رمضان يضع التّطبيع في مواجهة المقاومة درامياً
هذان العملان دخلا في الصراع بين المقاومة والتطبيع، وهو نتيجة مُتوقَّعة، وخصوصاً أن "حارس القدس" يمثّل المقاومة، و"أمّ هارون" يمثّل تبريراً للتطبيع مع "إسرائيل".
مع بداية شهر رمضان المُبارَك، برز عملان دراميان يعودان إلى تاريخ الأمّة العربية القريب، وهما على تماسٍ مع القضية الفلسطينية.
فجّر العملان حملة عربية مقاوِمة للتطبيع مع "إسرائيل"، ولم يكن أيّ منهما ردّاً على الآخر، إذ إن الصدفة أدت دوراً مهماً في أن يتزامَن عرض المسلسلين في شهر رمضان، وكأن الأمّة العربية وضِعَت بين مشهد واقعي، على أن تختار بين مقاومة "إسرائيل" أو التطبيع معها والانبطاح أمامها.
يُجسِّد العمل السوري الدرامي "حارس القدس" سيرة حياة المطران السوري المقاوِم إيلاريون كبوجي، الذي نَذَرَ سنوات عُمره لدعم المقاومة سراً بالسلاح وعَلناً بالموقف. وهناك مواقف كثيرة مُشرِّفة في حياة المطران المقاوِم، لكم أن تتعرَّفوا إليها في المؤلّفات، أو تتابعوها في المسلسل الذي يُعرَض على أكثر من شاشةٍ عربيةٍ، أبرزها قناة "الميادين".
"حارس القدس" ليس عملاً لربح المال بقدر ما يمثّل تأكيداً لخيار المقاومة وحقّها في التاريخ، ليكون العمل توثيقياً لمحطات حياة المطران المقاوِم، التي تُمثّل نبراساً في طريق المقاومين، وتجسيداً لتذليل الحواجز بين الأديان في الوطن العربي.
تزامَن ذلك العمل الدرامي مع آخر بعنوان "أمّ هارون"، وهو عمل خليجي أنتجته مؤسّسة "MBC" السّعودية، ليُمثّل تبريراً لما قامت به الحركة الصهونية من اغتصابٍ لأرض فلسطين العربيَّة.
غَالَط العمل التاريخ في أول حلقة، عندما جسَّد مشهداً عبر الإذاعة لـ"قيام دولة إسرائيل على أرض إسرائيل"، والمعروف تاريخياً هو على أرض فلسطين. وربما ما يُعزِّز سير عمل "أمّ هارون" في طريق التطبيع مع "إسرائيل"، ترحيب صفحة "إسرائيل" بالعربية، التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، به، ودفاع المُتحدِّث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما يُعرَف باسم أفيخاي أدرعي، عن المسلسل وما تعرَّضت له بطلته من انتقاداتٍ عربيةٍ لاذِعة.
هذان العملان دخلا في الصراع بين المقاومة والتطبيع، وهو نتيجة مُتوقَّعة، وخصوصاً أن "حارس القدس" يمثّل المقاومة، و"أمّ هارون" يمثّل تبريراً للتطبيع مع "إسرائيل".
الكثير من المُثقَّفين العرب انتقدوا "أمّ هارون" والسعودية التي باتت تستثمر ما باستطاعتها لتلميع صورة "إسرائيل"، وتجد مُبرّرات لها لقتلها الشعب الفلسطيني، في الوقت الّذي أخذوا يشيدون بما أنتجته المؤسّسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني السوري في عمل "حارس القدس"، وبعضهم قارَب بين أمّ عطا المَقْدسية في "حارس القدس"، كرمزٍ للمقاومة والصّدق والحقّ، و"أمّ هارون" كمثال للكذب والنفاق والباطل.