انشقاقات "أحرار الشام".. الجولاني ينجح بتفكيك الحركة
ليست هذه المرة الأولى التي تنجح فيها هيئة "تحرير الشام" باستقطاب المنشقين عن حركة "أحرار الشام"، بسبب هشاشة البنية القيادية للحركة وعمق الخلافات بين أعضائها.
لم ينقذ تعيين قائد جديد لحركة "أحرار الشام"، التي تسيطر على مناطق في ريف إدلب شمال غرب سوريا، ما كانت تخشاه قيادات التنظيم دائماً، من تصدع الحركة وتسرب مسلحيها إلى مجموعات أخرى، فخلال أقل من شهر على تعيين "عامر الشيخ" خلفاً لـ "جابر علي باشا"، وفق تسوية تركية، سارع المئات للانضمام للجناح المنشق من الحركة الذي يقوده "حسن صوفان"، رجل أبو محمد الجولاني في الحركة، وأبرز وجوه القاعدة فيها.
"جبهة النصرة" (تحرير الشام) تخترق فصائل "أحرار الشام"، منذ سنوات، والراجح أن تتسارع الانشقاقات والبيعات للجولاني مع وضعه في كفة الميزان، نفوذه المتمدد في إدلب، وهو نجح عبر مسار طويل في تفكيك أكبر المجموعات المسلحة التي كانت تنازعه على قيادة "إمارة إدلب".
وهي ليست المرة الأولى التي تنجح فيها هيئة "تحرير الشام" باستقطاب المنشقين عن "أحرار الشام"، بسبب هشاشة البنية القيادية للحركة وعمق الخلافات فيها، على خلفية نزاعات عدة على المناصب القيادية، ما سمح بتقاربٍ بين التيار القاعدي في "أحرار الشام" مع قيادات مسلحي الجولاني.
ورغم نأي الحركة بنفسها عن قتال "النصرة" منذ تأسيسها، خشية الانقسام والاقتتال داخل تنظيم يتنازعه تياران؛ قاعدي وإخواني، إلا أن نزيف الانشقاقات كان لا بد منه، افتتحته المعارك بين الهيئة والحركة، عام 2017 والتي شهدت موجة انشقاقات في صفوف الحركة، أرجعها عدد من القيادات المنشقة حينها، إلى ما أسموه هشاشة التأهيل العقائدي في الحركة، على عكس "العمق العقائدي" في الهيئة.
لتعود موجة الانشقاق، للتسارع مجدداً قبل 3 أشهر، بين جناح حسن صوفان القاعدي، وآخر قاده جابر علي باشا الإخواني، الذي استقال تحت ضغط تركي، وتم تعيين عامر الشيخ، القريب من أنقرة، وقائد قطاع عملية "غصن الزيتون" التركية، بديلاً عنه، وذلك لتجنيب الحركة الانهيار الكامل، بتشكيل مجلس قيادة جديد، وهو ما لم يحصل..
لكن الانشقاقات لا تطال مؤيدي حسن صوفان فحسب، فنحو ألفي مقاتل من مسلحي حمص والغوطة الشرقية الذين لجأوا إلى إدلب انضموا إلى "الجبهة الشامية"، أكبر المجموعات الإخوانية بعد "أحرار الشام"، بعد تفاقم الخلاف مع الحركة إثر تعيين عامر الشيخ بدفع من الجولاني وقيادات قريبة من صوفان، بالإضافة إلى عدم التزام "الشيخ" بنص الاتفاق في عدم السماح بعودة أيٍ ممن شاركوا في الهجوم على مقرات الحركة في أريحا والفوعة، في شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت، بإسناد من "النصرة".
وتضم المجموعات المنشقة حديثاً، قوات خاصة ومرابطين، وتحدثت بعض التنسيقيات عن خروج مجموعات من إدلب وحلب وانضمامهم إلى "الجبهة الشامية" أيضاً.
توسعت "الجبهة الشامية"، بعد تحولها إلى ملجأ لكل المجموعات المنشقة بهدف إنقاذ رقابهم، وهي مجموعات غير متجانسة عقائدياً وقتالياً، لميولها الإخوانية أولاً، ولاختلاف مصادر تمويلها ثانياً، ومع توسع الجبهة بدأت التساؤلات عن موعد المعركة المقبلة بينها وبين "النصرة، وهل يمكن لإمارة الجولاني أن تتعايش معها لوقت طويل، أم ستشطبها كما فعلت مع غيرها، وكيف ستتعاطى تركيا والدول الممولة في الخليج، ولماذا تمت التضحية بأحرار الشام؟
وربما ما شجع على طرح التساؤلات أنها المرة الأولى، التي لم تتدخل فيها تركيا لضبط إيقاع الفصائل المسلحة في إدلب، وسمحت بتدمير حركة "أحرار الشام" التي مولتها ودعمت نفوذها في إدلب.
ويبدو أن تحويل إدلب إلى بؤرة لمسلحي القاعدة، أكثر ما تريده وتروج له أنقرة اليوم، لتساوم الجميع على أكثر البؤر السورية خطورة.