كل ما يحدث في الميدان وما يعزِّز في نتائجه قوّة تحالف موسكو ويفضي إلى المزيد مما يقلق إسرائيل.
التحذير الأميركي لجهة شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق على إدلب، وما يصفه الساسة بالعملية المتهوّرة، وتجديد الخطاب لناحية الردّ الأميركي على أيّ استخدام لسلاح كيميائي، وربطاً مع الغارات الإسرائيلية المتكرّرة، كل هذا يشي بالضرورة عن تماهي السلوك الأميركي والإسرائيلي وصولاً لغاية بعينها تتجاوز مسألة سيطرة الجيش السوري على إدلب، وتتعدّاها لنقطة برَّر فيها مدير الاستخبارات الأميركية دان كوتس العمل العسكري الإسرائيلي لجهة ما سمّاها الأنشطة الإيرانية في سوريا، وجاد بها لسان ليبرمان مُهدِّداً باستهداف التواجد الإيراني خارج الجغرافية السورية، فيما قولبها بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي تعليقاً على الغارات بأنها استهدفت مواقع وأهدافاً إيرانية.
قيل إن وفداً أميركياً التقى رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك وطرح عليه ثلاثة شروط مقابل انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وهي انسحاب القوات الإيرانية من الجنوب، والسماح لشركات أميركية باستغلال النفط السوري، وتقديم دمشق لمعلومات عن المقاتلين الأجانب في إدلب، من هنا يمكن فهم حديث دي مستورا عن أن الاتصالات الروسية التركية ستُسهم في إيجاد ماسمّاه الحل الناعم لمسألة إدلب، وكذلك ما أعلنته الخارجية الأميركية بأن جون بولتون وجاويش أوغلو اتفقا في اتصال هاتفي على أن أية عملية عسكرية على إدلب ستكون متهوِّرة وغير مقبولة، ما يؤكد وجود دور تركي ربما خلال اتصالاته مع الجانب الروسي ينقل رغبات أميركية وإسرائيلية تتعلّق بالتواجد الإيراني في سوريا مقابل أثمان سياسية كبيرة في إدلب.
ثمة حراك أميركي إسرائيلي مُكثّف تارة بفحوى الخطاب السياسى وأخرى بالعمل العسكري والقصف المحدود، وذلك قبل أيام من معركة كبرى مُرتقبة في إدلب، عنوانه " المُقايضة"، لكن المؤكّد أنه عند نهاية الدرب وفي وقتٍ يستعد فيه المرء لقطف آخر الحصاد تغدو المُقايضة طرحاً ساذجاً.