الانتخابات التركية على خط الزلزال.. هل من ضحية؟

أُعلنت حالة الطوارئ في 10 مقاطعات تركية، ومن المتوقع أن تنتهي قبل أسبوع تقريباً من الانتخابات الرئاسية، فهل تُجرى هذه الانتخابات في موعدها؟ وما مزاج سكان المناطق المنكوبة؟ ولمن سيصوتون؟

  • الانتخابات التركية على خط الزلزال.. هل من ضحية؟
    الانتخابات التركية على خط الزلزال.. هل من ضحية؟

في حين يلمّ أهالي مقاطعات كهرمان مرعش وهاتاي وغازي عنتاب وعثمانية وملاطية وأديامان وأضنة وديار بكر وكيليس وشانلي أورفا أشلاء ضحاياهم، ويسعفون مصابيهم، ويكفكفون دموعهم، يُلاحَظ أنَّ لسان حال من هم خارج دائرة الزلزال - الكارثة هو الحزن الممزوج بالغضب.

حتى كتابة هذه السطور، كان الكثير من ضحايا زلزال كهرمان مرعش لا يزالون تحت الأنقاض. والمفارقة أنَّ هذه الأنقاض أعادت إلى السطح تحذيرات قديمة جديدة لجيولوجيين أتراك، بعضهم رحل، مثل البروفيسور إحسان كيتين الذي اكتشف الهيكل الحقيقي لخطِّ صدع شمال الأناضول بعد سنوات قضاها في الميدان في مطاردة الزلازل المتسلسلة، والبروفيسور أيكوت بركا، وبعضهم الآخر لا يزال يدلو بدلوه العلمي، مثل البروفيسور جلال شنغور وخبير الزلازل ناجي غورور. أعيدت كلماتهم وتحذيراتهم على مسامع من هم على قيد الحياة، ولكن ماذا عمن فارقها؟

بعد ساعات على الزلزال، خرج الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ليصف الزلزال بأنه أكبر كارثة في العالم، مهدداً بأنه سيفتح دفتر ملاحظاته في الوقت المناسب لمحاسبة من قام بنشر الأكاذيب والأضاليل. الوصف المستخدم لم يعجب الكثيرين من الأتراك، فعجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالرد عليه، مستهجنين وضع نفسه في موقع الضحية والمنتقم في ما بعد.

كانت وجهة نظرهم تقول إنَّ أعظم كارثة هي الأبنية والمستشفيات ومراكز الشرطة والمطارات التي شيدت في منطقة تنشط فيها الزلازل. وعلى الرغم من ذلك، لم يتم أخذ معايير البناء المقاوم للزلازل بعين الاعتبار، مستحضرين اليابان كمثال. ومن مآخذهم أيضاً قلق الرئيس مما يقوله الناس أكثر من قلقه من مدى سرعة استجابة سلطات بلاده وأجهزتها ومؤسساتها للزلزال وتداعياته. 

الغضب المرافق لهذه الكارثة أعاد فتح ملفات عدة، منها أنَّ ادّعاء السلطة القوةَ لم ينعكس تنظيماً على الأرض لاحتواء الكارثة، ما أعاد إلى الواجهة إلغاء بروتوكول "مساعدة الأمن والنظام العام"، المعروف باسم "EMASYA"، عام 2010.

هذا البروتوكول كان قد وقع بين وزارة الداخلية وهيئة الأركان العامة، وهو يسمح للجيش بالتدخل الفوري في حال الحاجة إليه بعد أخذ إذن السلطات المحلية المدنية، إضافة إلى تسهيل التعاون بين جميع المؤسسات في حال وقوع فيضانات أو حرائق أو كوارث طبيعية، وهذا ما لم يتلمّسه الناس بالسرعة المرجوة. رسائل الاستغاثة اليائسة تحديداً من هاتاي لا تُعد ولا تُحصى. 

النظام الاقتصادي المعمول به في البلاد لم يسلم من النقد أيضاً، فقد صوّب الأتراك نقدهم على الرأسمالية وما أنتجته من لاأخلاقية، عبر جشع لامتناهٍ ونظام سوق حر من دون حسيب أو رقيب وملكية خاصة غير محدودة، متسائلين عن الضرائب التي تم تحصيلها لتعويض الخسائر الاقتصادية بعد زلزال جولجوك ودوزجي عام 1999؟ 

هذا غيض من فيض ما أثير في الساعات القليلة الماضية، ولكنَّ الأهم هو الحديث عن ضرورة المحاسبة في ظل الحطام السياسي في البلاد، إذ يسحق الشعب تحت ركامه هذا الحطام، بحسب تعبير الكاتبة زُلال كالكانديلين. والمحاسبة في دولة كتركيا لا تكون إلا من خلال صناديق الاقتراع التي سيتوجه إليها المواطن التركي في شهر أيار/مايو المقبل، ولكن بالتأكيد ما قبل زلزال الأناضول، وهو بمنزلة "البجعة السوداء"، ليس كما بعده.

اليوم، أُعلنت حال طوارئ في 10 مقاطعات في البلاد لمدة 3 أشهر، ومن المتوقع أن تنتهي قبل أسبوع تقريباً من الاستحقاق المنتظر. بدايةً، هل تُجرى الانتخابات في موعدها؟ وهل تنتهي حال الطوارئ فعلاً بعد انقضاء المدة أو سيتم تمديدها، كما حصل بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016؟ هل تُجرى الانتخابات في المناطق المتضررة؟ ما مزاج سكان هذه المناطق المنكوبة؟ وهل هناك تغيير في الولاءات؟ لمن سيصوتون؟ وماذا عن تأمين تكلفة إجراء الاستحقاق في ظل وضع اقتصادي صعب أضيفت إليه حمولة الإنقاذ وإعادة إعمار ما هُدم؟

التساؤلات كثيرة، وقد تتعمق مع انجلاء غبار الكارثة وكيفية الاستجابة لها على مدار الأيام المقبلة، ولكن أيضاً ماذا عن المعارضة الممثلة بطاولة الستة؟ 

حتى الساعة، هناك كلام كثير يتمحور حول ضرورة الوحدة والتضامن، ويحسب لها أنها أعطت ملف الزلازل حقه في خريطة الطريق التي أعلنتها في 30 كانون الثاني/يناير المنصرم. فتحْتَ خانة "إدارة الكوارث"، تمت الإشارة إلى مشاريع التعزيز وإعادة البناء في المدن التي ترتفع فيها مخاطر الزلازل والكوارث الطبيعية. 

ولكن، ولأن الجميع يُكثرون من الكلمات، فإن العبرة تكمن في الأفعال والدروس المستفادة، والعين اليوم على تحصين إسطنبول وناسها وهي في عهدة حزب الشعب الجمهوري المعارض.

زلزال مدمر ضرب أجزاءً واسعة من سوريا وتركيا، ودمر الآلاف من المباني وحصد الآلاف من الأرواح في البلدين، في هذه الصفحة تجد كل الأخبار والمستجدات والتقارير المرتبطة بالزلزال.